لبنان بين مكائد حزب الله والعقوبات الخليجية

لبنان بين مكائد حزب الله والعقوبات الخليجية

03 مارس 2016
من اجتماع وزراء الداخلية العرب في تونس (الأناضول)
+ الخط -
طرح القرار الخليجي تصنيف "حزب الله" اللبناني جماعة إرهابية، وقبله قرار السعودية وقف تقديم مساعدات للجيش وقوى الأمن الداخلي بقيمة 4 مليارات دولار سؤالاً مهماً داخل القطاع الاقتصادي اللبناني وهو: ما هي الخطوة التالية في مسلسل العقوبات الخليجية تجاه البلاد، هل ستقدم السعودية، ومعها دول الخليج، على سحب ودائعها سواء من مصرف لبنان (البنك المركزي) أو من القطاع المصرفي، هل يمكن أن تتوسع دائرة العقوبات لتشمل سحب الاستثمارات الخليجية من لبنان والتي تمثل جزءاً مهماً من منظومة الاقتصاد المحلي؟

بل إن السؤال الأهم المطروح هنا هو عن إمكانية ترحيل دول الخليج اللبنانيين العاملين على أراضيها والبالغ عددهم نحو 400 ألف لبناني معظمهم يعمل بالسعودية، أو على الأقل ترحيل الأشخاص الذين لهم علاقة بحزب الله، وهو ما سيؤثر بالطبع على حجم تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج والبالغة قيمتها حوالي 8.7 مليارات دولار سنوياً، أكثر من نصفها يأتي من دول الخليج وعلى رأسها السعودية.

بداية لا توجد أرقام رسمية حول قيمة الودائع الخليجية المودعة لدى المصارف اللبنانية، وبالتالي فإن التقديرات بشأنها متباينة، فالبعض يشير إلى أنها تراوح ما بين 5 و6 مليارات دولار من أصل ودائع اجمالية تتجاوز قيمتها 152 مليار دولار.

ويقدّر آخرون حجم الودائع السعودية الرسمية المعلن عنها بنحو ملياري دولار، منها مليار دولار أودعته المملكة لدى مصرف لبنان المركزي في عام 1997، ومليار آخر تم إيداعه بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان في شهر يوليو/ تموز 2006، في حين تخفض تقديرات لبنانية حجم الودائع الخليجية لدى مصرف لبنان إلى حوالي 860 مليون دولار، منها وديعة سعودية تراوح قيمتها ما بين 250 و300 مليون دولار.

وبغض النظر عن تناقض الأرقام المتعلقة بحجم الودائع الخليجية بمصارف لبنان في ظل عدم وجود رقم رسمي، فإن هذه الودائع لعبت دوراً مهماً في دعم الاقتصاد اللبناني خلال فترات حرجة، فقد وجهت دول الخليج هذه الودائع في مرحلة ما لمساندة احتياطيات لبنان من النقد الأجنبي، ودعم استقرار العملة التي شهدت استقراراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة عقب فترة طويلة من المضاربات المحمومة على الليرة خاصة في أوقات القلاقل السياسية.

ونعود للسؤال المطروح داخل قطاع الأعمال في لبنان، بل وداخل مجتمع السياسة أيضاً وهو: ماذا عن العقوبات الخليجية المتوقعة ضد لبنان في ظل استمرار التصعيد الخليجي ضد حزب الله، ما أبرز ملامحها، ما هو القطاع الاقتصادي المستهدف في الفترة المقبلة، المصارف، أم السياحة، أم الاستثمارات المباشرة؟

بالطبع كل السيناريوهات مفتوحة في ظل تداخل القرار السياسي مع القرار الاقتصادي والمالي في هذه القضية المعقدة، لكن هذه السيناريوهات تستبعد حدوث ردود فعل اقتصادية عنيفة من قبل دول الخليج تجاه لبنان مثل ترحيل كل اللبنانيين العاملين على أراضيها، أو سحب كل الودائع من القطاع المصرفي اللبناني مرة واحدة وبشكل مفاجئ، أو تسييل الاستثمارات الخليجية المباشرة داخل لبنان بشكل سريع، وهناك عدة أسباب ترجح عدم استخدام السيناريو الخليجي العنيف ضد لبنان، منها:

- أنه رغم تراجع الاستثمارات الخليجية المباشرة في لبنان خلال السنوات الأخيرة على خلفية الاضطرابات السياسية والمناخ غير المناسب للاستثمار، إلا أنه تظل لدول لخليج استثمارات ضخمة بلبنان تقدّر قيمتها بمليارات الدولارات، خاصة في قطاعات مهمة مثل المصارف والفنادق والمطاعم والعقارات والتأمين والصناعة والخدمات، وبالتالي يجب الحرص عليها وعدم اتخاذ قرارات عنيفة تلحق هزة بالاقتصاد اللبناني وعملته الوطنية، أو تلحق أضراراً بالمواطن العادي، وهو ما سينعكس سلباً في النهاية على هذه الاستثمارات.

- أنه في حال سحب الودائع الخليجية من القطاع المصرفي اللبناني فإن تأثيرات الخطوة ستكون نفسية وربما تكون محدودة وغير مؤثرة في ظل احترافية مصرف لبنان المركزي في إدارة السياسة النقدية، وتوافر احتياطي ضخم لدى مصرف لبنان يزيد عن 40 مليار دولار، إضافة لغطاء من الذهب وودائع لدى المصارف تزيد عن 152 مليار دولار، وهذه تشكل أرضية جيدة لمنع تهاوي سعر صرف الليرة أمام الدولار، إضافة إلى أن دول الخليج تكون في هذه الحالة قد عاقبت المواطن اللبناني عن سلوكيات حزب الله التي لا دخل له فيها.



اقرأ أيضا: حاكم مصرف لبنان: "لا اتصالات لسحب الودائع الخليجية"

المساهمون