تونس.. تمليك الليبيين يثير المخاوف من اشتعال الأسعار

تونس.. تمليك الليبيين يثير المخاوف من اشتعال الأسعار

21 نوفمبر 2016
ارتفاع الأسعار يقلص فرص التونسيين (فاضل سنة/ فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي يترقب التونسيون تفعيل القرارات الحكومية بشأن تسهيلات وعدت بها لاقتناء المسكن الأول، فوجئ المواطنون بقرار مواز يمنح الليبيين حق التملك من دون ترخيص مسبق من السلطة.

ويمكّن القرار الحكومي الجديد الليبيين من شراء عقارات في تونس من دون طلب ترخيص المحافظة (السلطة المحلية) على ألا يشمل الإعفاء العقارات ذات الصبغة الفلاحية (المخصصة للزراعة)، وذلك استناداً إلى اتفاق لهم مع تونس، يشمل أيضا المواطنين المغاربة والجزائريين والموريتانيين.

وأثار القرار الحكومي ردود فعل مختلفة بشأن تداعياته على أسعار العقارات، مما قد يقلّص من حظوظ التونسيين في توفير مساكن بأسعار تتماشى وقدراتهم الشرائية، خاصة أن الارتفاع المتواصل في أسعار العقارات بدد في السنوات الأخيرة أحلام جزء كبير منهم في التملّك.

وخلال السنوات الخمس الماضية قفزت أسعار العقارات أكثر من 50% وفق خبراء لتسجل مؤخرا تراجعا طفيفا نتيجة الركود الذي يضرب سوق العقارات.

ويصل عدد الشقق الجاهزة التي لا تجد مشترين إلى نحو 400 ألف وحدة وفق بيانات غير رسمية، مما دفع المطورين العقاريين إلى إعلان حالة طوارئ بعد أن دخل العديد منهم في دوامة الأزمات مع المصارف لعجزهم عن سداد القروض.

ويرى الخبير في الشأن العقاري نور الدين شيحة، أن تسهيل الإجراءات الإدارية لتمليك الليبيين قرار مهم في كسر الركود الذي يعيشه قطاع العقارات، مستبعداً أي تأثير لهذا القرار على الأسعار.

ولفت شيحة في تصريح إلى "العربي الجديد" إلى أن القطاع العقاري من أهم القطاعات الاقتصادية ذات القدرة التشغيلية العالية، معتبرا أن ركوده سينعكس سلبا على اقتصاد البلاد وسوق الشغل عموما، وهو ما دعا السلطات إلى التفكير في حلول تعيد إلى سوق العقارات نشاطها.

ووفق الخبير العقاري فإن الليبيين يقبلون على نوعية معينة من الشقق والمساكن تُعرف بـ "مساكن الدرجة العالية"، وهي وحدات غير موجهة للطبقات الوسطى من التونسيين أو محدودي الدخل، مؤكدا أن تمليك الليبيين يفتح سوقا جديدة أمام المطورين العقاريين لا تنافس السوق المحلية.

وبالرغم من التطمينات التي أوردها المستثمرون العقاريون في تصريحات إعلامية، إلا أن عموم التونسيين والجمعيات المدنية لم تطمئن للقرار الحكومي، معتبرة أن "لوبيات" المال وكبار المطورين أوعزوا لمسؤولين في الحكومة باتخاذ هذا القرار لإنقاذ أنفسهم وتحقيق أرباح كبيرة من دون مراعاة للقدرة الشرائية لعملائهم المحليين.

وفي محاولة لوقف تنفيذ القرار الحكومي، قدمت "فورزا تونس" (جمعية مدنية) شكوى عاجلة للمحكمة الإدارية ضد إدارة الملكية العقارية، طالبت فيه بوقف قرار تمكين الليبيين من التملك العقاري دون الحصول على ترخيص المحافظ.

وقالت الجمعية في بيان لها إن "هذا القرار سيساهم في رفع أسعار العقارات التي باتت خارج المقدرة الشرائية للشعب التونسي الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة"، مضيفة " ما الأسباب الحقيقية التي جعلت الإدارة تتخذ مثل هذا القرار الذي من شأنه المس بالمصلحة العليا للدولة".

ويدافع رئيس غرفة الباعثين العقاريين باتحاد الصناعة والتجارة فهمي شعبان، عن حق المهنيين في بحث حلول جديدة لإعادة النشاط لقطاعهم، مشددا على أن نوعية العقارات الموجهة للأجانب لا تتماشى مع القدرة الشرائية للتونسيين.

واعتبر شعبان في تصريح إلى "العربي الجديد"، أن تمليك الأجانب عبر تسهيل الإجراءات الإدارية سيخلق نشاطاً في القطاع، لا سيما أن الاقتصاد التونسي يحتاج إلى كل إمكاناته في الظرف الحالي.

وأضاف أن قرار حق تملك الليبيين في تونس يقتصر فقط على الشقق والفيلات والعقارات، ولا يشمل الأراضي الزراعية، مشيرا إلى أنه لا يوجد ليبي تحصّل على قطعة أرض منذ 2011.

وأكد أن المطور العقاري التونسي يعيش معاناة من جراء القوانين "الجائرة" والتعطيلات الإدارية، مقابل امتيازات تمنح للمستثمر الأجنبي الذي لا يفي في غالب الأحيان بالتزاماته تجاه البلاد.

ويطالب المطورون العقاريون بمراجعة سياسة تمويل السكن عبر خفض نسبة الفائدة عند إسناد القروض السكنية من طرف البنوك، وتخفيض نسبة التمويل الذاتي المطلوب من المصارف التجارية من 30 إلى 10% من قيمة العقار.


المساهمون