شروط صينية وأميركية تعرقل الاتفاق التجاري... ما هي؟
تفاصيل المحادثات التي لم يخض فيها المسؤولون في العلن، كشفت عنها وكالة "بلومبيرغ" الأميركية في تقرير قالت فيه إن شخصين على دراية بالمحادثات أفادا بأن الولايات المتحدة والصين قريبتان من صفقة تجارية يمكن أن تزيل معظم، أو جميع، التعرفات الجمركية الأميركية ما دامت بكين تلتزم بتعهدات، أبرزها حماية أفضل لحقوق الملكية الفكرية وشراء كمية كبيرة من المنتجات الأميركية.
وأوضحت أن المسؤولين الصينيين طلبوا خلال جولات التفاوض مع الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة، بإزالة الرسوم المفروضة على 200 مليار دولار من البضائع الصينية بسرعة، معتبرين تنفيذ هذا المطلب أمراً ضرورياً لإنجاز أي صفقة.
وهذه القيمة من السلع هي التي فرضت إدارة ترامب تعرفات عليها بعدما ردّت الصين على أول "هجوم" أميركي شنّته الولايات المتحدة على سلع بقيمة 50 مليار دولار وشكّل الصاعق الذي فجّر حرباً تجارية مستمرة منذ 8 أشهر.
ومن النقاط الشائكة المتبقية الآن ما إذا كان سيتم إلغاء التعرفات فوراً أو على مراحل ضمن فترة تتيح للولايات المتحدة مراقبة ما إذا كانت الصين تفي بالتزاماتها. إذ تريد واشنطن الاستمرار في استخدام سلاح التعرفات وسيلة ضغط لضمان ألا تتراجع الصين عن الاتفاق، وأن تزيل الرسوم بالكامل عندما تنفذ بكين جميع أجزاء الاتفاق.
في غضون ذلك، تؤكد "بلومبيرغ" أنه لم يتم الاتفاق بعد على موعد عقد القمة بين ترامب وشي، وفقاً لمسؤولين من البلدين رفضوا الكشف عن أسمائهم، في حين رجّحت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن يتوصل الرئيسان إلى اتفاق تجاري رسمي خلال قمة يعقدانها في "حوالي 27 مارس/ آذار"، في ضوء التقدم الذي حققته المحادثات.
عرض الصين
"وول ستريت جورنال" نقلت عن أشخاص مطلعين أن الصين تعرض خفض الرسوم الجمركية على المنتجات الزراعية والكيميائية والسيارات ومنتجات أخرى قادمة من الولايات المتحدة. وعلى وجه التحديد، ستشتري الصين بما قيمته 18 مليار دولار من الغاز الطبيعي من شركة "تشينير إنيرجي" التي تتخذ من هيوستن مقراً لها، حسبما قال أحد الأشخاص المطلعين على المسألة.
وذكرت الصحيفة أنه في إطار الاتفاق، تتعهد الصين بتسريع الجدول الزمني لإزالة القيود المفروضة على ملكية الشركات الأجنبية للسيارات، وتخفيض التعرفات الجمركية على السيارات المستوردة إلى أقل من المعدل الحالي البالغ 15%.
وقد عرض الصينيون زيادة مشترياتهم من السلع الأميركية بمقدار 1.2 تريليون دولار على مدى ست سنوات، وفقاً لما ذكره شخص مطلع على الأمر، مضيفاً أنه لا يزال من غير الواضح كيف ستتابع بكين تلك المشتريات إذا بقيت التعرفات الانتقامية مطبقة ولم تُزَل حواجز تجارية أخرى، علماً أن الصين كانت قد اشترت بما قيمته 130 مليار دولار من البضائع الأميركية عام 2017، وفقاً لأرقام الولايات المتحدة.
هدنة موسّعة
يأتي ذلك في الوقت الذي تعتبر فيه إدارة ترامب أنها بدأت هدنة موسّعة مع الصين بعدم فرض تعرفات إضافية اعتباراً من أول الشهر الجاري، وهو ما يمثل مبادرة كافية، تطالب مقابلها بإزالة كل التعرفات الصينية عن المزارعين الأميركيين، إلا أن بكين تريد إعادة الأمور إلى نصابها أولاً بإلغاء كل مفاعيل الحرب التجارية بتراجع واشنطن عن الرسوم التي فجّرت المواجهة بين الطرفين قبل نحو 8 أشهر من الآن.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مصادر أن الصين ستخفض الرسوم الجمركية على السلع أميركية الصنع بما فيها المنتجات الزراعية والكيميائيات والسيارات، في مقابل تخفيف للإجراءات المتخذة من واشنطن. لكن المصادر حذرت من عقبات ما زالت قائمة، وقالت إن كلا الطرفين سيواجه مقاومة داخلية بأن الشروط تحابي الطرف الآخر.
التقرير الذي نقلته وكالة "رويترز"، اليوم الإثنين، أوضح أن الاتفاق سيشمل شراء غاز طبيعي بقيمة 18 مليار دولار من "شينير إنيرجي" الأميركية التي كانت قد وقعت العام الماضي اتفاقاً مدته 20 عاما لتزويد مؤسسة البترول الوطنية الصينية بالغاز المسال من مرفأ تصديرها في لويزيانا حتى عام 2043.
وفي الثاني من الشهر الجاري، كشف ترامب أنه طلب من الصين إلغاء جميع الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الزراعية المستوردة من الولايات المتحدة فوراً، لأن المباحثات التجارية تمضي على نحو جيد، وبعدما أرجأ خططاً لفرض رسوم جمركية نسبتها 25% على السلع الصينية يوم الجمعة الماضي.
وقال ترامب على "تويتر": "طلبت من الصين إلغاء جميع الرسوم الجمركية المفروضة على منتجاتنا الزراعية على الفور (بما في ذلك لحوم الأبقار والخنازير، إلخ)، استناداً إلى حقيقة أننا نمضي في مباحثات التجارة على نحو جيد"، مشيراً إلى أنه لم يرفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية من 10% إلى 25% في الأول من مارس/ آذار، كما كان مقرراً من قبل.
Twitter Post
|
واليوم، الإثنين، قال السفير السابق لدى واشنطن والمتحدث الحالي باسم برلمان الصين محدود الصلاحيات، تشانغ يي سوي، في إفادة صحافية، إن "التقدم الجوهري" الذي حققته الصين والولايات المتحدة في محادثاتهما التجارية "يلقى ترحيباً" في كلا البلدين وفي أنحاء العالم، ليعيد التأكيد على نظرة بكين المتفائلة للمحادثات.
ويوم السبت، قال المتحدث باسم المؤتمر الاستشاري الصيني، قوه وي مين، إن بكين ترحب بتأجيل فرض الرسوم الجمركية الأميركية، وقال إن البلدين يعملان على الخطوات التالية، لكنه لم يخض في التفاصيل التي كشفت "بلومبيرغ" أبرزها.
التفاؤل باتفاق تجاري يُنعش مؤشرات الأسواق
تزايد الإشارات إلى التوصل لاتفاق تجاري قريباً انعكس في الأسواق المالية، حيث ارتفع المؤشر نيكاي الياباني 1% ليسجل أعلى مستوى في 3 أشهر، اليوم الإثنين، مع صعود الشركات المنكشفة على الصين.
وصعد نيكاي 1.02% إلى 21822.04 نقطة، وهو أعلى مستوى للمؤشر القياسي منذ 5 ديسمبر/ كانون الأول. وارتفعت القطاعات الفرعية الستة والعشرون للمؤشر توبكس، وقاد الاتجاه الصعودي أسهم الشركات المنتجة للآلات والرقائق التي تعتمد على الطلب من الصين. كما زاد المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 0.7% إلى 1627.59 نقطة، وفقاً لبيانات رويترز.
ثم فتحت الأسهم الأوروبية على ارتفاع، اليوم، إذ أدى التفاؤل إزاء إنهاء الحرب التجارية إلى تعزيز المعنويات، في حين امتد الإقبال على المخاطرة من آسيا إلى أوروبا في يوم هادئ على صعيد أرباح الشركات والمؤشرات الاقتصادية.
وصعد المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.4% بحلول الساعة 8:35 بتوقيت غرينتش ليحوم حول مستويات لم يشهدها منذ بداية أكتوبر/ تشرين الأول. ورغم ذلك، مُنيت بعض الأسهم بخسائر كبيرة، من بينها "روتورك" البريطانية، التي سجل سهمها أسوأ أداء وفقد 7.4% بعد نتائج مخيبة للآمال.
وارتفعت أسعار الذهب، اليوم، بعدما نزلت في الجلسة السابقة عن حاجز 1300 دولار المهم إلى أدنى مستوياتها منذ 25 يناير/ كانون الثاني، مع تراجع الدولار بفعل تنامي فرص إبرام اتفاق تجارة بين الصين والولايات المتحدة.
وفي الساعة 5:57 بتوقيت غرينتش، كان سعر الأونصة الفوري للذهب مرتفعا 0.1% إلى 1294.05 دولاراً، بعدما لامس أقل مستوى له في أكثر من شهر عند 1289.91 دولارا خلال الجلسة السابقة، في حين نزلت عقود الذهب الأميركية الآجلة 0.2% إلى 1296.10 دولاراً، فيما هبط الدولار حوالي 0.1% مقابل العملات الرئيسية.
