معبر "رأس جدير" بين تونس وليبيا... شريان "بنقردان" المسدود

معبر "رأس جدير" بين تونس وليبيا... شريان حياة "بنقردان" المسدود

30 اغسطس 2018
يشهد المعبر احتجاجات متواصلة (Getty)
+ الخط -


على مدار العام، يشهد معبر "رأس جدير" الحدودي بين تونس وليبيا توترات واحتجاجات من الجانب التونسي، كثيرا ما تؤدي إلى إغلاقه، كما هو الوضع حالياً، وسط شكاوى التجار التونسيين من تضييق ليبي يؤثر على مصدر رزقهم.

ويقع المعبر في مدينة بنقردان الحدودية بمحافظة مدنين، جنوب شرقي تونس، ويبعد نحو 30 كلم عن مركز المدينة، وقرابة 180 كلم عن العاصمة الليبية طرابلس.

ومنذ أكثر من شهر ونصف الشهر أغلق تجار تونسيون الطريق المؤدي إلى المعبر، وتعطلت الحركة التجارية بالكامل في المنفذ البري، وتعطلت معها الحركة الاقتصادية وسط بنقردان.

ويشكو التجار من سوء معاملة الجمارك الليبية والمسلحين داخل الأراضي الليبية، إلى جانب رفض الجانب الليبي إلغاء إتاوة تقدر بنحو 30 ديناراً ليبياً (21.7 دولاراً) على السيارات التي تعبر في اتجاه ليبيا، على الرغم من إلغاء هذه الإتاوة من الجانب التونسي. 

ويمنع التجار مرور أية شاحنة أو سيارة ليبية إلى تونس، باستثناء الحالات المستعجلة. وينفذ التجار التونسيون، منذ أسابيع، اعتصاما تحت شعار: "سيِّبْ انسيِّبْ" (أُترك أنت حتى أَترك أنا).

وقال عبد السلام الرقاد، وهو مشارك في الاعتصام، إن "هذا الاعتصام هو آخر حلقات احتجاج أهالي بنقردان ضد التضييقات الليبية في المعبر من إهانة وضرب وتعطيل للحركة، التي يمكن أن تصل إلى أكثر من خمس ساعات داخل الجانب الليبي من المعبر".

وأضاف الرقاد، في حديث لوكالة "الأناضول"، أن "التجار التونسيون الذين يقتاتون من المعبر هم تجار صغار يجلبون من ليبيا البنزين والسلع البسيطة، وليسوا أبداً من أباطرة التجارة كما يتم التسويق لهذا".

وشدد على أنه "بمجرد غلق المعبر أحيل مباشرة بين 40 و50 في المائة من أهالي مدينة بنقردان على البطالة بشكل مباشر".

ومع تعطل الحركة وسط معبر "رأس جدير" شهدت أسعار العشرين لتراً من البنزين المهرب ارتفاعاً كبيراً لتصل إلى حوالي 50 ديناراً تونسياً (18.3 دولاراً)، قبل أن تختفي تماماً منذ أكثر من أسبوعين.

وخلال الأيام الأولى لإغلاق المنفذ، نفدت كمية البنزين المهرب في أماكن بيعها على الطريق الرئيسي للمعبر.

كما نفدت تماماً المحروقات في المحطات الرسمية لبيع الوقود وسط بنقردان والمدن الأخرى المجاورة، قبل أن تضخ السلطات التونسية محروقات بكميات كبيرة.

وقال فتحي البقالتي، رئيس الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في مدنين: "لغاية اليوم يتواصل نقص البنزين في محطات التزويد، ويصل النقص إلى 60 في المائة من الاستهلاك".

وتابع البقالتي، في تصريح لوكالة "الأناضول"، أن "أصحاب المحطات يطالبون الدولة بضخ كميات أكبر في محافظة مدنين، ولكن حجم التزويد لا يلبي كمية الطلب الكبيرة".

ومضى قائلا إن "إغلاق المعبر أثر بشكل كبير على جميع المستويات في كل المحافظة، وحتى على المستوى السياحي، فالنُزل التونسية تستقبل سنويا عددا كبيرا من السياح الليبيين".

داخل مدينة بنقردان أغلق ميلود اللافي، وهو مواطن تونسي، محله المخصص لبيع البنزين المهرب، ليلتحق بالمعتصمين قرب معبر "رأس جدير".

اللافي قال: "أغلقت المحل الذي اشتغل فيه، منذ ما يزيد عن الأسبوعين، فالبنزين مفقود (غير متوافر)". وحمّل اللافي المسؤولية الكاملة للمسؤولين التونسيين، الذين لم يتحملوا مسؤوليتهم، وفق تعبيره.

وتابع: "بالنسبة لمعبر رأس جدير فهو شريان الحياة الأساسية في مدينة بنقردان.. هو المشروع التنموي الوحيد تقريبا في المدينة".

وأوضح: "مشكلتنا الأساسية مع السلطة في تونس التي تضيّق علينا في جلب السلع، بينما تسمح لآخرين بإنزال السلع نفسها في موانئ أخرى، كميناء رادس (شمال)".

** مساعٍ لإنهاء الأزمة

مع تفاقم المشاكل في بنقردان، يبذل نشطاء تونسيون وليبيون جهودا لإعادة فتح المعبر.

وقال رئيس بلدية بنقردان، فتحي عبعاب: "نسعى إلى إجراء لقاء يجمع الأطراف التونسية والليبية لإيجاد حل لمشكلة المعبر".

وأضاف عبعاب، في تصريح للأناضول، أن "الاجتماع سيكون في ليبيا، ونحن ساعون إلى إيجاد حل مع الأطراف الليبية، من خلال تقديم اقتراحات قمنا بالتشاور فيها مع المعتصمين".

داخل معبر "رأس جدير" تفرض السلطات الليبية قوانين صارمة لمنع نقل السلع إلى تونس، بدعوى أنها تهدد الاقتصاد الليبي، لأن الكثير منها مدعوم من السلطة الليبية. وهو ما علق عليه الناشط التونسي عبد السلام الرقاد، بقوله: "الإخوة الليبيين عليهم أن يفهموا أن هذا كلام غير صحيح".

وأردف: "المواطن الليبي عندما يرجع إلى بلاده يحمل معه من تونس كل المواد الغذائية المدعمة والخضار والسكر وغيره كثير، وهذا أيضا يكلف الدولة التونسية أموالا كبيرة من الدعم".

وتسعى تونس وليبيا إلى زيادة قيمة التبادل التجاري بينهما، والذي تراجع إلى قرابة مليار دولار، بحسب تصريح صحافي لوزير الصناعة التونسي سليم الفرياني، في يوليو/ تموز الماضي.

وقال فتحي البقالتي، رئيس منظمة الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في مدنين: "يجب الانطلاق في تفعيل المنطقة الحرة (للتجارة) بين البلدين، التي من شأنها خلق حركية تجارية كبيرة".

وتابع: "على الدولة التونسية الإسراع في خلق مثلث تجاري يمتد من موانئ ليبيا التجارية إلى المنطقة الحرة في بنقردان والميناء التجاري بجرجيس (يتبع لمحافظة مدنين أيضا)".

وتم الإعلان، العام الماضي، عن بدء إقامة منطقة للتبادل التجاري الحر على الحدود بين تونس وليبيا.

وتوجد بوابتان حدوديتان بين الجارتين، هما: معبر "رأس جدير"، ومعبر "ذهيبة/ وازن"، في مدينة ذهيبة بمحافظة تطاوين.

ومعبر "ذهيبة/ وازن" مفتوح هذه الأيام من الجانبين، بعدما شهد هو الآخر اضطرابات أدت إلى إغلاقه بشكل كامل.

 
(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون