نظام الأسد يروّج لإنتاجه الصناعي...وارتفاع الأسعار يكوي السوريين بالداخل

نظام الأسد يروّج لإنتاجه الصناعي...وارتفاع الأسعار يكوي السوريين في الداخل

10 سبتمبر 2017
أكثر من 60% من المنشآت الصناعية مدمرة (Getty)
+ الخط -

قالت مصادر رسمية سورية، إن نظام بشار الأسد سيبدأ، الأسبوع المقبل، التحضير لإقامة معارض خارج الأراضي السورية. وبحسب محللين، فإن هذه الخطوة تأتي ضمن حملة الترويج بأن المنشآت السورية عادت للعمل، والبضائع السورية في طريقها للعودة إلى الأسواق، خاصة الإقليمية.

وبيّن رئيس اتحاد المصدّرين السوري، محمد السواح، أنه سيتم، خلال الأشهر المقبلة، خاصة خلال نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول من العام الحالي، بالإضافة إلى شهر يناير/كانون الثاني من عام 2018، إطلاق معارض في كل من بيروت وبغداد والخرطوم ومسقط، مشيراً إلى أن هذه المعارض ستكون كمهرجان سوري للبيع المباشر.

ويضيف المسؤول في حكومة الأسد، خلال تصريحات صحافية أمس السبت، أن الهدف من معارض بيع المنتجات السورية في الخارج، إعادة البضائع السورية للمستهلك المستهدف في تلك البلدان، وتأكيد على أن المعامل السورية عادت للعمل، بشكل طبيعي.

وكانت دمشق قد أطلقت، الشهر الفائت، معرض دمشق الدولي في دورته الـ59، بعد توقّف ست سنوات، بسبب الحرب المندلعة في البلاد منذ آذار/مارس 2011.

وكسر النظام السوري، بحسب مراقبين، الحصار والعقوبات المفروضة عليه، سواء من جامعة الدول العربية أو الاتحاد الأوروبي، عبر مشاركة 44 دولة في معرض دمشق الدولي، وإبرام عقود وصفقات تصدير، قدّرها مسؤولون سوريون بعشرات المليارات.

ويرى رجل الأعمال الصناعي، سعيد النحاس، أن الهدف من المعارض الخارجية، كما معرض دمشق الدولي، الاستمرار في تعويم النظام السوري وخلق انطباع أن المنشآت الصناعية السورية عاودت الإنتاج، وأن سورية بخير، مشيراً إلى أن نحو 60% من المنشآت الصناعية السورية مازالت متوقفة عن العمل اليوم، بعد أن تم تأهيل نحو 20%. وبحسب التصريح الرسمي عن اتحاد غرف الصناعة، العام الفائت، فإن أكثر من 80% من المنشآت الصناعية السورية توقفت عن العمل بسبب الحرب.

ويقول النحاس، لـ"العربي الجديد": "من حق من تبقّى من الصناعيين في سورية، أن يسعوا إلى تسويق إنتاجهم في الخارج"، لافتاً إلى جود تغيّر حدث في بنية وتموضع الصناعة السورية بعد الثورة، إذ تم نقل معظم المنشآت من حلب وحمص إلى مدن الساحل السوري "اللاذقية وطرطوس"، كما أن منشآت مدينة حماة لم تتأثر بالحرب ومازالت تنتج، وإن بالحدود الدنيا.

ويضيف النحاس "أن نظام الأسد يعمل على الترويج والتسويق بأن سورية بخير"، لافتاً إلى أن النظام لا يهمه سد حاجات السوق من السلع، خاصة أن الأسواق تعاني من قلة المعروض، الأمر الذي تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

وأشار الصناعي السوري إلى إمكانية تصدير المنتجات الزراعية خلال المواسم، كالبندورة والحمضيات، كما يمكن تصدير مواد خام ومنتجات نسيجية، لأن إنتاجها يزيد عن الاستهلاك السوري، خاصة أن نظام الأسد غير معني برفد الأسواق في المناطق المحررة بالمنتجات، خاصة في محافظة إدلب وريف حلب التي تعتمد في جل استهلاكها على المنتجات التركية.

ويعاني الميزان التجاري السوري من عجز زاد عن ملياري يورو (نحو 2.3 مليار دولار) العام الفائت، حسب بيانات وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة بشار الأسد، وأن قيمة صادرات سورية لم تتجاوز العام الماضي عتبة 600 مليون يورو (نحو 623 مليون دولار)، في حين زادت الواردات، خلال العام نفسه، عن 2617 مليون يورو (نحو 2879 مليون دولار)، ليبلغ حجم العجز التجاري خلال عام 2016 نحو ملياري يورو (نحو 2.3 مليار دولار).

كما بيّنت هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات في دمشق، تراجع الصادرات السورية من نحو 8 مليارات دولار عام 2010 إلى نحو 663 مليون دولار العام الفائت. وأشارت بيانات الهيئة إلى أن نسبة المواد المصنّعة بلغت نحو 52% من قيمة الصادرات، في حين شكّلت المواد نصف المصنّعة نسبة 15% والمواد الخام، نسبة 35% من الصادرات في عام 2016. وتوزعت الصادرات، حسب استخدام المواد في عام 2016، إلى 54% سلعا استهلاكية، و45% سلعا وسيطة، و0.5% سلعا رأسمالية.

ويسأل الاقتصادي السوري حسين جميل، هل يمكن للإنتاج السوري منافسة المنتجات الإقليمية؟ ويقول "تضاعفت أسعار المشتقات النفطية والكهرباء وأجور العمال، بشكل لافت، كما يضطر الصناعي السوري إلى استيراد المواد الأولية من الخارج، ما يعني أن تكاليف المنتج السوري اليوم تجعل سعره النهائي خارج المنافسة في الأسواق الخارجية.

وينبه جميل من خطورة تصدير منتجات رديئة، ما يسيء إلى سمعة الصناعة السورية، كما حدث مع الاتحاد السوفييتي، خلال اتفاقية المدفوعات في ثمانينيات القرن الماضي، حين قبلت موسكو بتسديد ديونها سلعا سورية.

ويلفت الاقتصادي السوري، لـ"العربي الجديد"، إلى إمكانية اللعب على شهادة المنشأ، أي استيراد سلع من الخارج وتصديرها على أنها سورية، على أن تتكفل حكومة الأسد بالدعم، وهو الذي يحصل وصرح به غير مسؤول في حكومة الأسد، سواء من تحمل أجور النقل أو دعم التصدير.

وبالفعل، شكّلت الهيئة الروسية للرقابة على المنتجات الزراعية، العام الفائت، فريقاً من الخبراء للتوجه إلى سورية، من أجل التحقق من منشأ الصادرات السورية إلى روسيا.