سيناريوهات السلطات النقدية لكبح التضخم

البنوك المركزية...سيناريوهات السلطات النقدية لكبح التضخم

27 يوليو 2019
المركزي الأوروبي درس تجديد محتمل لهدف التضخم(Getty)
+ الخط -
في خضمّ "معركة" نقدية تخوضها من أجل بلوغ معدلات التضخّم المستهدفة لديها، ثمة نقاش ساخن يدور في أروقة المصارف المركزية حول العالم حيال ما إذا بلغت الأوضاع الاقتصادية والمالية حداً يستوجب إجراء تعديل ليس في السياسات فقط، بل على مستوى الأهداف بحدّ ذاتها.
من "مجلس الاحتياطي الفيدرالي" إلى نظيره الأوروبي، يعكف المسؤولون حالياً على دراسة استراتيجياتهم الراهنة، وما إذا كان يتعيّن عليهم تغييرها من أجل إنعاش التضخّم الذي لا يزال يسجل معدّلات دون المستوى المطلوب لتحقيق استقرار في الأسعار.

بين هذه المصارف في الشرق الأوسط "البنك المركزي التركي" و"بنك إسرائيل"، ضمن دراسة أعدتها المجموعة المصرفية القابضة "إيتاو يونيبنكو" التي تتخذ ساو باولو مقراً وتُعد أكبر بنك مملوك للقطاع الخاص في البلاد، وشملت 31 مصرفاً مركزياً ونقلتها شبكة "بلومبيرغ" الأميركية، ليتبيّن أن ثلاثة أرباع هذه البنوك تضع في أولوياتها حالياً استقرار الأسعار والعملات الوطنية.

الاحتياطي الفيدرالي
في الولايات المتحدة، أخطرَ أصحاب العمل وقطاع الأعمال مسؤولي "مجلس الاحتياطي الفيدرالي" بأن انخفاض معدل التضخم لا يمثل مشكلة كبيرة على ما يبدو، في حين أن القضية الأكثر أهمية هي فرص العمل المُتاحة.
في يونيو/ حزيران الماضي، ناقش رئيس "المركزي"، جيروم باول، فوائد وتحديات ما يسمى "استراتيجيات التجميل" التي يُدفع فيها التضخم مؤقتاً إلى ما فوق مستوى 2% المستهدف، لتعويض حالات الفشل السابقة.

وقد أخطأ المصرف، غالباً، هدف التضخم منذ عام 2012، ومع ذلك قال المسؤولون بصراحة إنهم لن يغيّروا الهدف.

"المركزي" الأوروبي
في المقابل، في أوروبا، بدأ "المركزي" درس تجديد محتمل لهدف التضخم، وإن بشكل غير رسمي، بما في ذلك السؤال عمّا إذا كان الهدف الحالي لنمو أسعار المستهلك "دون ولكن قريباً من 2%" لا يزال مناسباً لعصر ما بعد الأزمة، فيما يُفضّل رئيسه، ماريو دراغي، اتباع نهج "متماثل"، بمعنى أن تكون المرونة أعلى أو أقل من الهدف المُحدّد بـ2%، بما قد يسمح للبنك المركزي بإبقاء التضخم مرتفعًا لفترة محددة بعد مرحلة من الضعف لضمان ترسيخ نمو الأسعار، لكن ربما يتطلب تغيير الهدف بحد ذاته مراجعة رسمية، وهو أمر قد ترغب كريستين لاغارد في القيام به عندما تتولى رئاسة "المركزي" الأوروبي في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

تركيا
كان لافتاً رد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان ، في 14 يوليو/ تموز الجاري، على خفض وكالة "فيتش" تصنيف تركيا الائتماني، بالقول: "لا نعير اهتماماً كبيراً لمثل هذه الخطوات، بخاصة أن معدل التضخم في بلادنا تراجع إلى 15.7%، ونهدف لخفضه إلى خانة الآحاد بحلول نهاية عام 2019".

دولة الاحتلال
في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، رفع "بنك إسرائيل" المركزي الفائدة 15 نقطة أساس (0.15%) إلى 0.25%، بعدما أبقى عليها ثابتة عند 0.1% منذ عام 2015. واعتبر وسطاء في سوق الأوراق المالية أن الخطوة المفاجئة كان سببها في الواقع أن معدل التضخم لا يزال ضمن النطاق المستهدف الواقع بين 1% و3%.

بريطانيا
وفي المملكة المتحدة، يبقى الأمر متروكاً للحكومة كي تقرّر تغيير تفويض "بنك إنكلترا". لكن الخبير الاقتصادي، توني ييتس، يقول إن بريطانيا هي الدولة الأكثر ترجيحاً في "مجموعة السبع" التي قد يتم تنقيح هدفها، بينما لم يناقش صانعو السياسة ما إذا كان تغيير التفويض سيكون أمراً جيداً، لكن الخبير البريطاني - البلجيكي، جيرتجان فليغي، قال في الآونة الأخيرة إن "بنك إنكلترا" يجب أن ينشر تنبؤاً بشأن المسار المحتمل لأسعار الفائدة والذي سيكون ضرورياً للحفاظ على التضخم مستهدفاً.

نيوزيلندا
اعتمد البنك المركزي النيوزيلندي رسمياً في إبريل/ نيسان 2019 تفويضاً مزدوجاً يتمثل في زيادة التوظيف وتحقيق استقرار الأسعار. ومنذ ذلك الحين، خفّض البنك أسعار الفائدة إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 1.5% وسط إشارات بأن الهدفين يتعرّضان لضغوط نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي. وأشار محافظه، أدريان أور، إلى الحاجة، ربما، لمزيد من تخفيض الفائدة، مع بقاء التضخم أقل من المستوى المستهدف عند 2%، تزامناً مع تراجع نيّات التوظيف. ويكاد الاقتصاديون يجمعون على أن "المركزي" سيخفض سعر الفائدة الرسمي إلى 1.25% في أغسطس/ آب المقبل، في حين تقطع أقلية منهم بخفضها أكثر إلى 1% قبل نهاية العام الجاري.

البرازيل
يقول رئيس البنك المركزي البرازيلي السابق، أرمينيو فراغا، الذي أدخل التضخم المستهدف منذ عقدين، إن الوقت قد حان لتغيير هذا النظام، داعياً "المركزي" إلى وجوب "تسهيل" الدورات الاقتصادية كجزء من تفويض ثانوي قد يحصل عليه جنباً إلى جنب مع استقلاليته، وهو أمر تتم مناقشته حالياً داخل الكونغرس، وموضحاً أن هذا سيكون إضافة إلى هدفه الرئيسي المتمثل في استقرار الأسعار، ولا يجب الخلط بينه وبين هدف النمو.

تايلاند
كشف البنك المركزي التايلاندي، في تقرير السياسة النقدية الفصلي الأخير، أنه أجرى محادثات حول تخفيض النطاق المستهدف من 1% إلى 4%، لكنه قرّر عدم القيام بذلك هذا العام، نظراً إلى المخاوف المحيطة بالنمو الاقتصادي والحاجة إلى بناء حيّز ملائم للسياسة العامة.
غانا
فاجأ محافظ البنك المركزي الغاني، إرنست أديسون، السوق في يناير/ كانون الثاني 2019 بخفض سعر الفائدة الرئيسي، ثم قال إنه قد حان الوقت للنظر في هدف تضخم أقل لجعل الاقتصاد أكثر قدرة على المنافسة. وفي عام 2007، كان البنك المركزي هو الثاني في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، الذي يعتمد نظاماً مستهدفاً للتضخم، وكافح من أجل نمو الأسعار بنسبة تتراوح بين 6% و10% منذ عام 2013. غير أن الكلام الرسمي عن هدف أقل تراجع بعد ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى في 6 أشهر مسجلاً 9.5% في إبريل/ نيسان الماضي، بسبب انخفاض السيدي (العملة الوطنية) بعد خفض سعر الفائدة في يناير/ كانون الثاني الفائت.

جنوب أفريقيا
بدأ البنك المركزي الجنوب أفريقي مطلع عام 2018 بتوضيح أنه يفضل معدل تضخم قريباً من 4.5% كمستوى وسطي مستهدف، بدلاً من مجرّد الإعلان أن الحد الأعلى المستهدف يبلغ 6%. وفي السياق، قال عضو لجنة السياسة النقدية ونائب المحافظ، فوندي تشازيبانا، في فبراير/ شباط الماضي، إن تفويض البنك المركزي يسمح بالمرونة في حالات الصدمات الخارجية، إلا أن لجنة السياسة النقدية أقل تسامحاً مع التضخم الذي يخالف الهدف مقارنة بالماضي. وهذه الحملة لإبقاء التضخم قريباً من 4.5% قد تؤدي إلى مزيد من الاشتباك بين البنك المركزي والسياسيين وبعض المسؤولين في الحزب الحاكم الذين يطالبون بتفويض موسّع يتجاوز مجرّد التضخم.

كندا
جدّد البنك المركزي الكندي تفويضه مع الحكومة الفيدرالية في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، حيث تمّت المصادقة على هدف التضخم الطويل الأمد المعتمد في "مجموعة السبع". ويسعى البنك المركزي الذي يتخذ العاصمة أوتاوا مقراً، إلى الحفاظ على الزيادات السنوية في أسعار المستهلك بين 1% و3%. وفي حين ظل هذا المعيار سليماً، تم تقديم 3 مؤشرات جديدة للتضخّم الأساسي خلال هذه الفترة، فيما من المقرر أن يتم تجديد تفويض البنك المركزي عام 2021.


المساهمون