مهن موسمية في غزة: العيد فرصة المتعطلين لجمع الرزق

مهن موسمية في غزة: العيد فرصة المتعطلين لجمع الرزق

04 سبتمبر 2017
مهن موسمية تنتعش في الأعياد (عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -
لم يلتحق الشاب محمد أبو عودة بعائلته في موكب الزيارات الخاص بها في أول أيام عيد الأضحى المبارك، وذلك بعد أن تغيب للانشغال في فرصة العمل الموسمية بإحدى مدن الألعاب الخاصة بالأطفال بمدينة غزة حيث توفرت فرصة بالنسبة له لتوفير بعض الأموال، التي تمكنه من توفير بعض احتياجاته.
وتشكل مواسم الأعياد الدينية والعطل فرص عمل موسمية لكسب الرزق لدى آلاف الشباب العاطلين من العمل في القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006، في ظل غياب الوظائف في المؤسسات الحكومية بفعل الانقسام وشحها في القطاع الخاص.
ويقول أبو عودة لـ "العربي الجديد" إنه اعتاد خلال السنوات الثلاث الأخيرة العمل في مواسم الأعياد من أجل المساهمة في توفير احتياجاته الخاصة، لا سيما الرسوم الجامعية وبعض الاحتياجات التي تطلبها أسرته في ظل الواقع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه آلاف الأسر الفلسطينية بغزة.
ويوضح أن تردي الأوضاع المعيشية الذي يعيشه القطاع بفعل الحصار المتواصل وتلاحق الحروب الإسرائيلية على غزة يزيد من واقع المعاناة اليومية التي يحياها الشباب الغزي، ويحرم الكثيرين منهم من الاحتفال بأجواء الأعياد من أجل كسب المال في هذه الأيام.
ويبين الشاب الغزي أن العمل في أوقات الأعياد يكون مضاعفًا عنه في الأيام العادية، نظرا لكونها عطلا رسمية تتسابق فيها العوائل نحو التوجه لمختلف الأماكن والوسائل الترفيهية ويلاحظ حالة التزاحم الشديد في هذه المناطق بالرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها مختلف الأسر بغزة.
ووفقًا لإحصائيات اللجنة الشعبية لكسر الحصار عن غزة فإن نحو 60% من العاطلين عن العمل في القطاع هم من الشباب، في الوقت الذي تعتمد أكثر من 80% من الأسر الفلسطينية في القطاع المحاصر على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المؤسسات الدولية.
أما الشاب أحمد أبو الهُدى، فلم يختلف حاله عن سابقه كثيرا خلال إجازة عيد الأضحى، إذ انشغل بالعمل أملاً في الحصول على أكبر عائد مالي ممكن يعود عليه وعلى أسرته بالنفع من وراء عملية شواء اللحم التي كان يقوم بها للراغبين مقابل مبلغ مالي.
ولا يتجاوز إجمالي المبلغ المالي الذي يتحصل عليه الشاب أبو الهدى مقابل كل عملية شواء تتم للكيلوغرام الواحد من اللحم مبلغ 8 شواكل (الدولار = 3.58 شيكل) في الوقت الذي يحرص فيه على إنجاز عمله بشكل سريع من أجل تلبية العديد من الطلبات المحجوزة لديه مسبقًا.
ويقول أبو الهدى لـ "العربي الجديد" إن عيد الأضحى فرصة موسمية لكسب أكبر قدر ممكن من المال وخصوصا أن مختلف الأسر الغزية تقبل على شواء لحوم الأضاحي التي تصلها أو تقوم بذبحها خلال هذا الموسم مقابل دفع مبلغ مالي لقاء كل كيلوغرام.
ويشير إلى أن العمل في العيد يختلف كلياً عنه في الأوقات العادية خصوصًا في ظل الأجواء الاحتفالية التي يعيشها الغزيون وتبادل الزيارات وهو ما يحرم العاملين من مشاركة ذويهم هذه الفرحة، إلا أن الظروف الاقتصادية والحاجة لكسب الرزق تتطلب ذلك في ظل الواقع المعيشي السيئ.
ويقدر متوسط دخل الفرد اليومي في القطاع بدولار أميركي واحد فقط، في الوقت الذي وصلت فيه نسبة الفقر لأكثر من 65% بين السكان، في حين تجاوز معدل انعدام الأمن الغذائي نسبة 72%، في الوقت الذي تجاوز عدد العاطلين من العمل أكثر من ربع مليون متعطل.
في حين يضبط الشاب عزمي حسن توقيت ساعته لمدة لا تزيد عن عشر دقائق للأطفال الذين توافدوا للترفيه عن أنفسهم عبر الأرجوحة التي يمتلكها ويضعها في محيط المنطقة التي يقطنها بمدينة غزة مقابل الحصول على مبلغ مالي من كل طفل.
ويشير حسن لـ "العربي الجديد" إلى أنه صمم هذه الأرجوحة قبل عدة سنوات ويعمل على استخدامها لكسب بعض الأموال البسيطة التي تمكنه من تلبية احتياجاته واحتياجات عائلته لا سيما في أوقات الأعياد والإجازات المدرسية التي يزداد فيها إقبال الصغار على الوسائل الترفيهية.
ويؤكد الشاب العشريني أن المواسم باتت تشكل مصدر دخل للكثير من الشباب والعاطلين عن العمل في القطاع في الوقت الذي باتت فرص العمل شحيحة بفعل الحصار وإغلاق المنشآت الاقتصادية، بفعل تردي الأوضاع المعيشية ونقص المواد الخام.
وزادت معاناة الأسر في غزة مع أزمة الرواتب، التي تعرض لها موظفو السلطة الفلسطينية قبل أكثر من أربعة أشهر، إذ تم اقتطاع ما يصل إلى 30% من رواتبهم، الأمر الذي أدى إلى تراجع القدرات الشرائية وتضرر الأسواق.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن القطاع الذي خاض ثلاثة حروب ويعاني من الحصار المستمر، لن يكون صالحًا للعيش بحلول عام 2020 بفعل تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية والحياتية وغياب أي رؤية تنموية.
وكان رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، جمال الخضري، قال في مؤتمر صحفي في مارس/آذار الماضي، إنّ الآثار الكارثية للحصار الإسرائيلي تتصاعد وتزداد، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال تتحمل مسؤولية الأوضاع الكارثية المتفاقمة، ولابد من ممارسة المجتمع الدولي ضغطا حقيقيا على إسرائيل لإنهاء هذا الوضع.

المساهمون