مصارف إيران تسعى لفك العزلة وسط ضغوط التيارالمتشدد

مصارف إيران تسعى لفك العزلة وسط ضغوط التيارالمتشدد

07 سبتمبر 2016
سيدة في أحد مصارف طهران (Getty)
+ الخط -

دخل العديد من المصارف الإيرانية معركة الانتخابات البرلمانية في إيران التي ستجرى في مايو/أيار المقبل، وسط مخاوف صعود التيار المتشدد للحكم وزيادة الضغط الغربي عليها.
وفي سبيل فك العزلة الدولية التي تعانيها المصارف الإيرانية، رغم مرور ثمانية أشهر على توقيع الاتفاق النووي، تجد نفسها في دائرة الحظر الغربي، إذ ترفض المصارف الغربية التعامل معها ومع الشركات الإيرانية التي تعد الزبون الأكبر ومصدر الدخل لعملياتها التجارية.

يذكر أن الاتفاق النووي لم يشمل كل الشركات والأعمال التجارية في إيران، خاصة الشركات التابعة للحرس الثوري الإيراني.
وتسعى المصارف الإيرانية إلى فك العزلة، عبر الانضمام إلى بعض الهيئات والمنظمات الدولية، وتفادي التعامل مع بعض شركات الحرس الثوري، كما تسعى كذلك إلى فتح فروع لها في الخارج.

في هذا الصدد، نسبت وكالة بلومبيرغ الأميركية إلى صحيفة "كيهان" الإيرانية، تأكيدها أن كلاً من مصرفي" ملي" و"صباح" الإيرانيين رفضا تقديم خدمات مصرفية لشركات وأفراد ينتمون إلى الحرس الثوري الإيراني.
ويأتي رفض المصرفيين بحجة مخاوفهما من تهم غسل الأموال، خاصة في أعقاب الجهود التي يجريها البنك المركزي الإيراني لتحسين علاقات القطاع المصرفي الإيراني مع منظمة "مكافحة غسيل الأموال ـ إف أيه تي إف"، التي يوجد مقرها في باريس.

ويعمل المصرفان اللذان يعتبران من أكبر المصارف في إيران على تنظيف سجلاتهما كي يتمكنا من التعامل مع المصارف الغربية. كما يعملان كذلك إلى جانب مصارف إيرانية أخرى لفتح فروع لهما في الخارج، ليستطيعا تنفيذ صفقات مع جهات غربية. 
وقالت صحيفة "مونشينر ميركور" البافارية الألمانية، في تقرير بهذا الخصوص، أن ثلاثة مصارف إيرانية، أبلغت وزارة الاقتصاد في مقاطعة ميونخ أنها تنوي فتح فروع لها في ميونخ، حتى تتمكن من تنفيذ صفقات التمويل التجاري بين إيران وألمانيا، في ظل رفض المصارف الغربية التعامل مع طهران. 



والمصارف الثلاثة، بحسب الصحيفة الألمانية هي "ميدل إستان بنك" و"بارسيان بنك" و"سينا بنك".
وتقول وزارة الاقتصاد الألمانية إن هذه المصارف حصلت على موافقة البنك المركزي الإيراني لفتح فروع لها في الخارج.
ولكن التيار المتشدد يرى أن الحكومة الإيرانية تعمل على حظر نفسها، عبر الجهود التي يبذلها البنك المركزي الإيراني لتحسن العلاقات المصرفية مع منظمة مثل منظمة مكافحة غسل الأموال في باريس.

وتأتي هذه الاتهامات، وحسب قول محللين، في الوقت الذي يقول فيه المسؤولون في البنك المركزي أن الجهود التي يجريها البنك تصب في إطار تطبيع علاقات إيران المصرفية مع المنظمات المصرفية الدولية.
ويلاحظ محللون أنه ورغم رفع الحظر الغربي في أعقاب توقيع الاتفاق النووي، تتهم منظمة مكافحة غسل الأموال في باريس بعض المصارف الإيرانية بالتعامل مع بعض الجهات المحظور التعامل معها، والتي لم يشملها رفع الحظر داخل إيران وفي لبنان.

ومن هذا المنطلق يتهم التيار المتشدد في إيران، حكومة الرئيس حسن روحاني، بأنها لم تفشل فقط في تحصيل منافع اقتصادية ملموسة لإيران، لكنها تعمل على كبح حرية عمل المصارف الإيرانية للنشاط الاقتصادي في إيران، عبر مفاوضاتها مع منظمات غربية تريد فرض مزيد من الشروط على القطاع المصرفي الإيراني، وذلك حسب ما ذكر تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ أمس.

وتتخوف المصارف الغربية من تكرار الخسائر الضخمة التي تكبدتها بسبب العقوبات الأميركية خلال سنوات الحظر، وترفض بالتالي دخول السوق الإيرانية مجدداً.
ويحدث هذا الرفض، رغم حث الحكومة الأميركية وعلى لسان وزير خارجيتها جون كيري في إبريل/ نيسان الماضي، المصارف الأوروبية على التعامل مع طهران.

لكن يبدو أن المصارف الغربية والمصرفيون في أوروبا يتخوفون من تضارب تفسيرات قانون العقوبات بين الهيئات الأميركية المختلفة، فما تعتبره وزارة الخزانة مباحاً، ربما تعتبره اللجنة المصرفية في الكونغرس محرماً.
وكانت واشنطن قد فرضت عقوبات باهظة على عدة بنوك، بسبب إيران خلال السنوات الماضية، من بينها بنك "بي إن بي باريبا" الفرنسي، الذي فرضت عليه في عام 2014 غرامة وصلت إلى 8.9 مليارات دولار. وبنك "دويتشه" العملاق الألماني الذي دفع غرامة مالية قدرها 258 مليون دولار، في نوفمبر/تشرين الثاني، لإتمامه عمليات مالية مع كيانات كانت خاضعة لعقوبات أميركية، ومن بينها إيران وسورية.

ويتهم التيار المتشدد في إيران حكومة روحاني بتلبية المطالب الغربية من دون الحصول على مقابل، والتهم الموجهة لحكومة روحاني، تشمل محاباة الغرب على حساب المصالح الوطنية.
ويرى محللون أن هذه التهمة ستستخدم ضد الحكومة الحالية في الانتخابات المقبلة، خاصة حرمانها شركة "خاتم الأنبياء" التي يملكها الحرس الثوري من العديد من عقود الإنشاءات الكبرى.
وفي هذا الصدد، ذكر تقرير نشرته وكالة "رويترز" في مايو/أيار الماضي، أن شركة "خاتم الأنبياء" التابعة للحرس الثوري أصبحت غير مرغوبة لدى الحكومة في تنفيذ المشروعات العملاقة، فقد انتهى شهر العسل الذي كان يجمع الطرفين طوال عقود، بعدما باتت تفضل الحكومة الاعتماد على الشركات الأجنبية عقب رفع العقوبات الدولية.

وتعمل الشركة في قطاع الإنشاءات، فقد كانت تفوز بالتعاقدات الكبرى في عهد الرئيس السابق أحمدي نجاد بين عامي 2005-2013.
ويذكر أن الشركة طلبت من الحكومة المشاركة في 10 مشاريع ضخمة منذ فبراير/شباط الماضي، لكن الحكومة لم توافق على أي منها. وتأسست الشركة كذراع اقتصادية للحرس الثوري الذي أصبح يتمتع بنفوذ اقتصادي في ثمانينيات القرن الماضي.

وفي هذا الصدد، ذكرت شركة "دايو" للهندسة والبناء الكورية الجنوبية أنها اتفقت على نحو أولي مع إيران لترتيب تمويل بقيمة 1.5 مليار دولار لقطاع من طريق سريع يربط طهران ببحر قزوين، وكانت شركة خاتم الأنبياء قد أبدت اهتمامها بهذا المشروع. لكن الحكومة رتبت تعاقداً مع شركات أجنبية.
وتكرر الأمر نفسه في مشاريع أخرى مثل بناء سكة حديد وبناء سفن للحاويات، اعتمدت فيها إيران على شركات أجنبية أو في طريقها إلى ذلك، على حساب شركات عدة تابعة لـشركة "خاتم الأنبياء"، التي أبدت اهتمامها بإنجاز تلك المشاريع لكن ذلك لم يحدث.

وتعمل حكومة روحاني على إقناع الشركات الغربية والمصارف الأوروبية، عبر الضغط على الشركات الإيرانية المشكوك في نشاطاتها غربياً، ولكن حتى الآن لم تنجح في جذب الشركات الغربية للاستثمار في إيران.
وفي فرنسا مثلاً، فإن الحكومة الفرنسية تواجه عقبات تمويل الصفقات التي وقعتها مع إيران. في هذا الصدد، تقول الرئاسة الفرنسية إن فرنسا وافقت على اتفاقيات مع إيران تزيد قيمتها على 15 مليار دولار، إلا أن تفاصيل هذه الاستثمارات وكيفية تمويلها يتطلب تدخلاً مباشراً من المصارف.

ويذكر أن رفع الحظر الإيراني في أعقاب توقيع الاتفاق النووي، لم يتناول بعض البنود الخاصة بمكافحة الإرهاب والنشاط الخاص بالصواريخ البالستية.
وتتخوف المصارف الغربية من ازدواجية الملكية للشركات في إيران، حيث يملك الحرس الثوري حصصاً رئيسية في العديد من الشركات، بطرق غير مباشرة.