سورية والنووي يغذيان شراكة روسيا وإيران

سورية والنووي يغذيان شراكة روسيا وإيران

29 أكتوبر 2015
خبراء روس في محطة بوشهر الإيرانية (فرانس برس)
+ الخط -
فيما تتسارع تطورات الأوضاع على الساحة الإقليمية، تبدو مؤشرات قوية على مساعي الحليفتين موسكو وطهران، لاستثمار التقارب السياسي في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما أكثر من أي وقت مضى.
وقد وقّع البلدان، أخيراً، عدداً من اتفاقيات التعاون المرتبطة بقطاعات مهمة، منها النفط، الغاز، الكهرباء، الاتصالات، تقنيات تبادل المعلومات، الشحن، النقل، المصارف، والاستثمارات المالية المشتركة.
وكان هذا خلال زيارة لوزير الطاقة الروسي، الكسندر نوفاك، على رأس وفد مكون من خمسين شخصية من شركات روسية ومن البنك المركزي الروسي قبل أسبوعين إلى طهران.
بعض المشاريع الإيرانية الروسية تعمل على ربط شبكة الكهرباء الإيرانية مع روسيا عبر الأراضي الأذربيجانية. كما اتفق الطرفان على إنشاء مصرف مشترك إيراني روسي، وهو ما سيحل عددا من مشكلات التبادل المالي لكليهما، فضلا عن اتفاقهما أخيرا على تعديل التعرفة الجمركية وتسيير رحلات للشحن جوا.
تضاف هذه الاتفاقيات إلى اتفاقيات أخرى ترتبط بالقطاع النووي، فروسيا شريك إيران النووي الأول، وقد اتفق الطرفان على بناء مفاعلين نوويين جديدين وهما عبارة عن وحدتين ستضافان إلى مفاعل "بوشهر" النووي الواقع جنوب البلاد. كما لا يخفى على أحد أن إيران هي الزبون العسكري التقليدي لروسيا، وقد وقع الطرفان، مطلع العام الجاري، اتفاقية جديدة لتطوير التعاون العسكري بينهما.

التبادل التجاري

بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين، خلال العام الماضي، 1.68 مليار دولار، لكن طهران وموسكو اتفقتا على مشاريع بقيمة أربعين مليار دولار، حسب ما تناقلت المواقع الرسمية الإيرانية. وكانت طهران قد طرحت على روسيا مؤخرا مشاريع بقيمة 25 مليار دولار تتعلق بالشحن والإعمار والإسكان ومد السكك الحديدية، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا".
لكن في العام الماضي، تحدث الطرفان، خلال تصريحات صادرة على لسان عدد من مسؤولي البلدين، على أنهما ينويان تطوير مشاريع بينهما تصل قيمتها إلى مائة مليار دولار، غير أن هذا الأمر يبدو صعبا حتى الآن، خاصة في ظل وجود العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي، والتي لم تلغ بعد بموجب الاتفاق مع الغرب.
ومن المنتظر أن يطبق هذا البند خلال مدة شهرين من الآن تقريبا، وهو ما سيفتح المجال أكثر أمام هذين الشريكين السياسيين ليكونا شريكين اقتصاديين مميزين كما يتوقع الخبراء.

مشروعات ضخمة

ويقول الخبير في الشؤون الإيرانية، حسن بهشتي بور، إن العلاقات الاقتصادية الإيرانية الروسية بدأت بالتطور بشكل ملحوظ منذ خمس سنوات تقريبا، معتبرا أن التقارب السياسي لعب الدور الأساس، إلا أنه أشار إلى أن الإعلان عن نيتهما للاتفاق على مشاريع ضخمة بقيمة مائة مليار دولار "أمر بعيد المنال على الأقل في المستقبل القريب".

اقرأ أيضا: تداعيات اقتصادية محدودة للخلافات بين روسيا والخليج

وقال بهشتي بور لـ"العربي الجديد" إن الخطط والاتفاقيات الموقعة قبل أسبوعين أقرب للواقع، فحجم المشاريع المشتركة بين طهران وموسكو يبلغ في الوقت الحالي ما يعادل 40 مليار دولار تقريبا، وهو أمر جيد حسب تقديره، ويشير إلى نيتهما للمضي في علاقات أكثر تطورا مستقبلا.

ويرى أن العقوبات التي فرضت على إيران بسبب النووي في سنوات سابقة هي التي حدّت من هذه العلاقات، روسيا تحاول في الوقت الفعلي التركيز على الاستثمار في قطاع الطاقة الإيراني، والحصول على عقود مميزة في حقول النفط والغاز في إيران، لا سيما أن تطبيق الاتفاق النووي بشكل عملي قريبا سيجعل هذه القطاعات مفتوحة أكثر أمام الاستثمارات الأجنبية.
ويعتبر بهشتي بور أن روسيا معنية بقطاعات دون أخرى في طهران، وهي قطاعات كبرى، حسب وصفه، ففضلا عن الطاقة، فإن روسيا متخصصة في بناء مفاعلات إيران النووية، كما أنها تعمل حاليا على استكمال مشروع مفاعل "رامين" للكهرباء الواقع في الأهواز جنوبي البلاد. وفي ذات الوقت، من المتوقع أن يزيد التعاون في مجال الصناعات الجوية، فيما أن إيران بالمقابل ستعمل على تأمين احتياجات السوق الروسية، خاصة فيما يتعلق بالصادرات الغذائية.
إيرانياً، فإن طهران تدرك أن الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين يركز على تطوير علاقات بلاده الاقتصادية مع دول غير غربية، مثل إيران وتركيا. وفي هذا الشأن، يقول أستاذ علم الاقتصاد في الجامعة الحرة الإيرانية، عبدالمجيد شيخي، إن أزمة روسيا مع أوكرانيا ستساهم في تطوير العلاقات الاقتصادية تدريجيا مع إيران.
ويضيف شيخي لـ"العربي الجديد"، أن أهمية الأمر بالنسبة لإيران تكمن في عدم ثقة البلاد في الغرب، فرغم التوصل إلى اتفاق نووي، وسياسة الحكومة الواضحة بالانفتاح على الغرب، لكن العقوبات لم تُلغ بعد، ومن مصلحة إيران أن تحصل على بدائل لتدعيم اقتصادها أمام أي نقض للتعهدات بموجب الاتفاق ذاته، وهذا سبب سعي طهران الحالي للتركيز على التحالف سياسيا واقتصاديا مع دول في المنطقة.
واعتبر شيخي أن روسيا تلعب دوراً دولياً هاماً لا يخفى على أحد، كما أنها جزء مهم من مجموعة "البريكس" الاقتصادية التي تضم كذلك الهند والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا، وهي الدول صاحبة النمو الاقتصادي الأسرع، وقد أعلنت طهران، في وقت سابق، استعدادها للانضمام لهذه المجموعة، والتقارب مع روسيا قد يفيدها على هذا الصعيد، كما سيساعد طهران وموسكو على تخطي تبعات العقوبات المفروضة على كليهما.
كما لا ينكر شيخي، التأثير الإيجابي للتقارب في الموقف السياسي من الأزمة السورية، فضلا عن الاتفاق النووي الذي سيفتح الآفاق أمام طهران، رغم كل الضغوطات الأخرى المحيطة بها.
ويتوقع تطور العلاقات أكثر بين الطرفين، لكنه لا يتوقع أن تأخذ روسيا مكان شريك إيران التجاري الأول وهو الصين.

اقرأ أيضا: إيران تطرح مشروعات على روسيا بـ25 مليار دولار

المساهمون