أزمة عقارية تتهدّد لبنان بعد وقف القرض السكني المدعوم

أزمة عقارية تتهدّد لبنان بعد وقف القرض السكني المدعوم اعتباراً من اليوم

09 يوليو 2018
وقف "المركزي" دعم القروض عزّز استنسابية المصارف (العربي الجديد)
+ الخط -
بعد ركود حاد منذ أكثر من سنة وتراجع تدريجي متواصل منذ عام 2011، يمكن القول إن القطاع العقاري في لبنان دخل رسمياً في أزمة أكثر عُمقاً اعتباراً من اليوم الإثنين، مع إيعاز رئيس المؤسسة العامة للإسكان روني لحّود وقف قبول أي طلب قرض سكني جديد اعتباراً من اليوم حتى إشعار آخر.

الخطوة جاءت في مذكرة داخلية تسرّبت إلى الإعلام أمس الأحد، وجّهها رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للمؤسسة العامة للإسكان (عامة)، روني لحود، إلى رئيس المصلحة الإدارية والقانونية في المؤسسة، طالباً وقف قبول أي طلب قرض سكني جديد اعتباراً من اليوم الاثنين.

الإجراء الذي اتخذه مجلس إدارة المؤسسة في آخر اجتماع له منعاً للإحراج والتدخلات والوساطات، جاء بعدما وجدت بعض المصارف صعوبة في الموافقة على جميع طلبات القروض السكنية المستوفاة كل شروط بروتوكول التعاون بين مؤسسة الإسكان وجمعية مصارف لبنان، ولجوء بنوك أخرى إلى الانتقائية في التعاطي مع ملفات المقترضين.


ولئن كان وقف قبول طلبات القروض السكنية رسمياً يعني اتجاه القطاع العقاري إلى أزمة ربما تكون كارثية، إلا أن باب الحلول ليس مغلقاً تماماً.

فقد قال لحود في حديث إذاعي اليوم: "نعمل على حلول لتأمين قروض سكنية، واليوم سيتقدّم مشروع قانون إلى المجلس النيابي من "تيار المستقبل" (التابع لرئيس الحكومة سعد الحريري)، ونتمنّى أن يصدر هذا القانون لأنّه سيكون حلاً مستداماً".

قرار المؤسسة العامة للإسكان يقضي بوقف قبول الطلبات الجديدة، لكن ماذا عن القروض المقدمة سابقاً؟

لحود أوضح في تصريح تلفزيوني أن كل الطلبات القديمة لن تتوقف، ولفت إلى أن القروض السكنية المدعومة من مصرف لبنان (المركزي) متوقفة "لذا تم رفض الطلبات الجديدة"، معتبراً أن قرار إيقاف الطلبات الجديدة يخدم بتّ الملفات القديمة، لأن "هذه المسألة هي اجتماعية والتمييز فيها غير مقبول".

وأكد أنه سيتم البحث عن مصادر تمويل جديدة، موضحاً أن مشروع القانون الذي تقدّم به "تيار المستقبل" يقضي بتمويل أو دعم الفوائد من وزارة المالية (بدلاً من المصرف المركزي كما في السابق).
المطوّرون العقاريون

تأثير وقف القروض لا يقتصر ضرره طبعاً على الناس المحتاجين للقروض كي يؤمّنوا مسكناً، بل يطاول مباشرة السوق العقارية بأكملها وكل المهن المرتبطة بأعمال البناء والتشييد حسب مراقبين. وشركات التطوير العقاري من أبرز المتضررين باعتبارها في الواجهة.

"جمعية مطوّري العقار في لبنان" (REDAL) أصدرت بياناً اليوم الاثنين، أيّدت فيه صيغة طرحها وزير الشؤون الاجتماعية النائب بيار بو عاصي، واقتراح القانون المعجّل المكرر الذي أعدّته كتلة "المستقبل" النيابية لحلّ الأزمة واعتماد صيغة مستدامة تكفل استمراريتها، لكنها شددت على ضرورة توفير سلسلة تحفيزات تتيح إنعاش القطاع العقاريّ "قبل أن يفوت الأوان ويصبح من الصعب جداً أن يقوم من محنته.

أمين سرّ الجمعية، مسعد فارس، قال إن "فكرة الإعفاء الضريبي للمصارف مقابل دعمها فوائد القروض، تشكل أحد الحلول الجيدة التي تؤمّن الاستمرار في دعم القروض من دون تحميل المالية العامة أية أعباء".

وأوضح أن "هذه الصيغة التي كانت الجمعية دعت مراراً إلى اعتمادها، مطبّقة في اقتصادات عدّة، وهي تشكّل طريقة لمعالجة هذه المسألة البالغة الأهمية اجتماعياً واقتصادياً"، مشدّداً على ضرورة "أن يكون هذا الحلّ محصّناً بالشروط الواضحة التي تتيح الإفادة منه لذوي الدخل المحدود والمتوسط، لأن الطبقة الوسطى تُعتَبَر أساس نمو الاقتصاد".

وأعرب فارس عن دعم الجمعية أيضاً اقتراح القانون المعجّل المكرر الذي أعدّته كتلة "المستقبل" النيابية "لدعم الفائدة للمشتري الجديد والمستأجر القديم الراغب في تملّك المسكن الذي يشغله أو أي مسكن آخر إن أراد تسليم مسكنه القديم للمالك".
حلول "قاصرة"

لكن فارس شدّد في المقابل، على أن "هذه الحلول المقترَحَة، على أهميتها في تمكين اللبنانيين، على اختلاف قدراتهم المادية، من التملّك، ليست كافية لإنعاش القطاع العقاريّ المأزوم منذ عام 2011".

ولاحظ أن "الاقتصاد اللبناني برمته بحاجة ملحّة اليوم إلى صدمة إيجابية للنهوض به مجدداً، وهذه الصدمة الإيجابية يمكن أن يكون مصدرها القطاع العقاري، نظراً إلى كونه المحرّك الأساسي للكثير من القطاعات".

وجدّد مطالبة الجمعية بتحفيزات تساهم في ضخ الحركة في القطاع العقاري، ومنها مثلاً "تخفيض الضرائب وخصوصاً ضريبة الاملاك المبنية، وتخفيض رسوم التسجيل، وتوحيد التخمين وحصره بجهة واحدة، وتعديل نسبة القيمة التأجيرية لتتماشى مع واقع السوق".

كذلك، أكّد استعداد الجمعية "لدرس هذه التحفيزات وغيرها مع المسؤولين في الدولة"، مضيفاً "أكدنا هذا الأمر لرئيس الجمهورية خلال زيارتنا الأخيرة له، وطرحناه كذلك على عدد من المسؤولين الآخرين".

وإذ دعا إلى "شراكة بين القطاعين العام والخاص تتيح إخراج القطاع من حال الركود"، ختم بالتشديد على أن "المطلوب اليوم المسارعة إلى إعادة إطلاق عجلة هذا القطاع، قبل أن يفوت الأوان ويصبح من الصعب جداً أن يقوم من محنته".