تسعيرة القمح الظالمة: 20 دولاراً شهرياً ربح المزارع المصري

تسعيرة القمح الظالمة: 20 دولاراً شهرياً ربح المزارع المصري

16 مارس 2019
مزارع قمح في مصر (أحمد السيد/ الأناضول)
+ الخط -
عبّر فلاحون مصريون وعدد من المهتمين بالشؤون الزراعية عن غضبهم بسبب تسعير الحكومة المصرية لسعر إردب القمح (150 كيلوغراماً) بـ 685 جنيهًا، ما يوازي 32 دولاراً تقريباً، خاصة أن السعر العالمي يقدر بأكثر من 800 جنيه بما يوازي 46 دولاراً. مشددين على أنه سعر لا يغطي تكاليف الزراعة ولا يوازي مجهود المزارعين.

ورصدت "العربي الجديد" بالأرقام، من خلال عدد من المزارعين، تكاليف زراعة القمح لموسم 2019، حيث تبيّن أنها وصلت للفدان الواحد في الوجه البحري إلى 11500 جنيه، أي نحو 659 دولاراً تقريباً، وفي الصعيد 13500 جنيه، أي نحو 774 دولاراً، بمتوسط تكلفة يصل إلى 12500 ألف جنيه أو 717 دولاراً.

ومقارنة مع السعر المعلن من قبل الحكومة للإردب الواحد، يكون دخل الفدان الذي ينتج 16 إردباً 14960 جنيهًا أو 858 دولاراً، بعد إضافة 3500 جنيه، ثمن بيع التبن (القش بعد فرمه).

وبحساب الفارق بين تكلفة الإنتاج وثمن البيع يتبقى للفلاح 2460 جنيهًا (141 دولاراً)، مقسمة على 7 أشهر وهي الفترة الممتدة بين زراعة القمح وحتى حصاده. وبذلك يقدر دخل الفلاح الشهري نتيجة مجهوده في زراعة القمح بـ350 جنيهًا، أي ما يوازي 20 دولاراً.

ويعلق الحاج عبد الرحمن شكري، نقيب الفلاحين الأسبق لـ"العربي الجديد" بالقول، إن معظم الزراعات الاستراتيجية، ومن بينها القمح، تكبد الفلاحين خسائر جمة، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى هجر الفلاحين لأراضيهم أو زراعة محاصيل أخرى ليست لها أي أهمية استراتيجية.

ويعتبر أن الهدف هو تدمير الزراعة المصرية، لصالح إسرائيل، والتي بدأت تغزو أراضي أفريقيا لزراعتها، إذ إنها لم تنس أن الزراعة المصرية كانت من العوامل الرئيسية التي حمت الجبهتين الداخلية والخارجية في حربي 1967 و1973. ويضيف أن المفارقة الغريبة أن مصر تستورد قمحاً منخفض الجودة بسعر 815 جنيهاً للإردب (47 دولاراً)، في حين تشتري عالي الجودة من الفلاحين بـ 685 جنيهًا.

ويؤكد أحمد حسن، وهو مزارع، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الزراعة بشكل عام لم تعد مجدية للفلاح، رافضًا بيع قمحه هذا الموسم، مفضّلاً ادخاره لتغذية المواشي والطيور، إذ إنه أقل تكلفة من شراء الأعلاف. ويشير إلى أن الفلاح يلجأ للبيع لسد مصاريف الإيجار، والصرف على زراعة الذرة التي تأتي عقب حصاد القمح.

ويشرح مزارع آخر: "دخل الأرض لم يعد سنداً رئيسياً للإنفاق على تكاليف المعيشة كما كان من قبل، لذلك بعض الفلاحين يعملون في مهن أخرى إلى جانب الزراعة، لسد الفجوة بين مداخيلهم ومصاريف عائلاتهم".

ويقول الدكتور أشرف زهران، أستاذ الاقتصاد الزراعي، لـ"العربي الجديد"، إنه "لو قدرنا مجهود الفلاح الشهري بمعدل 1500 جنيه، وهو مبلغ زهيد للغاية، إذاً فثمن مجهوده يعادل 9000 جنيه، فهل الفلاح يحصل على هذا المبلغ بعد بيع القمح وخصم تكاليف الإنتاج بما فيها الإيجار؟ بالطبع لا، طبقًا للسعر الذي حددته الحكومة، إذاً هي زراعة خاسرة على الفلاح".

وتستهلك مصر ما بين 14.5 إلى 15 مليون طنّ قمح سنوياً، ما بين المستورد والمحلي.

المساهمون