السعودية : قروض الصندوق العقاري للفقراء ومحدودي الدخل

السعودية : قروض الصندوق العقاري للفقراء ومحدودي الدخل

14 سبتمبر 2016
تضرر قطاع البناء من توقف عمل الصندوق (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر حكومية سعودية لـ"العربي الجديد"، عن أن هناك خطة لتغيير سياسة صندوق التنمية العقارية بشكل شامل سيتم من خلالها توجيه برامجه لذوي الدخل المحدود والفقراء لتمكينهم من امتلاك وحدات سكنية.
وقالت المصادر، التي طلبت عدم ذكر اسمها، إن: "الصندوق ينوي تغيير سياسته للمرة الخامسة خلال عامين، على أن يوجه أمواله للفقراء وغير القادرين على تملك السكن بالدرجة الأولى".

وكان الصندوق طوال 42 عاما يقدم القروض لجميع السعوديين دون تمييز، وأشار المصدر: "سيكون ذلك من الماضي".
ويسود جو من عدم الرضى على أداء الصندوق العقاري خلال الأعوام الثلاثة الماضية، خصوصا بعد توقف إصدار أي دفعات للمستحقين، أو أسماء جديدة لأكثر من 16 شهراً مضت.

وعلى الرغم من ذلك يؤكد الصندوق على أنه يساهم بشكل جيد في حل أزمه السكن، وقال في بيان رسمي مؤخراً: "إن القروض التي وقعها مؤخرا أسهمت في رفع نسبة تملك الوحدات السكنية، إضافة إلى دورها في بناء أكثر من 23 ألف وحدة سكنية".
وحسب المصادر " ينوي الصندوق إطلاق برنامج القرض المعجل بعد عيد الأضحى المبارك، ومن خلاله سيحصل المتقدم على قرض تبلغ قيمته بحد أقصى 500 ألف ريال (الدولار = 3.75 ريالات)، يتم سداده على مدى 15 عاماً بقسط شهري مقداره 2777 ريالا.

وبعد أن كان الصندوق يقدم القرض ذاته دون فوائد، ستكون كلفة التمويل الجديد 75 ألف ريال، ويتم سدادها بعد الانتهاء من سداد أقساط القرض المعجّل على مدى 5 أعوام بقسط شهري بمبلغ 1250 ريالا.
وهو ما دفع الخبراء للتحذير من هذا القرض، خصوصاً أن الصندوق يشترط شراء منزل جاهز، وليس بناء قطعة أرض يملكها المقترض، وهو ما يؤكد عليه الخبراء أنه محاولة لإنقاذ العقاريين الذين فشلوا في تصريف منازلهم طوال العامين الماضيين.



ويؤكد الخبير العقاري عبدالله الغيث، لـ"العربي الجديد"، أن الصندوق فشل في حل أزمة السكن بشكل ذريع، ولم تنجح أي من برامجه، كبرنامج أرض وقرض، والسكن الجاهز وحتى القرض المعجل، في تحريك الأزمة، بل ساعدت في ارتفاعها بشكل ملحوظ، وبالتالي يحتاج إلى تغيير مساره".
ويضيف: "يمنح القرض المعجل المقترض حق التمويل لباقي قيمة المسكن بمبلغ أعلى من قيمة القرض المعجّل من البنك مباشرة، وفقاً للشروط والأحكام التي يحددها البنك، وهو ما يعني أنه سيكون بفوائد عالية، ويصب في صالح العقاريين، والبنوك، والغريب هو توجه الصندوق على الرغم من تأكيدات وزير الإسكان ماجد الحقيل السابقة على أن 90٪ من المنازل المبنية والمعدّة للبيع غير صالحة للسكن".

وتسبب توقف الصندوق طوال 16 شهرا عن الإقراض، في نشوب أزمة كبيرة في السوق، خاصة لمن حصل على دفعات أولى وبدأ في البناء، ثم توقف لعدم حصوله على بقية القرض، ويدافع صندوق التنمية العقارية بأن تأخر المواطنين في سداد مبالغ أقساط مستحقة لمصلحة الصندوق انعكس بشكل سلبي على من هم على قوائم الانتظار، وأكد مسؤول كبير فيه على أن الصندوق يعكف حاليا على وضع آليات وبرامج جديدة تدعم مسيرة الإقراض.

وأضاف: "هناك برامج قيد الدراسة تهدف إلى تقليص مدة الانتظار لمن هم على قوائم الصندوق وعندما تكتمل هذه البرامج سيتم الإعلان عنها قريبا".
من جانبه يؤكد الخبير الاقتصادي عبدالعزيز المقرن، لـ"العربي الجديد"، على أن هذا التوقف انعكس حتى على مصانع الإسمنت والحديد، ويضيف: "كل شركات الإسمنت تراجعت أرباحها، لأن هناك حالة توقف بالقطاع السكني، فمن لا يملك سكنا لا يملك سوى تمويل الصندوق العقاري، وهو متوقف منذ ما يزيد عن سنة، خاصة أن وزارة الإسكان لم توضح ما هي خططها السكنية لطالبي القرض السكني".

وأضاف: "لا أعتقد أن المشكلة في غياب التمويل، لأن هناك حلولا ممكنة، وهي إصدار سندات تمويلية، وأيضا الاستفادة من السداد الشهري الذي يتم للصندوق عن طويق إعادة إقراضه، فالحلول ممكنة، ولكن الأهم ألّا يتوقف القرض السكني، فخلال هذه السنة التي توقف معها القرض العقاري، نما الطلب بما لا يقل عن 150 ألف وحدة سكنية وهو المعدل السنوي للطلب على السكن.
وبالتأكيد هذا الرقم سيضاعف من أزمة السكن التي تعاني منها السعودية حسب المقرن، وكل ما تأخر الاقراض أكثر حتى، وهو دون المعدل من الأساس، سيزيد الطلب ويرتفع ويراكم مشكلة السكن ما لم يعجل بالقروض السكنية ودورة الحياة الاقتصادية، وضخ أكثر من 15 مليار ريال شهريا على الأقل".

من الشروط الجديدة التي أعلنها الصندوق مؤخرا، سيكون على المقترض أن يثبت ملاءته المالية عندما يكون المسطّح الذي ينوي بناءه كبيرا، كما أن يكون قادرا بالفعل على تسديد القرض الشهري للصندوق.
كما أن الصندوق قرر مؤخر تقييم التصميم العقاري لتحديد قيمة القرض المستحق، وأيضا يشترط ألا يكون على المقترض أي قروض بنكية أخرى أو تعثرات مالية، وهي شروط يعتبرها المهتمون في الشأن العقاري بالغة الصعوبة.

ويقول عبد العزيز المقرن: "لا معنى لاشتراط الصندوق سجلا ماليا كاملا ونظيفا من أي مديونيات وغير مدرج على قوائم التعثر لدى البنوك فهو ليس بنكا تجاريا، بل صندوق تنموي حكومي، انحرف عن مساره.
ويقول "أيضا من الغريب والمحبط أن يطلب الصندوق من المقترض أن يسدد أي مستلزمات من المصارف التجارية، فهذه الشروط لا يمكن تحقيقها، خاصة وأن 93٪ من الموظفين السعوديين مقترضون لدى البنوك حسب تقارير مؤسسة النقد السعودية، والبقية لا يحتاجون لهذا القرض الضعيف أصلا".

في الاتجاه ذاته يؤكد الخبير العقاري خالد الميمان، لـ"العربي الجديد"، على أن الصندوق يثبت عاما بعد عام فشله، من خلال جمله التغييرات والقرارات الارتجالية غير المدروسة.
ويقول: "في كل فترة يصدر قرارات لا أعتقد أنه يدرسها جيدا، لأنها تلغي الفائدة التي وضع الصندوق لأجلها، فمن غير المعقول أن يطلب الصندوق من المقترض أن يضع تأمينا بمبلغ 200 ألف ريال للحصول على مبلغ 500 ألف ريال فهذا أمر مستحيل".

ويضيف: "بات الصندوق يتحكم في تصميم المنزل، ويطلب حذف الكثير من المواصفات، كل هذا هدفه تقليص قيمة القرض المقدم، فالبعض حصل على أقل من 200 ألف ريال بحجة أن هذه تكلفه مخططة".
ويشدد الميمان، على أن وزارة الإسكان رغم الضجيج الذي تحدثه إلا أنها لا تزال تدور في دائرة مفرغة.

ويضيف: "لا هي جعلت الصندوق يستمر بالقروض، ولا هي التي قدمت للمواطن بديلاً مناسباً، وهذا أحد عوامل فشل الوزارة الذريع، خصوصاً مع ضعف برنامج القرض المعجل الذي لا تستفيد منه إلا شريحة قليلة من المواطنين، ويعود بالفائدة الأكبر للبنوك، وتجار العقارات".



المساهمون