حملة لفضح التجار المحتكرين في غزة

حملة لفضح التجار المحتكرين في غزة

26 مارس 2020
مساعٍ لضبط أسواق السلع (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -

 

عزز الفلسطينيون في قطاع غزة، خلال الأيام الماضية، من مشاركتهم في حملة الدعم للتجار المنضبطين بأسعار السلع الأساسية أو الذين عملوا على خفض أسعارها، في الوقت الذي شنوا حملة إلكترونية لفضح تجار آخرين عملوا على رفع الأسعار ومحاولة استغلال الأزمة.

وفي أعقاب الإعلان عن تسجيل أول حالتين مصابتين بفيروس كورونا "كوفيد 19" وإصدار السلطات الحكومية في غزة سلسلة من القرارات نشطت حركة الأسواق بصورة كبيرة، واستغل بعض التجار الإقبال المتزايد من المستهلكين ورفعوا أسعار العديد من السلع الأساسية.

واستخدم الفلسطينيون في غزة مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن رفضهم لمحاولة استغلال الأزمة من قبل هؤلاء التجار وفرض زيادات على أسعار السلع، خصوصاً في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية نتيجة لاستمرار الحصار والعقوبات المفروضة من قبل السلطة.

وكتب المتفاعلون مع هذه الحملات، عبر صفحاتهم وحساباتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي سيما فيسبوك الأكثر انتشاراً بين الفلسطينيين، أسماء العديد من التجار والمحال التي قامت برفع أسعار السلع والمواد الغذائية.

في حين رأى البعض الآخر أن نشر النشطاء لأسماء الشركات والجهات المتهمة برفع الأسعار عمل قد يدخل دون قصد في إطار التشهير ويفتح المجال لتصفية الحسابات، وهو ما يتطلب الضغط على الجهات الرقابية لممارسة دورها في التحقق والمساءلة ونشر أسماء الجهات المستغلة.

واتخذت الجهات الحكومية التي تديرها حركة حماس سلسلة من الإجراءات، كان أبرزها ملاحقة التجار الذي يتم التبليغ عنهم ومصادرة بعض البضائع من الأسواق أو تحرير مخالفات وفرض غرامات مالية وتوقيف البعض الآخر، وتم الإعلان بشكل رسمي عن اعتقال أحد تجار المواد الغذائية لتلاعبه في الأسعار وإصدار 40 قراراً بتحويل آخرين للنيابة العامة.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث قررت وزارة الاقتصاد في غزة إعفاء 14 سلعة أساسية، من بينها الدقيق والسكر والشاي وغاز الطهي، من الضرائب المفروضة، إذ يأمل سكان القطاع أن تنخفض أسعار هذه السلع خلال الأيام المقبلة.

وتتواصل عملية إدخال البضائع إلى القطاع المحاصر إسرائيلياً للعام الرابع عشر على التوالي، رغم إغلاق المعابر أمام حركة الأفراد، حيث تم فرض إجراءات خاصة للاستمرار بدخول السلع، في حين ارتفعت أعداد الشاحنات مؤخراً لتصل 500 شاحنة.

أما على صعيد قطاع المنتجات الزراعية والحيوانية، فدفعت الشكاوى المتعددة للغزيين إلى الجهات الحكومية لوقف عمليات التصدير للخارج، وهو الأمر الذي أدى إلى انخفاض الأسعار مجدداً أمام المستهلكين بعد ارتفاع لم يدم طويلاً.

وأكد الناطق باسم وزارة الزراعة في غزة، أدهم البسيوني، في تصريحات سابقة، أن قرار وقف الصادرات الزراعية جاء في خطوة عاجلة لضمان ضبط الأسعار ومنع احتكار الباعة والعمل على ضبطها في الأسواق المحلية، بما يراعي الظروف الاقتصادية للمستهلكين.

وعززت الحملات الإلكترونية التي انطلقت بشكل عفوي من الرقابة الحكومية لأسعار السلع، وسط مطالبات باتخاذ إجراءات أشد قسوة بحق التجار الذين يحاولون استغلال أزمة فيروس كورونا لتحقيق أكبر قدر من الفائدة المالية.

في الأثناء، يرى المختص في الشأن الاقتصادي، محمد أبو جياب، أن الحملات الإلكترونية التي انطلقت سواء لدعم التجار المنضبطين أو فضح التجار المحتكرين المستغلين للأزمة أسهمت في ضبط الأسعار في الأسواق المحلية.

ويقول أبو جياب لـ "العربي الجديد" إن الجهد الشعبي والإلكتروني دفع الجهات الحكومية والتنفيذية في غزة نحو اتخاذ قرارات وإجراءات غير مسبوقة بحق التجار الذين سعوا لاستغلال الأوضاع الحالية، وتحقيق أكبر قدر من الربح على حساب المواطن.

ويستبعد المختص في الشأن الاقتصادي أن تسهم هذه الأزمة في التأثير سلباً على التجار، خصوصاً أولئك الذين انضبطوا في بيع السلع الأساسية ولم يفرضوا أية زيادات جديدة، في حين سيتأثر التجار المحتكرون نتيجة للإجراءات المتخذة بحقهم.

والسيولة النقدية المتوفرة حالياً هي ذات السيولة الموجودة في الشهور الماضية في الأسواق الغزية، وبالتالي لا تغيير حقيقيا عليها، إلا أن التغيير القائم حالياً هو توجه الناس بشكل أكبر تجاه مواد التعقيم والتنظيف والسلع والمواد الغذائية، كما يذكر أبو جياب.

ويعيش القطاع الذي دخل الحصار المفروض عليه عامه الرابع عشر ظروفاً استثنائية، نتيجة غياب آفاق لحل سياسي ينهي الأزمات المتعاقبة التي طاولت جميع المجالات والخدمات منذ عام 2006.