الجزائر "الثرية" تتقشف لصالح الجنرالات

الجزائر "الثرية" تتقشف لصالح الجنرالات

27 فبراير 2020
الشارع الجزائري يواصل حراكه حتى محاكمة رموز الفساد (getty)
+ الخط -

نظرياً، تعد الجزائر واحدة من أكبر الدول العربية إنتاجاً وتصديراً للنفط ومصادر الطاقة، كما تعد من أبرز منتجي الغاز الطبيعي في العالم، وبسبب الثروة النفطية الضخمة كانت تتدفق على الدولة عشرات المليارات من الدولارات سنوياً، لكن هذه الأموال تم نهبها وتهريبها إلى الخارج من قبل النخب الحاكمة، خاصة طبقة الجنرالات وكبار المسؤولين.

لذا، تعد الجزائر حاليا واحدة من الدول العربية ذات المراكز المالية الهشة والمهددة من حيث نفاد احتياطي النقد الأجنبي الذي تبخر خلال السنوات الأخيرة، حيث تهاوت قيمته من نحو 200 مليار دولار في العام 2012 إلى أقل من 77 مليار دولار، وهناك توقعات بوصوله إلى حاجز الـ50 ملياراً بنهاية العام الجاري، وهو ما أضعف قيمة الدينار عملة البلاد المحلية.

وهناك عجز مزمن ومتزايد في الموازنة والإيرادات العامة، دفع الحكومة إلى فرض 13 ضريبة جديدة على المواطن بداية العام الجاري 2020 واستحداث رسما على السيارات وزيادة الأسعار، اضافة إلى تبني الحكومة خطط تقشفية يمكن أن تنعكس سلبا على رجل الشارع.

وبالتالي، لم تنعكس إيرادات النفط الضخمة على المواطن الذي يعاني الفقر والبطالة والفساد وقفزات في الأسعار وتدهورا في خدمات الصحة والتعليم والسكن والبنية التحتية.

الجزائر تواجه مستقبلا صعبا في ظل توقعات قوية بتراجع أسعار النفط والغاز، المورد الرئيسي للموازنة والإيرادات العامة، وفي ظل هروب الاستثمارات الأجنبية أو عدم قدومها من الأصل بسبب العمولات والبيروقراطية والقوانين غير المواتية وعدم استقرار سوق الصرف، وانتشار الفساد في المؤسسات الحكومية الكبرى وسيطرة جنرالات الجيش السابقين على المؤسسات التجارية والتوكيلات الكبرى والمناقصات الحكومية.

ويدرك الجزائريون أن ثروات بلادهم الحقيقية قابعة في بنوك أوروبا، خاصة فرنسا، يتمتع بها ناهبو ثروات الشعب وسماسرة صفقات السلاح والجنرالات السابقون والمتنفذون في السلطة وأصحاب اللوبيات والمشاريع الوهمية والفواتير المضخمة والعمولات.

لذا، يواصل الثوار حراكهم الشعبي ونضالهم السلمي في الشارع، لأنهم غير مقتنعين بما تحقق على الأرض منذ إطلاق الحراك قبل عام.

فإجبار عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة من منصبه وعدم الترشح لفترة رئاسية خامسة لا يكفي مطالب المتظاهرين؛ ومحاكمة عدد قليل من المسؤولين السابقين، منهم رئيسا الوزراء السابقان وعدد من الوزراء السابقين والحاليين، لا تكفي، ومحاكمة عدد محدود من رجال الأعمال ممولي حملات بوتفليقة الانتخابية لا تكفي.

هدف الحراك في النهاية هو إزاحة رموز الفساد كافة، واستعادة أموالهم المنهوبة في الخارج والتي يقدرونها بنحو 200 مليار دولار، وقبلها إزاحة كل رموز النظام السابق من المشهد السياسي والاقتصادي.

الشارع لم يعد يثق بالشعارات التي تطلقها السلطة الحاكمة، وآخرها تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون عن مكافحة المتورطين في الفساد وترشيد الإنفاق العام، هم يريدون خطوات ملموسة تعيد إليهم الأموال التي نهبها الجنرالات السابقون وتحاكم عصابة بوتفليقة، وقبلها تعيد إليهم بلدهم المنهوب، فلا يقنعهم التقشف لصالح الجنرالات وطبقة رجال الأعمال الفسدة.

المساهمون