أميركا تسجل أسوأ عجز تجاري سلعي في تاريخها

الولايات المتحدة تسجل أسوأ عجز تجاري سلعي في تاريخها

06 مارس 2019
العجز مع الصين وحدها بلغ 419 ملياراً (فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت وزارة التجارة الأميركية تسجيل عجز تجاري قياسي، عام 2018، يقدر بأكثر من 891 مليار دولار في تجارة السلع فقط، وهو الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة، وهو ثالث عام على التوالي يشهد ارتفاعاً في العجز التجاري، الأمر الذي يتعارض بصورة واضحة مع تصريحات الرئيس دونالد ترامب المتكررة، التي أشار فيها إلى أن فرضه التعرفات الجمركية على واردات بلاده سيؤدي إلى خفض العجز التجاري.

وأشارت بيانات وزارة التجارة الصادرة اليوم الأربعاء في واشنطن، متأخرة عن موعدها المعتاد بسبب الإغلاق الحكومي الذي أمتد 35 يوماً بدءاً من يوم 22 ديسمبر/ كانون الأول 2018، إلى أن العجز التجاري ارتفع في ديسمبر 2018 إلى 59.8 مليار دولار، بعد أن كان 50.3 مليارا في نوفمبر/ تشرين الثاني، وأعلى من التوقعات التي توقفت عند 57.9 مليارا.

وبينت الأرقام أن شهر ديسمبر هو الأكثر عجزاً منذ أكثر من عقدٍ من الزمان، بعد أن انخفضت الصادرات للشهر الثالث على التوالي، وارتفعت الواردات.

لكن البيانات أشارت إلى أن عجز الحساب الجاري للولايات المتحدة، ويشمل الخدمات كالسياحة والبنوك والملكية الفكرية، بالإضافة إلى السلع، بلغ 621 مليار دولار فقط في 2018.

العجز مع الصين 419 ملياراً

وفي التعاملات التجارية مع الصين وحدها خلال عام 2018، سجلت الولايات المتحدة عجزاً يقرب من 419 مليار دولار، وبنسبة تتجاوز 67% من إجمالي العجز التجاري الأميركي، بعد أن كان صافي تعاملات البلدين في 2017 قد سبب عجزاً تجارياً للولايات المتحدة بقيمة 375 مليار دولار فقط.

وأوردت "رويترز" أن العجز التجاري في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى في 10 سنوات عام 2018، في الوقت الذي سجل فيه عجز الميزان التجاري ذو الحساسية السياسية مع الصين مستوى قياسيا مرتفعا، على الرغم من فرض إدارة ترامب رسوما على عدد من السلع المستوردة في مسعى لتقليص الفجوة.

ونقلت رويترز عن وزارة التجارة أن قفزة بنسبة 18.8% في العجز التجاري خلال ديسمبر/ كانون الأول أسهمت في تسجيل عجز إجمالي قدره 621 مليار دولار العام الماضي، بعد تسجيل عجز بقيمة 552.3 مليارا سنة 2017.
وجعل ترامب من العمل على تخفيض العجز التجاري لبلاده أحد أهم أركان حملته الانتخابية في 2016، كما أعلنه هدفاً لسياساته مطلع العام الماضي، بعد أن سجل العجز التجاري خلال عامه الأول في البيت الأبيض 567 مليار دولار.

وقرر ترامب مطلع مارس/ آذار 2018 فرض تعريفات على واردات بلاده من الحديد والألمنيوم، وقبل نهاية الشهر، بدأ اجراءات فرض تعريفات على ما قيمته 50 مليار دولار من واردات بلاده من الصين، ومع نهاية الربع الثالث من العام المنتهي، كانت التعريفات قد طاولت ما يقرب من 300 مليار دولار، أو حوالي 12% من إجمالي الواردات الأميركية، منها 250 مليار دولار من المنتجات الصينية.

شطب تركيا والهند من القائمة التفضيلية


وفي أحدث محاولاته لتقليص عجز الميزان التجاري، أبلغ ترامب الكونغرس بشطب تركيا والهند من قائمة الدول النامية التي تستفيد من نظام التفضيل المعمم، والذي كان يسمح لهما ببعض الإعفاءات الجمركية عند التصدير للولايات المتحدة، علما أن البلدان معاً يصدران إلى الولايات المتحدة ما قيمته 54 مليار دولار سنوياً.

ورغم كل تلك التعريفات، جاء التأثير على الميزان التجاري بنتائج عكسية، الأمر الذي أرجعه بعض المحللين إلى سياسات ترامب الأخرى، ومنها قانون الإصلاح الضريبي، الذي أقره ترامب مطلع العام الماضي، وأيضاّ سياسات البنك الفيدرالي الداعمة لمعدلات الفائدة المرتفعة، التي ساعدت على تقوية الدولار، وهو ما سمح لمئات الشركات، كما ملايين الأفراد من المستهلكين، بزيادة مشترياتهم من البضائع المستوردة.

ويرى ترامب أن العجز التجاري لبلاده ينقل كميات ضخمة من ثروات الأميركيين إلى البلدان الأخرى.

وتوالت خلال الأيام الماضية التقارير الصادرة عن مراكز بحثية وجامعات أميركية مرموقة، تتحدث كلها عن خسائر كبيرة للطرف الأميركي، بخلاف اتساع العجز التجاري، بفعل التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على الواردات، بعد أن ارتفعت تكاليف الإنتاج لدى الشركات، وعمدت الشركات إلى تمرير التكاليف الإضافية إلى أسعار المستهلكين.

وقدرت بعض الدراسات التكلفة المبدئية لتعريفات ترامب على الاقتصاد الأميركي بمليارات الدولارات، كما أكدت أن أغلبها سيتحمله المستهلك الأميركي.

ولم تفت الباحثين الذي أعدوا تلك التقارير الإشارة إلى تعليق نسب كبيرة من الانفاق الاستثماري لدى الكثير من الشركات الأميركية، كما انخفاض الصادارات بفعل التعرفات الانتقامية من الدول الأخرى، وهو ما تسبب على ما يبدو في زيادة العجز التجاري الأميركي الذي أكدته البيانات الصادرة اليوم الأربعاء.

وتقترب الولايات المتحدة والصين من التوصل إلى التفاصيل الأخيرة لاتفاق تجاري بين العملاقين الاقتصاديين، وهو ما يتوقع الإعلان عنه في لقاء مرتقب بين زعيمي البلدين في منتجع مار–أ–لارغو على شاطئ النخيل في ولاية فلوريدا خلال الأسبوع الأخير من الشهر الجاري.
وتشير التقارير إلى تعهد الصين بشراء ما تصل قيمته إلى 1.2 تريليون دولار من المنتجات الأميركية، تشمل فول الصويا والغاز، بالإضافة إلى تخفيض التعريفات الصينية المفروضة على المنتجات الزراعية والسيارات الأميركية.

وفي مقابل ذلك، ستقوم الولايات المتحدة بإلغاء كل التعريفات التي أضيفت إلى المنتجات الصينية خلال العام الماضي.

وفي تقريرها ربع السنوي، قالت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي ومقرها باريس بفرنسا، إنه "من غير المتوقع أن يتلقى الاقتصاد العالمي دفعة قوية من الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين، حيث إن أي اتفاق لن ينجح في إزالة الغموض عن مستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين".

وخفضت المنظمة توقعاتها للنمو الاقتصادي لعامي 2018 و2019 لأغلب الاقتصادات الكبرى حول العالم، وأرجعت هذه النظرة المتشائمة إلى النزاعات التجارية بين تلك البلدان.

المساهمون