التأميم يُخيف الاستثمارات.. التحفظ يتجاوز "الإخوان" ويطاول شركات بارزة

التأميم يُخيف الاستثمارات بمصر.. التحفظ يتجاوز "الإخوان" ويطاول شركات بارزة

24 اغسطس 2017
مخاوف من تداعيات سلبية لقرارات التحفظ (فرانس برس)
+ الخط -
ساد القلق أوساط المستثمرين بمصر بعد قرار فرض التحفظ على أموال 18 شركة بزعم انتمائها للإخوان، وحذر رجال أعمال من تداعيات القرار على النشاط الاقتصادي بسبب تزايد وتيرة التأميم للمشروعات الخاصة، مؤكدين أن أصحاب معظم الشركات التي تم التحفظ عليها هذه المرة لا ينتمون للإخوان أو أي تيار سياسي، وتمتلك هذه الشركات حصصا سوقية كبيرة في قطاعات مهمة، ما يفاقم الآثار السلبية. 

وانتقد رجال الأعمال تضارب الإجراءات الحكومية، إذ إنها تدعي إطلاق حوافز لجذب المستثمرين المحليين والأجانب وفي الوقت نفسه تتخذ إجراءات استثنائية تخيفهم.

وقررت لجنة حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان، منتصف الأسبوع الجاري، التحفظ على أموال رجل الأعمال علي فهمي طلبة، رئيس مجلس إدارة مجموعة "دلتا" المالكة للاسم التجاري "راديو شاك" داخل مصر، و18 شركة أخرى، من بينها شركة دلتا آر إس للتجارة، وشركة كمبيوتر شوب للتوزيع، وشركة موبايل شوب للتوكيلات التجارية، وكمبيو مي مصر لتكنولوجيا المعلومات، ودلتا للاتصالات.

كما أسندت اللجنة إلى شركة "أخبار اليوم" الحكومية للاستثمار إدارة مكتبات "ألف" المملوكة لرجل الأعمال والخبير الاقتصادي، عمر الشنيطي، وصحيفتي "البورصة"، و"إيجيبت ديلي نيوز"، المملوكتين لرجل الأعمال والصحافي، مصطفى صقر.

ومنذ ثورة 25 يناير 2011 اتبعت الحكومات المتعاقبة قرارات التحفظ على الأموال والشركات، ففي أعقاب الثورة قامت الحكومة بالتحفظ على أموال وشركات رموز نظام مبارك بسبب تهم فساد، إلا أنه تمت إعادة معظم الشركات والأموال إليهم مرة أخرى بعد التصالح معهم. وبعد 2013 تم التحفظ على عدد من الشركات بحجة أنها تتبع رموز نظام الإخوان، مثل صفوان ثابت وحسن مالك والشاطر وغيرها من الشركات.

وفي هذا السياق، طالب رئيس غرفة الصناعات الغذائية، محمد شكري، الحكومة بالخروج بتفاصيل تلك الشركات وإيضاح أسباب التحفظ بكل شفافية لإغلاق الباب أمام الشكوك بأن الحكومة تتصيد الشركات الناجحة وتتجه للعودة إلى عصر التأميم.

وقال شكري لـ"العربي الجديد"، إن من حق مجتمع الأعمال معرفة تلك التفاصيل، خاصة أن قرارات التحفظ نهائية واشتملت على أسماء لشركات ورجال أعمال غير معروف عنهم الانتماء لجماعة الإخوان.

وتابع أنه يجب توضيح حجم تمويلات الإخوان في تلك الشركات إن وجد، مضيفاً أن مصلحة الدولة أهم ولكن في حالة ثبوت عدم صحة ذلك تكون الشركة قد خسرت كثيرا حيث تتأثر أسهمها في السوق فضلا عن مقاطعة البعض للشراء منها.

وأكد الخبير الاقتصادي وائل النحاس، لـ"العربي الجديد"، أن تلك القرارات خاطئة وتتعارض مع خطة الدولة لجذب الاستثمارات. وتساءل: كيف تتعامل الحكومة مع الاستثمار بقرارات متضاربة بعضها يرغب في الاستثمار والبعض الآخر يطردها؟

واعتبر النحاس أن تلك القرارات تمثل نوعا من التأميم غير المباشر، وستكون لها تداعيات سلبية على الاستثمار في مصر، حيث لم تدرس بشكل جيد، لأن غالبية تلك الشركات في قطاع الاتصالات، وهو قطاع قائد في النمو الاقتصادي، وعدد الشركات التي جرى التحفظ عليها ضمن هذا القطاع كبير وسيتأثر حتما بتلك القرارات.

وقال النحاس إن تلك القرارات تشبه القرارات التي اتخذها عبد الناصر، معتبرا أن ذلك طارد للاستثمار الأجنبي. وتابع: إن تلك القرارات ستجعل المستثمر يراجع قراراته.

وكان "العربي الجديد" قد كشف، في 27 يوليو/تموز الماضي، عن اتجاه الحكومة المصرية للتخفف من أعباء إدارة أموال وأملاك رجال الأعمال المتهمين بالانتماء إلى "الإخوان"، من خلال بحث سبل استثمارها اقتصادياً، عن طريق التأجير أو منح حق الإدارة والانتفاع لجني مزيد من الأرباح.

وذلك مع تقليص المشاركة الحكومية في إدارة الكيانات الاقتصادية المتحفظ عليها منذ مطلع 2014، بعدما منيت تلك الكيانات بخسائر فادحة، نظراً لضعف إمكانيات الجهات الحكومية التي أوكلت إليها مهمة إدارة هذه الكيانات، وعلى رأسها قطاع مدارس 30 يونيو، التابع مباشرة لوزير التعليم، الذي أصبح مشرفاً على المدارس المتحفظ عليها، والتي كانت ذات طابع إسلامي.

وكذلك وزارة الصحة التي تشرف على إدارة المستشفيات والعيادات والمستوصفات المتحفظ عليها، والشركات القابضة التي تشرف على إدارة سلسلة المحلات التجارية والمصانع المتوسطة والصغيرة المملوكة لجماعة "الإخوان" والمتهمين بتمويلهم.

وأوضح أستاذ الاستثمار والتمويل هشام إبراهيم، لـ"العربي الجديد"، أن قرارات التحفظ على الأموال مؤثرة على مناخ الاستثمار خاصة الشركات المدرجة منها في البورصة، حيث ستهبط أسعار أسهمها إلى أقل قيمة بعد قرارات التحفظ عليها.

وأشار إلى ضرورة أن يكون هناك مزيد من الشفافية من قبل الحكومة المصرية في توضيح أسباب تلك القرارات وكيفية التعامل معها.

وفي المقابل، قال الرئيس الشرفي لجمعية رجال الأعمال المصريين، حسين صبور، لـ"العربي الجديد"، إنه لا تعليق على أحكام القضاء بشأن التحفظ على تلك الشركات، حيث إن اللجنة القضائية المختصة تملك أسباب ذلك، لافتا إلى أنه لا أحكام نهائية بهذا الشأن حتى الآن.

وعن التأثير على مناخ الاستثمار، أكد صبور أن العبرة في الإجابة عن السؤال التالي: هل ستغلق الحكومة تلك الشركات أم ستواصل عملها في السوق مؤدية دورها نفسه، ما لا يؤثر على المناخ الاستثماري في مصر؟

وشدّد على ضرورة استمرار تلك الشركات في عملها، سواء صدر حكم نهائي بالتحفظ أم لا، بحيث لا يؤثر على القطاعات التابعة لها وبالتالي حدوث أزمة أو احتكار للبعض داخل القطاع.

وقال إن المستثمر الأجنبي لا ينظر لتلك القرارات التي تخص سيادة الدولة وإنما ينظر للفرص الاستثمارية والحوافز المتاحة وسرعة الإجراءات، وهي المعيار الحقيقي في جذب الاستثمار من عدمه خلال المرحلة المقبلة. ووصف إجراءات الحكومة في إصدار قانون الاستثمار والخريطة الاستثمارية بأنها ينقصها التطبيق العملي على أرض الواقع.

ويرى مصدر قضائي في وزارة العدل هناك ظاهرة أخرى آخذة في التنامي، هي التحفظ على الشركات والمصالح التجارية أياً كانت نسبة الأسهم المملوكة بها للأشخاص المتحفظ عليهم.

فطلبة على سبيل المثال ليس المالك الوحيد لمتاجر "دلتا"، ولا يشمل التحفظ أياً من شركائه، غير أن "لجنة الأموال" وسعت سلطتها مرة أخرى وتحفظت على الشركة بالكامل، وهو ما حدث سابقاً مع لاعب كرة القدم السابق، محمد أبو تريكة، الذي تم التحفظ بالكامل على شركة السياحة التي يشارك فيها.

المساهمون