الخليج على موعد مع الضرائب.. انتقال صعب

الخليج على موعد مع الضرائب.. انتقال صعب

24 فبراير 2017
الخليج الغني يتأهب لإجراءات ضريبية صعبة (فرانس برس)
+ الخط -
خطة دول مجلس التعاون الخليجي الضريبية الجديدة بهدف الحد من الأزمة المالية المترتبة على تراجع أسعار النفط، تحتاج لعملية تحضير ومتطلبات عديدة حتى يمكن تطبيقها واستمرارها بنجاح، فالانتقال من نظام شبه خالٍ من الضرائب، استمر لما يربو على خمسة عقود، إلى نظام مختلف تماماً قائم على أسس ضرائبية ليس بالأمر السهل، حسب محللي اقتصاد لـ"العربي الجديد". 
وعلى الرغم من إعلان أكثر من دولة خليجية عن عزمها تطبيق ضريبة القيمة المضافة بواقع 5% مطلع العام المقبل وضريبة على الشركات بواقع 10% عام 2019، إلا أن غالبيتها لم تعلن حتى الآن عن صدور أو تجهيز تشريع قانوني للضريبة المضافة. وحسب كبرى الشركات المحاسبية في الخليج والمعتمدة لدى حكومات خليجية "كي بي ام جي" أكدت أكثر من مرة في مؤتمرات صحافية أن الأنظمة المحاسبية المعمول بها حاليا بالمؤسسات والشركات غير جاهزة فعليا لتطبيق أي نظام ضريبي جديد.
الاقتصاديات الخليجية تستعد لمرحلة أكثر تطوراً وتنوعاً وأقل اعتماداً على العائدات النفطية المتذبذبة صعوداً وهبوطاً وفق ظروف أسواق النفط العالمية، مما يؤثر على الإنفاق العام وعلى برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول المجلس.
وفي مثل البلدان النفطية هناك رسوم على بعض أنواع الخدمات وضرائب انتقائية، كما هو الحال في السعودية والكويت وقطر وعُمان، في حين لا يوجد أي شكل من أشكال الضرائب في الإمارات والبحرين، مما دفع البعض إلى تسمية هذه الدول بـ"جنة الضرائب".

هيكل غير متوازن

يقول الخبير الاقتصادي بدر العتيبي إن "هيكل الاقتصاد الوطني بالكويت مازال غير متوازن فالنفط لا زال يسيطر على 90% من الإيرادات وهو كله مرتبط بنشاط ومورد واحد وهو النفط ومشتقاته، ولا توجد مشروعات كبرى مدرة للدخل داخل البلاد يمكن أن تشكل بديلاً له، وبالتالي على الدولة أن تقوم بنشاط واسع للخصخصة والتنازل عن جزء كبير من أنشطتها كي يديرها القطاع الخاص الذي ستفرض عليه الضريبة".
ويضيف العتيبي، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، أن "تطبيق منظومة الضرائب يحتاج الى دراسة دقيقة وتأثير كل ضريبة على الاقتصاد كما أن هناك بُعدا آخر يجب النظر إليه وهو الموازنة بين الرغبة في وجود موارد إضافية للدخل وبين تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي حتى لا تكون الضريبة طاردة للمستثمرين في الكويت".
ويتفق معه في الرأي أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت عبدالعزيز الكندري الذي يقول لـ"العربي الجديد" إن "الكويت في أمس الحاجة لتنويع مصادر الدخل ويمكن تطبيق عدة أمور مع النظام الضريبي مثل مشاريع الخصخصة وفتح مجال لتنويع الاقتصاد والعمل على قوانين لتوطين الاستثمار وليس فقط جذبه".


فائض في الميزانية

وفي رأي معاكس يرى الخبير الاقتصادي إبراهيم البيلي أن الكويت لا يتوافر فيها الشرط الأساسي لتطبيق مشروع فرض الضريبة على دخل المواطنين، حيث إن هناك فائضاً مستمراً في دخل وميزانية الدولة السنوية، ولن تكون هناك حاجة للضريبة إلا إذا قررت الدولة مضاعفة الاقتطاع السنوي الحتمي من إيرادات الدولة المخصصة لاحتياطي الأجيال القادمة وترتب على ذلك عجز يتوجب تغطيته.
ويضيف البيلي، خلال حديثه لـ" العربي الجديد"، أن "الضريبة عادة تؤدي إلى خفض الدخل الشخصي ومستوى المعيشة لعموم المواطنين والتي تسعى الدولة في العادة إلى تحسينه وزيادته كهدف استراتيجي للدولة المتقدمة".
وتطبق الكويت بالوقت الحاضر أربعة قوانين تتعلق بالنظام الضريبي وفي انتظار تشريع جديد للضريبة المضافة.

لا لنصائح لاغارد

وثارت ردود أفعال رافضة لاقتراحات مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، في وقت سابق، بضرورة أن تكون دول الخليج مستعدة لتطبيق ضرائب جديدة، بما في ذلك ضريبة على الدخل الشخصي. ولفتت مديرة صندوق النقد الدولي إلى أنه "يجب أن يكون تطبيق الضرائب تدريجياً على نطاق واسع وبنسبة منخفضة، وفعل ذلك بشكل ثابت ومتماسك بقدر الإمكان، حتى لا يكون هناك تسرب في النظام، ولا يكون هناك عدم توازن بين منطقة وأخرى". وهو الأمر الذي استبعده مسؤولون ومحللو اقتصاد في عدة دول خليجية ومنها الإمارات والسعودية والكويت.
وتواصل السعودية تصدرها دول العالم كأقل دولة في فرض الضرائب، حتى بعد إقرار تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% في الربع الأول من عام 2018.
ويقول الخبير الاقتصادي عبدالعزيز الغنيم خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إنّ "الضريبة هي جزء أساسي من عمل أي حكومة ودولة، إذ إن الحكومة تهدف بشكل عام إلى تقديم أفضل الخدمات لمواطنيها لكن دون الاقتراب من خطر عجز الموازنة".
ويضيف الغنيم أنه "يجب الأخذ بالاعتبار أن الضرائب لها تأثير سلبي على الدورة الاقتصادية فهي تساهم في تخفيف النمو الاقتصادي إذا لم تتبع بإنفاق حكومي رشيد يعتمد مبدأ الاستثمار بما أن الاستهلاك جزء من محفزات الاستثمار وهذا الأخير يعد أحد مقومات النمو الاقتصادي".
وعلى الرغم من انخفاض نسبة القيمة المضافة إلا أن الحكومة السعودية قررت استثناء 100 سلعة أساسية من الضريبة لكونها من السلع الأساسية للمواطنين.

تعديلات ضريبية

وفي الوقت الذي أكدت فيه دول خليجية عدم نيتها فرض ضرائب جديدة، أجرت سلطنة عُمان تعديلات ضريبية واسعة، ألغت بمقتضاها حد الإعفاء الضريبي، الذي كان ممنوحاً في الماضي، ورفعت ضريبة الدخل على المؤسسات والشركات المحلية والأجنبية، وفرضت جباية جديدة على المنشآت الصغيرة، في خطوة لزيادة إيرادات البلاد بعد تراجع عائدات النفط بنحو حاد.
وقالت الأمانة العامة للضرائب بوزارة المالية في بيانها، وفق ما نقلته وكالة الأنباء العمانية، منذ يومين، إنه "تم إلغاء حد الإعفاء القانوني البالغة قيمته 30 ألف ريال عُماني (78 ألف دولار)، بهدف الحد من ظاهرة تجنب الضريبة من جانب الخاضعين لها عبر تجزئة الأعمال للاستفادة من الإعفاء وعدم سداد الضريبة".
وأضاف البيان، أنه تم استحداث ضريبة على بعض المنشآت الصغيرة بنسبة 3%، كما تم تعديل ضريبة الدخل المطبقة على المؤسسات والشركات العمانية وفروع الشركات الأجنبية لتكون 15% بدلاً من 12%.

المساهمون