خطة لجذب ملايين السياح... هكذا تكسّر قطر الحصار

خطة لجذب ملايين السياح... هكذا تكسّر قطر الحصار

09 اغسطس 2017
مطار حمد الدولي (معتصم الناصر/ العربي الجديد)
+ الخط -
يبدو أن قطر التي دخلت الشهر الثالث لحصار تفرضه ثلاث دول خليجية ومصر، قد وجدت في الأوضاع الراهنة فرصة سانحة للتوسع في قطاع السياحة، في إطار استراتيجية جديدة تستهدف جذب ملايين الوافدين الجدد، ما يشكل تحدياً جديداً لا يخلو من فوائد كبرى، على رأسها تنويع الدخل المحلي.
وأعلنت كل من وزارة الداخلية القطرية والهيئة العامة للسياحة والخطوط الجوية القطرية أن قطر سوف تسمح لمواطني 80 دولة بالدخول إلى أراضيها دون الحاجة لتأشيرة دخول، وذلك اعتباراً من الأربعاء.
ولن يتعين على مواطني تلك البلدان ممن يرغبون في زيارة قطر التقدم بطلب للحصول على تأشيرة دخول أو سداد رسوم؛ بل سوف يُمنحون مجاناً إعفاءً من التأشيرة لدى وصولهم إلى منفذ الدخول وتقديمهم جواز سفرٍ سارٍ لا تقل صلاحيته عن ستة أشهر وتذكرة سفر مؤكدة لمتابعة الرحلة أو تذكرة ذهاب وعودة.
وحسب جنسية الزائر، سوف يكون الإعفاء من التأشيرة سارياً لمدة 180 يوماً من تاريخ الإصدار، ويُسمح بموجبه للزائر بقضاء 90 يوماً في قطر (إعفاء متعدد الدخول)؛ أو سيكون سارياً لمدة 30 يوماً من تاريخ الإصدار.
ويَمنح الزائر الحق في قضاء مدة لا تتجاوز 30 يوماً في قطر مع إمكانية التقدم بطلب لتمديد الإعفاء 30 يوماً إضافياً (إعفاء متعدد الدخول).
وتأتي هذه التطورات ضمن سلسلة من التدابير التي اتخذتها دولة قطر لتسهيل وصول الزوار إلى أراضيها. ففي الشهر الماضي، أطلقت دولة قطر منصةً للتأشيرة الإلكترونية تسمح للمسافرين من جميع الجنسيات بتقديم طلباتهم عبر هذه المنصة مباشرة للحصول على التأشيرة السياحية وتأشيرة الزيارة في ظل نظام أكثر كفاءة وشفافية.
ويتم النظر حالياً في تطبيق المزيد من التسهيلات في سياسة التأشيرات، مثل إعفاء حاملي تصريح الإقامة أو التأشيرة السارية لدول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والبحرين وسلطنة عُمان والكويت والإمارات)، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، أو بلدان اتفاقية شنغن.
وسوف يتيح هذا الإعفاء للزوار المؤهلين الحصول على إخطار سفر إلكتروني من خلال تعبئة طلب عبر الإنترنت قبل 48 ساعة على الأقل من السفر.
وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية، أكبر الباكر، إن الإجراء الجديد يضع قطر على رأس الدول المنفتحة للسياحة في المنطقة، حيث إن عدد الجنسيات التي يحق لها الدخول إلى قطر دون تأشيرة أصبح الآن هو الأعلى في المنطقة.
وأضاف أن الخطوط الجوية القطرية هي الناقلة الوطنية لدولة قطر، وأن الإجراء الجديد يمهد لنقل ملايين المسافرين كل عام إلى الدوحة، مشيراً إلى أن المبادرة التي أطلقتها وزارة الداخلية والهيئة العامة للسياحة تتيح الفرصة لاستقبال المزيد من الزوار من العديد من الدول لاستكشاف الأماكن والوجهات السياحية في قطر.
وحول مواطني دول الخليج الثلاث التي تحاصر قطر (السعودية، الإمارات، البحرين)، قال الباكر: "نرحب بهم جميعاً وفي كل وقت، كثير من مواطني هذه الدول الثلاث رفضوا مغادرة الدوحة".
وأظهرت بيانات متخصصة أن قطر تعد الأسرع نمواً في قطاع السياحة عربياً، متوقعة تحقيقها إيرادات بنحو 18 مليار دولار خلال عام 2030.
وقالت شركة "ريد اكزيبشنز" المتخصصة في المعارض وبيانات السياحة، في تقرير حديث، إن قطر تستهدف استقبال 10 ملايين سائح بحلول 2030، مشيرة إلى أن الدوحة تستهدف زيادة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى توليد 98 ألف فرصة عمل وتوفير أكثر من 63 ألف غرفة فندقية خلال السنوات الـ13 المقبلة.

وقال رئيس قطاع تنمية السياحة في الهيئة العامة للسياحة بقطر، حسن الإبراهيم، إن تسهيل الدخول إلى قطر يمثل عنصراً حاسماً ضمن الاستراتيجية الوطنية لقطاع السياحة في قطر، والتي تقوم الهيئة حالياً بمراجعتها بالتعاون مع شركائها في القطاعين العام والخاص.
وفي ظل هذا الاهتمام المتجدد الذي توليه قطر لتنويع موارد الاقتصاد الوطني، فمن المقرر أن يتم إطلاق استراتيجية جديدة في 27 سبتمبر/ أيلول المقبل، يتم بموجبها تمكين العديد من الشركات من تعزيز النمو في القطاع السياحي، وذلك حينما تستضيف الدوحة الاحتفالات الرسمية لليوم العالمي للسياحة.
وقال الإبراهيم: "لا شك أن هذه الخطوة سوف تمثل علامة فارقة على طريق تطوير صناعة السياحة في قطر وتنميتها. انتقلنا بالفعل إلى المرحلة القادمة من مسيرة قطر نحو 2030. وقد عملنا مع شركائنا من أجل استكشاف جميع العناصر اللازمة لخلق تجربة سياحية جاذبة وقادرة على استقطاب الزوار من جميع أنحاء العالم".

وتشير توقعات الهيئة العامة للسياحة في قطر إلى ارتفاع إجمالي مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 48.5 مليار ريال (13.3 مليار دولار) في 2015 إلى 81.2 مليار ريال (22.3 مليار دولار) بحلول العام 2026.
وتسعى قطر لاستثمار 45 مليار دولار في تطوير مشاريع جديدة في إطار الاستراتيجية الوطنية لقطاع السياحة 2030، منها 2.3 مليار دولار لتطوير المرافق الرياضية ومشاريع البنية التحتية والنقل المخصصة لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.
وقال الإبراهيم: "مع وجود 80 دولة يحق لمواطنيها الإعفاء من تأشيرة الدخول، أصبحت قطر الآن هي أكثر دول المنطقة انفتاحاً".
ومن ناحيته، علَّق العميد محمد أحمد العتيق، مدير عام الإدارة العامة للجنسية والمنافذ وشؤون الوافدين، قائلاً: "مواطنو 80 دولة قد أصبحوا مؤهلين الآن للإعفاء من التأشيرة ويمكنهم الوصول إلى قطر دون الحاجة إلى أي ترتيبات مسبقة للتأشيرة". وأضاف أن الإدارة العامة للجنسية وشؤون الوافدين تعمل مع الهيئة العامة للسياحة والخطوط الجوية القطرية على تعزيز سياسة التأشيرات في قطر، وتسعى لتطبيق الحلول التي يمكنها تسهيل السفر إلى قطر، كما تجري حالياً دراسة المزيد من التسهيلات التي من المرتقب الإعلان عنها في الوقت المناسب.
وكانت قطر قد أطلقت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، تأشيرة عبور مجانية يُسمح بموجبها للمسافرين الذين يقضون خمس ساعات على الأقل في مطار حمد الدولي بالبقاء في قطر لمدة تصل إلى 96 ساعة (أربعة أيام).
وفي مايو/ أيار 2017، أطلقت الهيئة العامة للسياحة حملة "+ قطر"، وذلك بهدف الترويج للدولة كمحطة توقف بالتعاون مع الناقل الوطني الخطوط الجوية القطرية. وقد أدت هذه الإجراءات، بالإضافة إلى الجهود التسويقية المكثفة التي تبذلها الهيئة على الصعيد الدولي، إلى زيادة نسبتها 39% في عدد الزوار الذين توقفوا في قطر خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2017، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي 2016.
وشكلت الاستثمارات في قطاع السفر والسياحة القطري ما نسبته 2.2% من إجمالي التمويل في البلاد في 2015، ومن المتوقع أن ترتفع بنسبة 8.6% سنوياً حتى العام 2026.
وبحسب "ريد اكزيبشنز"، فإن قطر تعتبر الوجهة الأسرع نمواً في المنطقة، من حيث عدد الزائرين، بمتوسط نمو 11.5% على مدى السنوات الخمس الماضية، وذلك وفقاً للبيانات الصادرة عن الهيئة العامة للسياحة.
ويبلغ عدد الغرف الفندقية في قطر حالياً 22.9 ألف غرفة، ومن المقرر أن يرتفع بنسبة 69% خلال الفترة المقبلة في ظل وجود 15.9 ألف غرفة قيد التخطيط.
وأطلقت القطرية رحلاتها المباشرة إلى صُحار في سلطنة عُمان، أول من أمس، كما أطلقت أيضاً رحلاتها المباشرة إلى دبلن في جمهورية إيرلندا، ونيس في فرنسا وسكوبيه أخيراً، لتعطي الفرصة للمزيد من المسافرين للسفر إلى المزيد من الأماكن، وزيارة دولة قطر كجزء من رحلتهم.
وبجانب السياحة الوافدة لا سيما الخليجية، كشفت وزارة الاقتصاد والتجارة القطرية، في بيان صادر في فبراير/ شباط الماضي، عن ارتفاع إنفاق المواطنين والمقيمين على السياحة الداخلية من 7.2 مليارات ريال (2 مليار دولار) في عام 2011 إلى 11.6 مليار ريال (3 مليارات دولار) في 2015.
وتشير تقارير دولية إلى الآفاق المستقبلية الواعدة للقطاع السياحي ودوره التنموي، لا سيما في ضوء الفعاليات التي ستنظمها دولة قطر خلال السنوات المقبلة، وفي مقدمتها بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.

كسر الحصار
وفي سياق آخر، قال رئيس الخطوط الجوية القطرية، أكبر الباكر، إن الناقل الجوي القطري يتجه لمطالبة الدول المحاصرة بأكبر التعويضات الممكنة جراء التمييز الذي تعرضت له الشركة، حيث رفضت هذه الدول السماح للخطوط القطرية بالتحليق فوق أجوائها أو استخدام مطاراتها، في تمييز مرفوض دولياً.
وقال الباكر إن الحصار أضر بشركات الطيران التابعة لدول الحصار كما هو الحال مع الخطوط القطرية، وأن زعماء هذه الدول ارتكبوا خطأ جسيماً حينما فرضوا هذا الحصار.
وأضاف الباكر قائلاً: "حكومات هذه الدول يعرفون أنهم على خطأ، لذلك حاولوا تكميم أفواه شعوبهم بقرار الحبس 15 عاماً لمن يتعاطف مع قطر، ولو رفع هذا القرار سوف تجدون أن كثيرين من مواطنيهم يتعاطفون مع قطر".
وفي ما يتعلق بصفقة القطرية مع شركة أميركان إيرلاينز، قال الباكر إن الشركة القطرية كان بإمكانها أن تحصل على نسبة 4.75% ولكنها كانت ترغب في شراء 10% من أسهم الشركة الأميركية على الأقل، ذلك قرار كان يستلزم موافقة مجلس الإدارة وهو ما لم يحدث.
وتراجعت الخطوط الجوية القطرية عن خطة لشراء حصة تقارب 5% في شركة "أميركان إيرلاينز" بعدما رأت أن الاستثمار لا يلبي الأهداف المطلوبة.
وقالت الخطوط القطرية الأسبوع الماضي، إنها اتخذت قرار عدم المضي قدماً في هذا الاستثمار الذي أعلنته سابقاً "بعد دراسة إمكانيات الاستثمار من شتى النواحي والأخذ بعين الاعتبار البيانات المالية المعلنة أخيراً للخطوط الجوية الأميركية".
يذكر أن أميركان إيرلاينز ألغت اتفاقية تشارك الرموز مع الخطوط القطرية وشركة الاتحاد الإماراتية الشهر الماضي بسبب ما تراه الشركة الأميركية دعماً حكومياً غير قانوني تحصل عليه شركات الطيران الخليجية. وقد زادت الخطوط القطرية قبل نحو عام من حصتها في مجموعة "آي أي جي" المالكة للخطوط الجوية البريطانية إلى 20%.



المساهمون