النكسة المصرية في الأزمة الخليجية

النكسة المصرية في الأزمة الخليجية

19 يونيو 2017
قطع العلاقات مع قطر يضر بالدول المقاطعة (الأناضول)
+ الخط -
في ذكرى يوم النكسة، الخامس من يونيو/حزيران، وفي العاشر من شهر رمضان الفضيل، قطع الجنرال السيسي العلاقات مع دولة قطر وأغلق الأجواء المصرية وموانئها أمام كافة وسائل النقل القطرية، ولم يكتف بذلك، بل أعلن عن تقدمه بالإجراءات اللازمة لمخاطبة الدول الصديقة والشقيقة والشركات العربية والدولية للعمل بذات الإجراء الخاص بوسائل نقلهم المتجهة إلى الدوحة.
الجنرال السيسي قطع العلاقات مع قطر وترك العمالة المصرية فيها والتي تقدر بحوالي 300 ألف مصري تواجه المجهول، مثلما حصل في ليبيا قبل عامين، فضلًا عن أن عودتهم تعني انضمامهم إلى طابور العاطلين الذي تقدره الحكومة المصرية بما دون 13% ويقدره البنك الدولي بنحو 25% من 30 مليون عامل في سوق العمل المصري. بعد يوم واحد من قطع الجنرال السيسي العلاقات مع قطر صرح وزير في حكومته هو وزير القوى العاملة المصري بأن قطر لا تتحمل الاستغناء عن العمالة المصرية، لأن ذلك "يسقط" السوق القطرية، وأنه شكل لجنة أزمة وطوارئ من خمس وزارات استعدادًا لأي رد فعل من "الدولة القطرية" تجاه العمالة المصرية بحسب تصريح الوزير في فضائية سي بي سي - مصر.
تصريح الوزير على هذا النحو هو في الواقع تصريح استفزازي للدولة المضيفة ويضر بالعاملين المصريين، علاوة على فقدانه المصداقية والمسؤولية في آن واحد. إذ لم تستقبل حكومته المصرية أي عمالة مصرية استغنت عنها دولة عربية أو أجنبية ثم أعادت تشغيلها في الماضي أو الحاضر، لا في الأزمة الكويتية أو الليبية مروراً بالأزمة العراقية.
ولم يخبرنا الوزير عن خطة وزارته لتشغيل 4 ملايين مصري عاطلين بالفعل عن العمل حتى يصرح رسميا باستعداد الحكومة تشغيل 300 ألف إذا قررت قطر الاستغناء عنهم. تحويلات العاملين المصريين في قطر بلغت مليار دولار العام الماضي، تُشكل المرتبة الرابعة في مصادر العملة الأجنبية مقارنة بتحويلات المصريين العاملين في السعودية والكويت والإمارات، والأولى في متوسط تحويلات الفرد بمعدل 463 دولارا شهريًا بسبب الميزة النسبية للمهن ذات الدخل المرتفع التي يعملون بها، خاصة قطاع التعليم ويمثل المصريون نسبة 50% من العاملين فيه، فهل يكون ردّ الجميل لقطر بالمقاطعة والحصار واستعداء الدول عليها؟! قرار المقاطعة تزامن مع موسم إجازات العاملين المصريين وأسرهم في قطر، ما كبد شركة مصر للطيران الحكومية على وجه الخصوص خسائر مالية مباشرة، خاصة أن الشركة تُسير 29 رحلة أسبوعية إلى الدوحة لنقل العاملين وأسرهم مقابل 16 رحلة فقط لطيران القطرية.

هذه الخسائر ستُضاف إلى خسائر الشركة المتراكمة على مدار السنوات الماضية، والتي تخطت 15 مليار جنيه، ما يفوق ثلاثة أضعاف رأس مالها، بحسب تصريحات رئيس الشركة. قرار المقاطعة يحرم الاقتصاد المصري المنهار من ميزان تجاري إيجابي مع قطر، يندر وجوده مع شركاء مصر التجاريين. إذ بلغ إجمالي حجم التجارة الخارجية لمصر مع قطر خلال 2016 حوالي 325 مليون دولار، منها 282 مليون دولار صادرات مصرية و43 مليون دولار واردات قطرية، كما بلغ إجمالي حجم التجارة بين البلدين خلال الربع الأول من العام الجاري نحو 118 مليون دولار، منها 108 ملايين صادرات مصرية إلى قطر و10 ملايين واردات مصرية من قطر، حسب أرقام وزارة التجارة والصناعة المصرية. وبالرغم من استمرار عمل 210 شركات قطرية في السوق المصرية، تساهم في فتح بيوت كثير من الشباب المصري، خرجت شركات لدول يصفها السيسي بالصديقة والداعمة لنظامه، منها شركات مرسيدس الألمانية التي تعمل في مصر منذ عام 1997، ونسله السويسرية، وجنرال موتورز، وإنتل الأميركيتين. شركات أخرى تتبع الصين وكوريا والهند وفرنسا والنرويج وإيطاليا، انسحبت جميعها من السوق المصري.

وبالرغم من حاجة مصر للتوسع في السوق القطرية التي تستورد 80% من احتياجاتها الغذائية من الأسواق المجاورة، وجه الجنرال السيسي ضربة قاتلة للاقتصاد المصري المترنح بمقاطعته دولة شقيقة ومشاركته السعودية والإمارات في فرض حصار اقتصادي عليها، ما أفقد مصر السوق القطري الاستهلاكي الواعد لمصلحة دول أخرى منها تركيا وإيران. وبالرغم كذلك من حظر المملكة العربية السعودية والإمارات استيراد الخضراوات والفاكهة من مصر نهاية العام الماضي، بدعوى عدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي، استمرت قطر في استيراد المنتجات المصرية، واكتفت ببعض الإجراءات الاحترازية لم تسفر عن حظر شحنة واحدة، فهل يكون جزاؤها أن يقطع الجنرال السيسي العلاقات معها بإغلاقه الأجواء المصرية وموانئها أمام وسائل النقل القطرية كافة، وتطوعه بمخاطبة الدول الصديقة والشركات الدولية للعمل بالإجراءات ذاتها ضد قطر.

المساهمون