اقتصاديون: الأسد يسرق المساعدات ويحوّلها للجيش والأسواق

اقتصاديون: الأسد يسرق المساعدات ويحوّلها للجيش والأسواق

26 سبتمبر 2016
قوات الأسد تقصف قوافل المساعدات(عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

تشير تقارير الإغاثة السنوية الصادرة عن منظمات الأمم المتحدة حول الكارثة الإنسانية السورية، أن الحاجة إلى المساعدات في تزايد مستمر بشكل سنوي، حيث ارتفع حجم المساعدات الغذائية، الموزعة على السوريين في داخل سورية من 518 مليون دولار، بينما المساعدات المخطط توزيعها، خلال عام 2016، ستصل نحو 1.2 مليار دولار، أي ما يعادل ثلث الناتج المحلي الإجمالي لعام 2015.

لكن الخلاف بين الأطراف السورية، حول عدالة توزيع تلك المساعدات، وخاصة بعد ترك جيش بشار الأسد كميات كبيرة من المساعدات الدولية، في كل موقع يستعيدها الثوار السوريون، وثقتها وكالات ووسائل إعلامية سورية ودولية، ما يؤكد أن جزءاً من تلك المساعدات، يذهب لمقاتلي الأسد والمليشيات المساندة له. 
كما يثير طرح جزء من تلك المساعدات في الأسواق التي يسيطر عليها الأسد، تساؤلات عدة، لعل أهمها استمرار صمت المنظمات الدولية والدول المانحة، عن سرقة المساعدات الإغاثية لتشكل مصدراً آخر لثراء تجار الحرب في سورية.

ويقول الاقتصادي، عماد الدين المصبح، لا يمكن اعتبار حجم المساعدات، غذائية أو مالية، ضخاً مباشراً للسوق السورية، بدليل أنها لم تؤد إلى خفض أسعار السلع التي تتضمنها السلل الغذائية، كالأرز والسكر والزيت وغيرها، والأسباب تتراوح بين سوء عدالة التوزيع التي تعتمدها الجميعات الخيرية التي اختارتها المنظمات الدولية أو فرضها نظام الأسد، وبين عدم إيصال المساعدات لمستحقيها وطرحها بالأسواق لتسد فراغ تراجع الإنتاج المحلي وتغني النظام عن بعض فواتير الاستيراد.

ويضيف المصبح لـ"العربي الجديد"، أن نسب الفقر والبطالة أكبر وأسرع، حتى من تنامي حجم المساعدات الدولية، التي تضاعفت بين بداية الثورة واليوم أكثر من تسعة أضعاف، لكن ذلك لا يعفي المنظمات الدولية، بحسب المصبح، من أن تكلف فروعاً في سورية تابعة للأمم المتحدة بتوزيع المساعدات، أو أن تترك بعض المنظمات المحلية والجميعات الخيرية، التي تدور في فلك نظام الأسد، أو تخشاه بحكم وجودها داخل سورية، معنية وحدها بتحديد قوائم من يستحق المساعدات وتوزيعها دونما رقابة ومحاسبة.

وأشار الدكتور المصبح إلى أن وزير الاقتصاد السابق، همام جزائري، اعترض على شراء المنظمات الدولية حاجتها من خارج سورية، ومن تركيا تحديداً، بادعاء أن لدى سورية إنتاجاً مماثلاً لمحتويات السلل الغذائية، ويفيض عن حاجة الاستهلاك، ما يسبب إغراقاً وكساداً للإنتاج السوري، وكان احتجاج الوزير العام الفائت بهدف إدخال وزارة الاقتصاد وتدخلها بالمساعدات، ببساطة لأن 80% من المنشآت السورية الصناعية متوقفة عن الإنتاج، والنظام يستورد الحبوب والقمح من روسيا.
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن عدد السوريين الذين تم إيصال المساعدات الغذائية لهم سنوياً ارتفع من 3.9 ملايين شخص داخل سورية عام 2013 إلى 6.5 ملايين شخص في عام 2015 في حين تستهدف خطة الاستجابة لعام 2016 إيصال المساعدات الغذائية إلى 7.5 ملايين سوري، أما تعداد السوريين المحتاجين إلى إغاثة بأنواعها المختلفة وليس الغذائية فقط، فقد ارتفع من 4 ملايين شخص خلال عام 2013 وصولاً إلى 13.5 مليون في عام 2015.

ويرى اقتصاديون أن سبب عدم تحسن الوضع المعيشي بسورية، على الرغم من زيادة المساعدات الدولية من 2013 و 2016 بمقدار 900%، يعود إلى أن تراجع الناتج المحلي الإجمالي، من 1468 مليار ليرة عام 2011 إلى 994 مليار عام 2013، وصولاً إلى 959 مليار ليرة بنهاية عام 2014 وبمعدل تراجع بلغ 35% للفترة 2011-2014، ومع أخذ تقديرات استمرار تراجع الناتج بمقدار 4.7% خلال عام 2015، و8% خلال عام 2016، ما قلل حصة الفرد من الناتج وزاد من عدد الفقراء والمحتاجين للمساعدات الدولية.

ويلفت الاقتصاديون إلى أن تراجع قدرة المساعدات على تحسين معيشة السوريين، يعود إلى حجم الفساد الداخل في عملية إدارة أموال المساعدات الدولية، وسيطرة متنفذين مقربين من النظام السوري على توزيعها، مشيرين إلى تحويل جزء كبير من المساعدات الغذائية للأسواق المحلية، وتسعيرها بأسعار قريبة من المستوردات الغذائية السورية، التي تشهد أسعاراً احتكارية، حرم المحتاجين من المساعدات وحول دخلهم المحدود إلى الإنفاق على الغذاء الذي تضاعفت أسعاره 12 مرة منذ بداية الثورة عام 2011، بحسب بيانات جمعية حماية المستهلك بدمشق.