الأسعار والموسم الدراسي يحرمان خمس التونسيين من الأضاحي

الأسعار والموسم الدراسي يحرمان خمس التونسيين من الأضاحي

10 سبتمبر 2016
حملة شيطنة وإشاعات يتعرض لها المربون(فتحي بلايد/فرانس برس)
+ الخط -


أكد استطلاع رأي للمعهد الوطني للاستهلاك الحكومي أن ارتفاع أسعار الخراف وتزامن الأضحى مع العودة للمدارس سيحرم 21.7% من التونسيين من شراء أضاحي العيد هذا العام .

وتشهد بورصة أسعار الأضاحي تذبذبا يعكس عدم قبول طرفي العملية (البائع والشاري) بحكم السوق الذي يخضع لقاعدة العرض والطلب، وذلك بعد أكثر من 15 يوما من النشاط الفعلي في أسواق الدواب ونقاط بيع الخرفان.

ففي الوقت الذي يشتكي فيه المربون من ضعف الإقبال على شراء الأضاحي وتراجع الأسعار في حدود 15% عن السنة الماضية، ما يزال عدد كبير من التونسيين ينتظرون تهاوي الأسعار مع اقتراب موعد العيد حيث غالبا ما يجبر المربون في الساعات الأخيرة التي تسبق العيد على خفض أسعار الأضاحي لجمع أموالهم والعودة في أسرع وقت لمواقع الإنتاج بالمحافظات الداخلية.

وتشهد الأسواق والساحات التي تهيئها السلطات المحلية توافدا يوميا للمربين القادمين من المحافظات الداخلية، خاصة سيدي بوزيد والقيروان، اللتين تستأثران بنصف الإنتاج الوطني، حيث يرابط المربون بصحبة قطعانهم ليلا نهارا بهدف تسويق أكبر قدر ممكن من الماشية.


وتقدر حاجات السوق المحلية من الأضاحي بنحو 900 ألف رأس غنم، فيما يقارب العرض المتوفر هذا العام 1.3 مليون رأس، وفق بيانات لمنظمة المزارعين.

ويخشى المربون من أن تؤدي وفرة العرض إلى هبوط حاد في الأسعار يكبدهم خسائر لا يقوون على تداركها، لا سيما في ظل الارتفاع الكبير لمدخلات الإنتاج من أعلاف وغيرها.

ويقول المربي عز الدين عبدلي، إن المشترين لا يقدّرون حجم معاناة المربين ممن يكابدون على مدار السنة للمحافظة على قطعانهم، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار الأعلاف، من شعير وسداري وغيرها أثرت بشكل كبير على ارتفاع أسعار الأضاحي.

وقال عز الدين، الذي يرابط في سوق للدواب بجهة أريانة منذ أكثر من أسبوع، إنه كان من المفترض أن يجلب هذه الأيام الدفعة الثانية من الأضاحي غير أن ركود السوق أجبره على التريث، وخاصة أنه لم يبع حتى الآن سوى 10 خرفان من جملة 25 خروفا جلبها كدفعة أولى.

وعبّر المتحدث عن استيائه من حملة الشيطنة التي يتعرض لها المربون وترويج إشاعات وصفها بالمغرضة عن تفشي مرض الطاعون في الماشية، لافتا إلى أن الصعوبات الاقتصادية وقلة ذات يد أغلب التونسيين عوامل كافية لتراجع الطلب، فما بالك بحملات الشيطنة، حسب قوله.

ويعمل في قطاع تربية الماشية نحو 270 ألف مرب يمثل عيد الأضحى بالنسبة إليهم المناسبة الأهم لضمان دخل يمكّنهم من الاستمرار في نشاطهم.

وكشف مدير عام المعهد الوطني للاستهلاك، طارق بن جازية، في حديث لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، أن بحثا شمل عينة تمثيلية من 2002 شخص موزعين على كامل تراب الجمهورية، كشف أن 38.6% من المستجوبين يخصصون بين 300 و400 دينار لشراء أضحية العيد، أي ما بين 150 و200 دولار، وأن 30.9% منهم يخصصون ما بين 400 و500 دينار.

وأفاد بن جازية بأن البحث الميداني أبرز أن 78.3% من المستهلكين يقومون دائما بنحر الأضاحي.

كما كشف البحث أن 21.7% لم يشتروا أضاحي هذا العام بسبب ارتفاع الأسعار وتزامن العيد، وهو ما قد يثقل كاهل العائلات التونسية نظرا لكثرة المصاريف، وفق تصريح بن جازية.

وشدد بن جازية على وجوب التعامل مع أضاحي العيد بحسب الإمكانيات المادية، مشيرا إلى أن البحث أظهر تأكيد 55% من التونسيين اقتناء أضحية العيد مهما كان ثمنها.

ومن مفارقات العيد في تونس أن الطبقات الضعيفة ومحدودي الدخل هم الأكثر تمسكا باقتناء أجود الأضاحي وأعلاها سعرا، فيما يكتفي المترفون بأضاحي صغيرة الحجم لا تتجاوز الـ200 دولار أو بشراء كمية من اللحم.

وتوقعت منظمة المزارعين بشكل مبكر هذا العام أن تشهد بورصة الأسعار تذبذبا لا يخدم مصلحة المربين، مؤكدة أن حجم الخسارة في الخروف الواحد قد يراوح بين 50 و100 دينار، أي ما بين 25 و50 دولارا، حسب تصريح لعضو المنظمة المكلف بالإنتاج الحيواني عمر الباهي.

في المقابل، أوضح رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك أن تأثر الطلب هذا العام كان بسبب تواتر مواسم الاستهلاك (رمضان، عيد الفطر، العطلة الصيفية ثم العودة المدرسية وعيد الأضحى)، ما أدى إلى استنزاف القدرة الشرائية للتونسيين، مشيرا إلى أن المستهلك قد يجبر على التخلي عن شراء الأضحية لصالح مستلزمات العودة المدرسية.

ونصح رئيس المنظمة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بالتوجه نحو نقاط البيع المنظمة والمراقبة لقطع الطريق أمام الوسطاء والمضاربين، مؤكدا على أهمية التفكير في مصلحة المربين والحفاظ على ديمومة قطاع تربية الماشية الذي يوفر الرزق لـ270 ألف عائلة فضلا عن مساهمته المهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء.



دلالات

المساهمون