فساد القمح أكبر من أرقام البرلمان

فساد القمح أكبر من أرقام البرلمان

27 اغسطس 2016
حقل قمح في مصر (Getty)
+ الخط -
كشف تقرير لجنة تقصي الحقائق البرلمانية الخاصة بفساد القمح ومافيا التلاعب في التوريدات وإهدار المال العام لصالح مستوردي القمح، عن وجود توريدات وهمية "على الورق" في عشرة مواقع لتخزين القمح، التي زارتها اللجنة بنسبة فساد 100%، وجميعها تتبع القطاع الخاص، وسجلت عجزا مقداره 200 ألف طن من القمح بما يعادل 560 مليون جنيه.

اكتفاء اللجنة البرلمانية بالإعلان عن هذا المبلغ فقط يعطي الفرصة لوزير التموين لتسويته مع أصحاب الصوامع والإفلات من المسؤولية الجنائية، كما أنه تستر على الجزء الأكبر من حجم الفساد الحقيقي، الذي يتخطى التوريد الوهمي إلى الطحن والخبز على الورق وإهدار للمليارات في منظومة نقاط الخبز.

اللجنة تواطأت مع الحكومة حين قامت بالتفتيش على المواقع بعد السماح للجان وزارة التموين بزيارتها والتقليل من حجم الفساد فيها! ما يؤكد أن التفتيش لم يكن مفاجئاً، وأن حجم الفساد المعلن كان سيتضاعف لو تم التفتيش دون اتفاق مع وزير التموين المتهم.

اللجنة سجلت أيضا أنها لم تفحص باقي مواقع القطاع الخاص البالغ عددها 125 موقعا رغم تأكيدها وجود فساد فيها، ما يعد تستراً من الحكومة ومنع البرلمان من أداء دوره في المحافظة على المال العام!

وبالرغم من إعلان وزير التموين عن توفير 1.8 مليون طن من الأقماح المستوردة وتخفيض الدعم بنسبة 30% ناتجة عن تطبيق منظومة نقاط الخبز "العبقرية"، فقد أثبتت اللجنة أن استيراد القمح زاد بواقع 4 ملايين طن عما كان عليه الوضع في عهد د. محمد مرسي.

وزاد معدل الطحن من 750 ألف طن شهريا إلى 950 ألف طن، ورغم تنبيه رئيس قطاع الرقابة بوزارة التموين، مبكرا، في مارس/آذار 2015 في مذكرة رسمية، إلى ذلك، إلا أن الوزير لم يتراجع، ولم يتدخل رئيس الوزراء، وهو على علم تام بالكارثة، وظل الوزير مقربا من الجنرال السيسي!

أرقام وزارة المالية، في التقرير، كشفت كذلك أن وزير التموين سجل في الموازنة العامة أرقاما منخفضة لدعم الخبز عن العام السابق للإيحاء بنجاحه في تطبيق المنظومة، لكن القيمة الفعلية للدعم زادت مع تطبيق منظومة نقاط الخبز إلى 30.4 مليار جنيه في موازنة 2015/2016، مقارنة بـ21.23 مليارا في عهد الدكتور باسم عودة، وزير التموين في حكومة د. محمد مرسي!

التقرير أثبت أن منظومة النقاط، التي ابتدعها الوزير المستقيل خالد حنفي، أهدرت أموال الدولة بقيمة 5.5 مليارات جنيه، ذهبت ثمنا لسلع غير أساسية وأخرى غير غذائية، إرضاءً لأصحاب عدد محدود من الشركات الموردة لشركتي الجملة على حساب الفقراء، وظل الوزير يعلن عن توفير سلع للفقراء بقيمة 6 مليارات سنويا بدل نقاط الخبز، رغم أن هذا المبلغ يكفي لتوفير 5 ملايين طن.

اللجنة أثبتت فسادا إداريا في حق الوزير في موسم استلام القمح عام 2015 حين سمح بتسليم القمح المحلي المسوق إلى المطاحن مباشرة "على نقرة المطحن" ليتم الطحن أثناء موسم التوريد، ما فوّت على الدولة فرصة التحقق من دقة الكميات الموردة في مراكز التخزين بشهادة الجهاز المركزي للمحاسبات، وسهّل عمليات الخلط والتوريد الوهمي.

الوزير أعلن، في ذلك الموسم، عن استلام 5.3 ملايين طن، أجمع الخبراء أن التجار نصبوا على الدولة، وخلطوا مليون طن من الأقماح المستوردة بالأقماح المحلية، بالإضافة إلى نصف مليون طن أخرى تم توريدها وهميا.

لكن سماح الوزير بطحن القمح المورد مباشرة دفن جسم الجريمة من خلال الطحن الوهمي، الذي أعطى الفرصة للتسويات الوهمية بالاتفاق مع المخابز، ما أهدر على الدولة أموالا تتخطى 2.5 مليار جنيه تضاف إلى أرقام الفساد المسؤول عنها الوزير المستقيل!

لقد نجح وزير التموين في إلغاء الدعم العيني على السلع التموينية، وزاد من استيراد القمح بمعدل أربعة ملايين طن عما كان عليه الوضع في عهد د. محمد مرسي، و"ترخص" في مواصفات القمح الأجنبي كسبا لود الدول الداعمة للجنرال السيسي، وأقحم وزارة الإنتاج الحربي في منظومة البطاقات التموينية، ومهّد لإلغاء دعم مزارعي القمح تنفيذا لسياسات البنك الدولي، فهل يكافئه الأخير بمنصب تنفيذي فيه على غرار ما فعل مع حازم الببلاوي، أول رئيس وزراء بعد الثالث من يوليو/ تموز؟! أم يبيّض به النظام وجهه الفاسد، ويلحقه بوزير الزراعة في سجن طرة بعدما أدى دوره في خدمة النظام العسكري الحاكم في مصر؟!