بنزين الكويت المجاني لم يخفف حدة الأزمات المعيشية

بنزين الكويت المجاني لم يخفف حدة الأزمات المعيشية

13 أكتوبر 2016
استمرار الغضب من رفع أسعار البنزين (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
تواصلت الانتقادات الحادة لقرار رفع سعر البنزين في الكويت، رغم الإعلان عن منح كل مواطن يملك رخصة قيادة 75 لتراً مجانياً شهرياً. وأكد محللو اقتصاد ومواطنون أن الكميات المجانية لن تخفف من حدة الآثار السلبية التي ستترتب على القرار، وأبرزها زيادة التضخم.
وكانت الحكومة قد قررت مطلع أغسطس/ آب الماضي، رفع أسعار البنزين لأول مرة منذ تسعينيات القرن الماضي، في شهر سبتمبر/ أيلول الجاري، بنسب تراوح بين 40% و83% حسب نوع الوقود، ما أثار انتقادت حادة من المواطنين والوافدين، فاندفع البرلمان إلى الإعلان عن قرار بتوزيع كميات مجانية لتخفيف صدمة الشارع.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي سلطان العجمي، لـ"العربي الجديد": "إن القرار هو محاولة لحفظ ماء وجه البرلمان أمام الشعب الكويتي بعد فشله في مواجهة الوثيقة الاقتصادية الحكومية التي دعت إلى رفع الدعم وتحرير الأسعار".
وأضاف: "ما الذي سيستفيده المواطن من الحسم إذا كانت الأسعار سترتفع بنسب كبيرة على الوافدين، وهم عصب الاقتصاد الكويتي والعاملون بأغلب الوظائف في الكويت؟".
وأكد أن الشركات لن تحصل على الحسم المجاني، ما يضطرها إلى رفع الأسعار أيضاً، فالمواطن يوفر من جهة ويخسر من جهة أخرى، فالقرار عديم الجدوى، حسب تعبيره.
وتابع "إن تحرير الأسعار يعني بيع الدولة الوقود مثل أي دولة أخرى غير نفطية، وللأمر عواقب وخيمة علينا، حيث إن الدول غير النفطية تمتلك بنية مواصلات تحتية جيدة، بينما نحن غير مستعدين، حيث لا نملك محطة قطارات ووسائل النقل العامة لدينا ضعيفة، كما أن الأجواء لدينا حارة جداً، ما يصعّب المشي أو ركوب الدراجة الهوائية".
وكان البرلمان الكويتي أعلن الأسبوع الماضي، وبعد اجتماع مع الحكومة الكويتية، منح كل مواطن يملك رخصة قيادة سيارة سارية المفعول 75 لتراً شهرياً، بعد أن رفعت الحكومة الكويتية أسعار الوقود وسط استهجان شعبي.
كما أعلن البرلمان في الاجتماع ذاته تحرير أسعار الوقود ورفع الدعم عنها تماماً، ما ينذر بأزمة تضخم كبيرة ستضرب البلاد حال تطبيق القرار.


ولا يشمل قرار منح "الكوبونات" المواطنين الذين لا يملكون رخصة قيادة، كما لا يشمل أيضا الوافدين الذين يصل تعدادهم في الكويت إلى مليونين ونصف مليون نسمة من أصل أربعة ملايين، ما سيسبب ضرراً اقتصادياً كبيراً عليهم، حيث إن أسعار الوقود ستصل بعد تحرير الوقود، حسب مصادر مقربة من الحكومة، إلى 120 فلساً للتر الواحد، حسب المحللين.
وقال مصدر في البرلمان، رافضاً الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد": أتفق مع الرأي القائل إن زيادة الوقود أمر محزن وتخصيص كوبونات مجانية للمواطنين هو أمر عديم الجدوى اقتصادياً، لكننا يجب أن نراعي أعضاء البرلمان أيضاً لأن هذه توجيهات عالمية لتحرير الأسواق.
وقال المقاول السوري جمال الديراني، لـ"العربي الجديد": "السيارة شيء أساسي في عملي، إذ أقوم بتحميل المواد الإنشائية فيها كما أقوم بتحميل العمال الخاصين بي وأستخدمها لقضاء المعاملات وبعض الإجراءات الإدارية، ورفع سعر الوقود مرة أخرى يعني بكل بساطة أن الأزمات المعيشية ستتفاقم بالنسبة للوافدين".
ويتوقع خبراء اقتصاد أن تصل نسب التضخم في الكويت إلى مستويات عالية بعد رفع أسعار الوقود. وتعد نسبة التضخم في الكويت حالياً الأعلى من بين دول الخليج، إذ تراوح معدلاتها سنوياً ما بين 3% و3.5%، بينما هي دون ذلك من النسب في دول الخليج الأخرى التي تعاني أيضاً بسبب انخفاض سعر النفط، حسب التقارير الرسمية.
وأعلن عدد من نواب البرلمان عزمهم على تقديم استجواب للحكومة بسبب عدم حل مشكلة الوقود حتى الآن، لكن الحكومة أكدت أنها ستحول هذا الاستجواب إلى المحكمة الدستورية للنظر في مدى دستوريته وقانونيته.
وأعلن ثلاثة نواب في البرلمان، وهم أحمد مطيع العازمي، وعبدالله الطريجي، وعلي الخميس، عن عزمهم على استجواب وزير المالية أنس الصالح. وقال مقدم الاستجواب، مطيع العازمي، في مؤتمر صحافي عقد أخيراً: "إن صبر الشعب الكويتي نفد، خصوصاً بعد قرار إعطاء كل مواطن 75 لتراً من الوقود، وإن على الحكومة أن تواجه مسؤولياتها بالهدر وتضييع أموال النفط في السنوات الماضية ولا تحمل هذه المسؤوليات للشعب الكويتي نهائياً".
وكانت المحكمة الإدارية في الكويت قد حكمت بعدم قانونية رفع أسعار الوقود بسبب عدم عرض نص القرار على المجلس الأعلى للبترول، لكن المحكمة لم توقف تنفيذ رفع الأسعار.

المساهمون