الأنظمة العربية.. السلاح يسبق لقمة العيش دائما

الأنظمة العربية.. السلاح يسبق لقمة العيش دائما

29 مارس 2014
الأسلحة هم الأنظمة العربية الأول (أ ف ب)
+ الخط -
يُعتبر المواطن العربي الحلقة الأضعف في المنظومة الإنفاقية للدول العربية.

القتل والملاحقات والسجن والقمع والمجازر التي ترتكبها الأنظمة بحق شعوبها هي الأكثر إثباتاً على العلاقة العدائية التي كانت قائمة ولا تزال مستمرة في غالبية الدول العربية.

وفي حين أن الاقتصاد والقهر الاجتماعي هو لب النفور الشعبي من الأنظمة، إلا أن الأخيرة لا تبحث عن علاجات جذرية، وإنما تميل إلى تقوية نفوذها عبر دخولها نادي الدول القوية، لتصبح قادرة على فرض بقائها برغم ارادة الشعوب وقرارات أي منظمة دولية انشئت لتقييم علاقة الأنظمة بشعوبها.

لعل المؤشر الأبرز في معادلة "الأنظمة – الشعوب" هو المتعلق بأولويات إنفاق الدول العربية. ففي ظل ارتفاع حجم الفقر، وتضخم معدلات البطالة والعوز، ترتفع نفقات الدول العربية على شراء الأسلحة.
رقمان يدلان على الكثير: إذ تنفق الدول العربية على التسلح حوالي 104 مليارات دولار، وفق الدراسة الأخيرة لمعهد استوكهولهم الدولي.

في المقابل، تحتاج هذه الدول الى مليار دولار لإعانة من يعانون من سوء التغذية في الدول العربية وحوالي 144 مليار دولار للقضاء على ظاهرة سوء التغذية لدى 50 مليون عربي.

وفي حين أن الثورات العربية حملت أرغفة الخبز في الشوارع، سارعت الأنظمة لاستخدام السلاح في قمع الثورات، بدلاً من العمل على انتاج الرغيف.

الإنفاق على الغذاء: فجوة صارخة

أعدت مراكز الدراسات العربية والمنظمات الدولية المعنية بالزراعة والأمن الغذائي مئات الدراسات والأبحاث التي تؤكد امكانية الدول العربية في القضاء على الفقر فيها، وخصوصاً فيما يتعلق بتمكين الشعوب العربية من الحصول على معدلات الغذاء اللازمة للبقاء فوق خط الفقر.

لا، بل يشير عدد كبير من الدراسات إلى أن الثروة العربية النفطية والطبيعية قادرة، في حال تم استثمارها بشكل جيد، على ادخال الدول العربية إلى  قائمة الرخاء الاجتماعي.

لكن، مزامير الدراسات لم تصل الى آذان الأنظمة. فالمساحات التي يمكن استثمارها زراعياً لا تزال قاحلة، في حين يتم إنفاق الثروة النفطية على لوازم تقوية الأنظمة لا في وجه أعداء محتملين، وإنما في وجه من تتحكم بحياتهم.

هكذا، وبدلاً من السير في الحلول، أصبحت الدول العربية سوقاً استهلاكية ضخمة، تقوم أنظمتها الغذائية على الاستيراد بدلاً من الإنتاج.

في أبريل/ نيسان الماضي، أعلن الأمين العام للمجلس العربي للمياه حسين العطفي أن مشروع تحسين إدارة الموارد المائية وبرنامج بناء القدرات بالوطن العربي يهدف إلى تمكين الأنظمة العربية من حل أزمة ندرة المياه وتوفير الغذاء في الوطن العربي.

وقال العطفي إن 50 في المئة من الدول العربية يستورد الغذاء بقيمة 55 مليار دولار سنوياً.

وفي رقم آخر، أعلن التقرير الأخير للمنظمة العربية للتنمية الزراعية أن حجم الواردات العربية من الأغذية الأساسية وصل الى حوالي 59 مليار دولار.

ويلفت التقرير إلى أن الفجوة الغذائية العربية وصلت الى حدود 35 مليار دولار.

والفجوة تعني مقارنة حجم انتاج الغذاء بحجم استيراده.

هذا الرقم المذهل، كان محط إعجاب من المنظمة، فالرقم كان أضخم، إلا أن الوصول الى درب الاكتفاء الذاتي الغذائي، بقي طبعاً من الأهداف بعيدة المنال.

أما أكثر السلع استيراداً، فهي الحبوب التي تشكل حوالي 50 في المئة من الفجوة الغذائية وينفق عليها العرب حوالي 22 مليار دولار، منها 23 في المئة للقمح لإنتاج رغيف الخبز. في حين ان واردات اللحوم تحتل المرتبة الثانية لتلحق بها واردات اللبن ومشتقاته والزيوت والسكر.

نقص في الغذاء

في السياق، يشير التقرير العربي للأهداف الانمائية للألفية 2013، إلى أن أكثر من 50 مليون شخص في المنطقة العربية يعانون من نقص في الغذاء، ويعاني 21.2 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي نهائياً، خصوصاً في سوريا والسودان والصومال وفلسطين المحتلة واليمن.

وتشير التقديرات إلى أن تأمين المعونات للذين يعانون انعدام الأمن الغذائي يتطلب مليار دولار، وهو رقم يحتمل تزايده في المستقبل.

كذلك، أشار تقرير المنظمة العربية للتنمية الزراعية إلى أن الدول العربية بحاجة إلى نحو 144 مليار دولار من الآن لغاية عام 2030 لتأمين الغذاء لشعوبها. ولفت الى أن فاتورة الغذاء في دول الخليج العربي وحده ستصل إلى 53 مليار دولار بحلول عام 2020، أي بزيادة تقدر بنحو 105 في المئة.

وفي حين أن الصومال والسودان واليمن تعاني من أزمة مستفحلة في الغذاء، فقد أشارت النتائج الأولية لمسح مشترك بين برنامج الأغذية العالمي والأونروا في نهاية العام 2013، إلى أن 1.6 مليون فلسطيني، أي 34 في المائة من العائلات الفلسطينية، يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

كما أعلن برنامج الغذاء العالمي مطلع العام الجاري أن حوالي نصف السكان داخل سوريا، أي حوالي 10 ملايين سوري، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن حوالي 6.3 مليون سوري في حاجة ملحة لمساعدة غذائية للبقاء على قيد الحياة.

السلاح أولوية الأولويات

هكذا، يمكن اعتبار الأمن الغذائي العربي ساقطاً في "وحل" اللامبالاة الرسمية.

في المقابل، تبرز أرقام مذهلة حول إنفاق الدول العربية على السلاح. إذ يتبين أن الانفاق المعلن للدول العربية على التسليح وصل الى 104 مليارات دولار في العام الجاري. في حين بلغ إنفاق العالم حوالي 1756 مليار دولار، وبلغت حصة الشرق الاوسط 138 مليار دولار. وأهم الدول المستوردة للأسلحة هي السعودية، الامارات، الجزائر، اليمن، عمان، مصر، اضافة إلى المغرب ولبنان وسوريا والأردن.

وتشير احصاءات معهد استوكهولم الدولي لبحوث السلام الصادرة أخيراً، الى انه إذا تم توزيع حجم الانفاق على التسليح نسبة الى عدد سكان العالم، تكون النتيجة ان كل شخص يدفع 249 دولاراً لتمويل التسليح العالمي.

في المقابل، تشير أرقام صادرة عن المعهد نفسه في تقارير أخرى، إلى أنه تأتي في طليعة البلدان في الانفاق على التسليح في الدول العربية السعودية بحجم إنفاق وصل الى أكثر من 46 مليار دولار في احصاءات العام 2011، وبعدها الإمارات بـ 16.062 مليار دولار في احصاءات العام 2010. ومن ثم الجزائر بـ 8.170 مليار دولار في العام 2011. اضافة الى العراق بـ 5.568 مليار دولار في العام 2011 وفي المرتبة الخامسة الكويت بكلفة تصل الى 5.178 مليار دولار في العام 2011.

أما أكبر خمس دول مصدرة للأسلحة فهي: الولايات المتحدة الاميركية، روسيا، ألمانيا، الصين وفرنسا.

وأكبر خمس دول مستوردة للأسلحة هي الهند، والصين ، وباكستان، والإمارات والسعودية.

وتظهر تقارير المعهد الدولي أنه بين عامي 2009- 2013 ، كانت فرنسا، الولايات المتحدة الأميركية ، روسيا ، ألمانيا والصين، دولاً مسؤولة عن 74 في المئة من مجموع صادرات الاسلحة في العالم.

وفي الفترة ذاتها، فإن أكبر خمس دول قامت بالاستيراد في فترة 2009-2013 ، هي الهند، الصين، باكستان، الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، والتي قامت باستيراد نحو 32 في المئة من إجمالي حجم واردات الأسلحة.

وخلال أعوام 2009-2013، استحوذت الإمارات العربية المتحدة على 22 في المئة من عمليات نقل الأسلحة و20 في المئة إلى المملكة العربية السعودية و15 في المائة إلى تركيا. وشكلت الولايات المتحدة الاميركية 42 في المائة من إجمالي إمدادات الأسلحة إلى المنطقة. أما سوريا فتعتمد في المقام الاول على روسيا للتسلح.

علماً أن هذه الاحصاءات تتعلق حصراً بتسليح جيوش الأنظمة، ولا تشمل السلاح المتدفق إلى الدول العربية عبر المنافذ غير الشرعية.

 

 

أرقام معهد استوكهولم للعام 2012، باستثناء السعودية للعام 2013

 

 

 

 

دلالات

المساهمون