مستقبل "داعش" الاقتصادي

مستقبل "داعش" الاقتصادي

07 يناير 2015
داعش يتمدد كقوة اقتصادية عظمى (أرشيف/getty)
+ الخط -

لا تتمثل خطورة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، في النجاحات العسكرية التي حققها، ولكن في استراتيجية تفكيره المختلف عن كل معارضي الأنظمة العربية القائمة، فهو يسعى إلى إزالة الأنظمة الحالية بشكل كامل وطرح نفسه بديلاً عنها.

 وهو ما لا نلاحظه من خلال تبنيه استبدال المؤسسات القائمة بأخرى من صنعه، إذ لم يكتف بالسيطرة المسلحة على المناطق التي يستولي عليها، ولكنه يقوم بإنشاء نظام أمني وسياسي واقتصادي وإعلامي بل ومجتمعي بديل.

واللافت للنظر ما أقره داعش العراق من موازنة متكاملة بقيمة ملياري دولار وفائض 250 مليون دولار، كما كشف عن بعض مصادر الدخل وأوجه الإنفاق، وقبلها أعلن عن بيع شحنات نفط وفرض ضرائب وإقامة مصارف، بل واعتزامه إصدار عملة جديدة.

فالموضوع إذاً ليس عشوائياً أو فوضوياً، فهذا التنظيم الذي تتزايد شعبيته رغم المخالفات التي يرتكبها، لم يستند فقط إلى السلاح من أجل فرض هيمنته على المناطق التي يسيطر عليها، بل يحاول أن يطرح حلولاً بديلة للمجتمع الذي عانى قسوة الحياة في ظل الأنظمة المستبدة التي لم تترك جريمة صغيرة أو كبيرة إلا ارتكبتها، فقد قتلت عشرات بل مئات الآلاف كما حدث في سورية والعراق وغيرهما، واعتقلت مئات الآلاف وشردت الملايين، وسرقت ثروات البلاد وأكثرت فيها الفساد.

وبالتالي فتح فساد وهشاشة الأنظمة العربية القائمة الباب على مصراعيه أمام داعش لطرح نفسه بديلا، والسؤال المهم هنا هل ستنجح القوة الجديدة في استكمال مشروعها؟ أم فقط ستكتفي بإحداث هزة للأنظمة القائمة لتزيد من أحلام الغرب لتفتيت المفتت وتقسيم المقسَّم في المنطقة العربية؟
من وجهة نظري، ورغم نجاح "داعش" عسكرياً واقتصادياً، فإنه سيواجه تحديات صعبة متمثلة في الحصار الغربي والعربي لها، وعدم وجود ظهير واضح لمساندته ودعمه، فهو يعتمد على الظهير الشعبي الغاضب من فجور الأنظمة العربية الفاسدة.

ولا ننسى أن قطاعات كبيرة من شعوب المنطقة أُحبطت بعد فشل الموجة الأولى من ثورات الربيع العربي التي اعتمدت على السلمية.

وفي كل الأحوال، سيطول أمد داعش وستزداد قوته في ظل خططه الاستراتيجية، ولا سيما نجاحه النسبي في المجال الاقتصادي الذي يوفر له التمويل اللازم لعملياته العسكرية، ويكفيها حسب ميزانيته المعلنة مؤخراً، أنه حقق ربع مليار دولار فائضاً سيستخدمه في تحسين أدائه العسكري وتحقيق نجاحات جديدة.

المساهمون