مأزق الاقتصاد البريطاني... التراجع للمركز السادس لصالح فرنسا

كيف فقد الاقتصاد البريطاني ترتيبه الخامس لصالح فرنسا؟

23 نوفمبر 2017
متسوقون في متجر سيلفريدج بلندن (Getty)
+ الخط -
سيعاني الاقتصاد البريطاني العديد من الصعوبات وهو يتجه للخروج من أوروبا، وسط تباطؤ النمو الاقتصادي وتعثر مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست" وتدني معدل الإنتاجية.

وفي أولى المؤشرات على هذه الصعوبات، تراجع حجم الاقتصاد البريطاني إلى المركز السادس في ترتيب أكبر الاقتصادات بالعالم في عام 2017، حسب ما ذكر وزير الخزانة فيليب هاموند، لشبكة "سي إن إن" اليوم الخميس.

واعتمادا على بيانات صندوق النقد الدولي، فإن بريطانيا حلّت بعد فرنسا في التصنيف، إذ بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي الفرنسي 2.575 تريليون دولار، في حين بلغ الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا 2.565 تريليون دولار.

وتشير وزارة الخزانة البريطانية إلى أنه على الرغم من صغر الفارق، إلا أن فرنسا ستعزز موقفها في العام المقبل لتتجاوز بذلك منافستها بريطانيا للمرة الأولى منذ عام 2013.
ووفقاً للوزير هاموند، تظهر الإحصاءات الرسمية تباطؤاً حاداً في النمو الاقتصادي في بريطانيا بسبب إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتراجع قيمة الجنيه الإسترليني، وانخفاض الإنفاق الاستهلاكي، وسط تزايد في الأسعار.

وحسب تصنيفات صندوق النقد الدولي لعام 2017، تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى كأقوى اقتصاد في العالم (الناتج المحلي الإجمالي 19.4 تريليون دولار)، تليها الصين (11.9 تريليون دولار)، واليابان ثالثاً (4.9 تريليونات دولار)، بينما جاءت ألمانيا رابعاً (3.7 تريليونات دولار).

وشهد النمو الاقتصادي البريطاني تراجعاً بسبب القلق من تبعات الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، لكن في الواقع لا يبدو أن مفاوضات "بريكست" هي المشكلة الوحيدة لبريطانيا، بل تعاني البلاد كذلك من المستوى الضعيف للإنتاجية، وهو ما يسبب الصداع لوزير الخزانة البريطانية هاموند ويحد من قدرته على المناورة في تمويل الإنفاق.

ووفقاً لأرقام نشرتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) يوم الإثنين، فقد بلغ معدل نمو إجمالي الناتج المحلي السنوي في بريطانيا 1.5%، وهو المعدل الأبطأ بين الدول الصناعية السبع الغنية، وهي كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة.

وحسب تقرير المنظمة، هبطت بريطانيا من ثاني أعلى موقع في نمو المجموعة عام 2016، إلى آخرالترتيب. وكان معدل الإنتاجية البريطاني ينمو بنسبة 2% سنوياً، لكن معدل النمو هبط، وحسب تقديرات مكتب الميزانية، إلى 1.6%. وجعلت أرقام الإنتاجية تهبط بدرجة كبيرة وتهدد نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وسجل اقتصادا ألمانيا وفرنسا نسبتي نمو بالإنتاجية أكثر من بريطانيا، رغم أن بريطانيا متفائلة بالهبوط الكبير في معدل البطالة، مقارنة بنظيراتها في مجموعة السبع الغنية.

وعلى الرغم من أن نسبة العاطلين من العمل في فرنسا أكبر منها في بريطانيا، حيث تبلغ أكثر من 10%، حسب الإحصائيات الرسمية لمفوضية الاتحاد الأوروبي، بينما السبة في بريطانيا تبلغ 4.3%، وهي الأدنى على مدى 42 عاماً، إلا أن هذه النسبة المنخفضة لم تساعد بريطانيا في زيادة معدل الاستثمار في الاقتصاد كما ينبغي.

يذكر أن مكتب الميزانية البريطانية، وهو مكتب مراقبة الإحصاءات الرسمية، وضع إحصاءاته للسنوات الست المقبلة على افتراض أن الإنتاجية ستعود لمسارها بالنمو بمعدل 2%. وتوقع هذا المكتب في مارس/آذار الماضي، أن تنمو الإنتاجية بمعدل 0.2% خلال السنوات الـ5 المقبلة. لكن يبدو أن المكتب سيضطر لتعديل توقعاته لنمو الإنتاجية إلى نسبة 1.6%، وهو ما يعني أن التوقعات الجديدة للإحصائيات الحكومية ستتغير جميعها خلال الفترة المقبلة.

في هذا الصدد أكد المستشار الاقتصادي في مؤسسة إرنست آند يونغ لتدقيق الحسابات في لندن، هوارد آرتشير، أن "المشكلة التي يواجهها وزير الخزانة هاموند هي أن مكتب مسؤولية الميزانية قد أعلن أنه سيقلل توقعاته حول الإنتاجية".

وأضاف "توقعات المكتب حول نمو الإنتاجية تعني أن الأمور لن تظل على ما هي عليه، وأن الأرقام المالية العامة ستعدل للأعلى على المدى المتوسط، كما أنه سيخفض توقعاته للنمو، بما يؤثر على العوائد الضريبية للحكومة".

وأضاف أن هاموند سيكون لديه أموال أقل ليتصرف بها في الميزانية. وكانت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية قد توقعت في تقريرها اليوم، أن وزارة الخزانة ستحتاج لاقتراض 90 مليار إسترليني لتلبية حجم الإنفاق في الميزانية التي أعلنت عنها يوم الأربعاء الماضي. ويذكر أن بريطانيا تواجه قضية تسوية فاتورة بريكست، حيث يطالب الاتحاد الأوروبي بمبلغ 60 مليار إسترليني، فيما تعرض بريطانيا مبلغا أقل يبلغ 40 مليار استرليني، وهو ما يرفضه الاتحاد.

وفي حال رفض الاتحاد الأوروبي للعرض البريطاني في اجتماع منتصف ديسمبر/كانون الأول المقبل، فإن بريطانيا ستضطر للموافقة على دفع المبلغ الذي تطالب به المفوضية حتى لا تؤجل مفاوضات الترتيبات التجارية إلى أكثر من ذلك، وهو ما قد يمثل إرهاقاً للموازنة العامة في المملكة المتحدة.

وكان وزير الخزانة البريطاني أعلن في ميزانية الأربعاء أنه يريد حل مشكلة الإسكان وبناء 300 ألف منزل جديد سنوياً لمعالجة أزمة المساكن، لكن هنالك شكوكا في أن يتمكن من تحقيق هذا الهدف.

المساهمون