السعودية تواصل إمداداتها النفطية إلى كندا وسط قلق المستثمرين

السعودية تؤكد استمرار إمداداتها النفطية إلى كندا وسط قلق المستثمرين

09 اغسطس 2018
مخاوف على الاستثمارات الأجنبية في السعودية (فرانس برس)
+ الخط -

قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح اليوم الخميس، إن إمدادات السعودية من النفط إلى كندا لن تتأثر بالخلاف بين البلدين، ليطمئن العملاء بعدما جمدت الرياض التعاملات التجارية الجديدة مع كندا واستبعدت جهود الوساطة.

وتابع الفالح، في بيان نشرته "رويترز"، أن "السياسة النفطية لحكومة المملكة العربية السعودية تقضي بعدم تعريض الإمدادات النفطية التي توفرها المملكة لدول العالم لأي اعتبارات سياسية"، مؤكدا أن هذه السياسة ثابتة ولا تتأثر بأي ظروف سياسية.

وأضاف: "الأزمة التي تمر بها العلاقات السعودية - الكندية لن تؤثر، بأي حال من الأحوال، في علاقات شركة أرامكو السعودية مع عملائها في كندا". 

ويهدد نزاع متفاقم بين السعودية وكندا بشأن حقوق الإنسان بتقويض مسعى الرياض لجذب الاستثمار الأجنبي، والذي يواجه بالفعل صعوبات جراء سلسلة من الإجراءات السياسية والدبلوماسية المتطرفة من أكبر بلد مصدّر للنفط في العالم.

وجمدت المملكة التجارة والاستثمارات الجديدة مع كندا، وطردت سفيرها هذا الأسبوع، مع غضبها من دعوة من أوتاوا للإفراج عن نشطاء حقوقيين أُلقي القبض عليهم.

وقد تلحق تصرفات الرياض بعض الضرر بالتجارة المحدودة بين الدولتين، وعلى سبيل المثال، قالت المؤسسة الحكومية المسؤولة عن شراء القمح في المملكة إنها أبلغت مصدّري الحبوب بأنها لم تعد تشتري القمح والشعير الكندي.

لكن النزاع يثير علامات استفهام على نطاق أوسع أمام المستثمرين الأجانب، الذين تعول عليهم الرياض ليصبحوا شركاء، في استثمارات بعشرات المليارات من الدولارات، في تحديث أكبر اقتصاد عربي، وفق تقرير نشرته "رويترز" اليوم.

ويعول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان منذ صعوده إلى السلطة في 2015 على رؤوس الأموال الأجنبية بينما يقود خطة لتطوير الاقتصاد والخصخصة، تتضمن طرحاً عاماً أولياً لشركة النفط العملاقة أرامكو السعودية المملوكة للدولة.

بيئة مخيفة للمستثمرين

وفي الوقت نفسه، فإن بن سلمان يسعى إلى استعراض قوة السعودية في منطقة الخليج التي تشهد عدم استقرار متزايدا، ويخوض حرباً مكلفة في اليمن، ويعمل على حصار قطر، ويعمق منافسة على النفوذ في المنطقة مع الخصم اللدود إيران.

وفي الداخل، راقب المستثمرون الأجانب عن كثب حملة على الفساد شملت احتجاز أمراء ومسؤولين كبار وبعض رجال الأعمال ممن لهم أنشطة دولية كبيرة. وقال منتقدون إن النزاع يهدد بإبطاء خطة الاستثمار الأجنبي التي تواجه صعوبات.

وتباطأت التدفقات إلى المملكة، ما يرجع بشكل رئيسي إلى هبوط أسعار النفط لسنوات، لكن الاضطرابات في المنطقة تحول دون تسارع التدفقات.

وتصر المملكة على أن لديها مبررات لمعاقبة كندا على ندائها العلني بشأن النشطاء. وشجبت في بيان هذا التصرف ووصفته بأنه تدخل سافر في الشؤون الداخلية للمملكة، ومناف للأعراف الدولية الأساسية وجميع المواثيق الدولية.

واستبعد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أمس الأربعاء حدوث وساطة، وقال إن الرياض قد تتخذ المزيد من الإجراءات. لكن بالنسبة للبعض، فإن النزاع مع كندا يعزز انطباعا بانتهاج سياسة مندفعة.

فألمانيا، على سبيل المثال، وجدت نفسها في مأزق العام الماضي بعد أن بدت أنها تنتقد روابط السعودية مع لبنان، حيث ردت الرياض باستبعاد الشركات الألمانية من العقود الحكومية.

في حين تفرض السعودية ومعها الإمارات والبحرين ومصر حصاراً غير قانوني على قطر منذ الخامس من يونيو/ حزيران 2017، وقد أكدت مؤشرات اقتصاد الدوحة فشل إجراءات الحصار، في حين أظهر السعودية كبلد عدائي يشهد اضطرابات في قراراته السياسية والاقتصادية.

وأظهرت بيانات من الأمم المتحدة أن الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية هبط في 2017 إلى أدنى مستوياته في 14 عاما، وهو ما يشكل ضربة لخطط ولي العهد لزيادة تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية إلى المملكة بشكل حاد.

وفي محاولة لتصحيح هذا الاتجاه، استضافت السعودية العام الماضي تجمعا لمستثمرين دوليين في الرياض، على غرار منتدى دافوس، حيث يريد الأمير محمد بن سلمان تحويل عاصمة المملكة إلى مركز مالي إقليمي.

وفي غضون أيام، تبدد الابتهاج بذلك الحدث بفعل الحملة على الفساد التي اتسمت بالصرامة والسرية، وشملت احتجاز رجال أعمال بارزين من بينهم الأمير الوليد بن طلال، الذي يمثل واجهة مجتمع الأعمال السعودي أمام العالم الخارجي.

وتم إطلاق سراح معظم المحتجزين، مع مصادرة أصول تزيد قيمتها عن 100 مليار دولار. وكنتيجة لذلك، يواجه مديرو الصناديق معضلة بشأن السعودية، حيث يجرون تقييما لتطورات جذابة مثل الخصخصة وتصنيف المملكة كسوق ناشئة من جانب إم.إس.سي.آي لمؤشرات الأسواق اعتبارا من منتصف 2019، مقابل عوامل أخرى تنطوي على مخاطر في المملكة.

وفي 2017، صدّرت السعودية منتجات وخدمات بملياري دولار إلى كندا، وهو أقل من واحد في المئة من إجمالي صادرات المملكة إلى العالم التي بلغت 220.07 مليار دولار، في حين كانت صادرات كندا إلى السعودية أقل من تلك النسبة.

ولم يتضح حتى الآن مدى تأثير النزاع في مثل ذلك النشاط، رغم أن تجميد برامج التبادل التعليمي مع كندا ربما يؤثر في آلاف الطلاب السعوديين، ويكلف الجامعات الكندية فقدان رسوم دراسية بملايين الدولارات.

لكن حتى الآن، لا يزال الغموض يخيم على الأجواء. وقال عمر علام، وهو دبلوماسي كندي سابق ورئيس مجموعة علام الاستشارية العالمية: "على صعيد كل الأنشطة، نحن ندخل منطقة خطيرة لا أحد في الواقع يريدها".

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون