هل تصبح اليونان حصان طروادة في أوروبا؟

هل تصبح اليونان حصان طروادة في أوروبا؟

10 ابريل 2015
بوتين يلعب دور الأخ الأكبر في نصح تسيبراس(Getty)
+ الخط -
فيما يواصل رئيس الوزراء اليوناني، أليكسس تسيبراس، زيارته لموسكو ويجتمع بالرئيس الروسي بوتين لمناقشة الأزمة المالية التي تعيشها اليونان، وأزمة اليسار الراديكالي في أثينا، تتواصل التكهنات حول مستقبل بقاء اليونان في منطقة اليورو حتى أن بعض المصارف التجارية الكبرى في العالم بدأت تجهّز سيناريوهات التعامل مع تداعيات خروج اليونان من اليورو.
وبات واضحاً أن زعماء أوروبا يتعاملون مع اليونان على أنها "عضو طارئ" في اليورو ويدفعون لها بالقطعة، وليس كعضو دائم، حيث ترفض المفوضية الأوروبية جميع البدائل التي قدمها تسيبراس لبرنامج التقشف والإصلاح الاقتصادي. وهو البرنامج الذي صممته كل من المفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي في العام 2012 ومنحت بموجبه اليونان حزمة مالية قدرها 240 مليار يورو (حوالى 260 مليار دولار)، لإنقاذها من فك الإفلاس.
ولا يبدو حتى الآن، أن المفاوضات التي أجراها تسيبراس في موسكو ستعود بمردود مادي، لأن موسكو نفسها مخنوقة مالياً بالحظر الغربي وانهيار أسعار الروبل، وتعيش ضائقة مالية هي الأشد منذ تحولها من النظام الشيوعي وتفكيك الإمبراطورية السوفييتية قبل عقدين.
كما لا توجد مؤشرات أن الصين التي كانت في السابق متلهفة للاستثمار في اليونان، على استعداد هذه المرة لضخ أموال في الاقتصاد اليوناني، وخاصة أن علاقاتها الاقتصادية المتميّزة مع ألمانيا والاتفاقات التي وقعتها مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إبان زيارتها لبكين في نهاية العام الماضي، هي الأهم بالنسبة لصادرات الصين وصناعاتها.

لكن رغم أن روسيا مفلسة ولا تملك الأموال التي يحتاجها بشدة اقتصاد اليونان، كما أن الصين توازن بين مصالحها التجارية الضخمة في أوروبا، وبين الاقتصاد اليوناني الصغير، الذي لا يفوق حجمه 360 مليار دولار، إلا أن هنالك مخاوف سياسية ومخاطر تكتنف خروج اليونان من منطقة اليورو في هذه اللحظات الحرجة التي تعيشها العلاقات بين واشنطن وبروكسل وبين موسكو التي ضمت جزيرة القرم وتفرض عليها أميركا وأوروبا حصاراً اقتصادياً صارماً. ومن هذا المنطلق يري خبراء في لندن، أن الضغوط الأميركية ربما تجبر زعماء اليورو على التعامل مع رئيس الوزراء اليوناني اليساري ربما إلى حين.
وبالتالي، فرغم أن الاتحاد الأوروبي ليس حريصاً من الناحية الاقتصادية على بقاء اليونان في اليورو، وهنالك العديد من التصريحات تدعم وجهة النظر هذه، إلا أن المخاوف تتزايد في كل من واشنطن وبروكسل من التداعيات السياسية على خروج اليونان من منطقة اليورو، وهو ما يعني عملياً عدم تقيّدها بقواعد الاتحاد الأوروبي.
وأهم هذه التداعيات السياسية، أن تقيم الحكومة اليسارية الراديكالية في أثينا، في حال خروجها من اليورو، علاقات وثيقة مع بوتين وتسمح له باستخدام مياهها الإقليمية لزرع غواصات نووية أو الوقوع في أحضان الصين والتعامل مع إيران أو فنزويلا، والعديد من الدول المنبوذة.

اقرا أيضا:
تسيبراس يهرب من دُوّامة أوروبا.. ويُبحر باليونان عبر موسكو

وكما يقول خبير استراتيجي في هذا الصدد، فإن المخاوف الأميركية والغربية تنصب في أن الرئيس أليكسس تسيبراس، شاب مغامر وربما يجعل اليونان "حصان طروادة" داخل أوروبا. وهو السيناريو الذي ترغب فيه روسيا وعدد من الدول المناوئة لأميركا والغرب عموماً.
وعلى الصعيد المالي، بدأت المصارف التجارية تهيئة عملائها لاحتمال خروج اليونان من منطقة اليورو. وفي هذا الصدد، قال مصرف "جي بي مورجان" الأميركي، إنه يدرس احتمالات خروج اليونان من اليورو ويعدّ العدّة لحدوث مثل الحدث وتداعياته المالية.

ويعد "جي بي مورجان" من كبار المستثمرين في السندات السيادية بمنطقة اليورو.
وقال الرئيس التنفيذي للبنك، جيمي ديمون، في مذكرة داخلية بعثها إلى كبار العملاء والمستثمرين في المصرف: "يجب علينا أن نكون مستعدين لاحتمالات خروج اليونان من اليورو، ونختبر استجابة مصرفنا وجاهزيته إذا خرجت اليونان".
وأضاف، حسب ما ذكرت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية: "إن أي خروج لليونان من اليورو ستعقبه فترة اضطراب مالي في اليونان وتداعيات في أسواق منطقة اليورو الأخرى".
ومن بين الذين دعوا إلى خروج اليونان من اليورو، الملياردير الأميركي وارن بيفت، الذي قال في تصريحات قبل أسبوع، إن خروج اليونان من منطقة اليورو سيقود إلى تقوية اقتصاديات اليورو. لكن رأي بيفت ربما بُني على الأجل البعيد. ورغم أنه استثماري دَرِبْ ولا يُشقّ له غبار في المجال المالي، إلا أن العديد من خبراء الاقتصاد يعتقدون أن خروج اليونان من منطقة اليورو سيكون محفوفاً بالمخاطر وله تداعيات خطيرة على العملة الأوروبية، "اليورو"، وعلى القطاع المصرفي ومستقبل الاستثمار في السندات السيادية.
وهنالك توقعات أن المستثمرين الدوليين في سوق الصرف العالمي لن يأخذوا اليورو كعملة رئيسية أو عملة احتياط رئيسية إذا بدأت دول بالتملّص من اليورو أو بالتململ من عضويتها بعد خروج اليونان من منطقة اليورو. وهذا الاحتمال ستكون له تداعيات خطيرة على تمويل موازنات العديد من دول اليورو التي تعتمد في تمويلها على إصدار السندات.
ورغم أن الحكومة اليونانية قد تكون سددت قسط ديون صندوق النقد الدولي، فإن هنالك توقعات أن اليونان ربما لا تتمكن من تسديد باقي إلتزاماتها المالية المترتبة عليها قبل يونيو/حزيران. من هذا المنطلق،قامت وكالة فيتش الأميركية بوضع نظرة سالبة لتصنيف اليونان.
في هذا الصدد يري دوغلاس رينويك مسؤول أوروبا الغربية في وكالة فيتش، أن اليونان ربما لن تتمكن من تسديد إلتزاماتها للدائنييين وإستيفاء شروط الإصلاح التي يطالب بها المسؤولون الأوروبيون وصندوق النقد. ويلاحظ أن اليونان بحاجة لتمويل سندات خزانة قيمتها 1.48 مليار يورو، كما أنها بحاجة لإعادة تمويل سندات قصيرة الأجل خلال الشهر المقبل، وذلك إضافة إلى النفقات الحكومية.

اقرأ أيضا:
تسيبراس يرقص على رؤوس الثعابين

المساهمون