الأردن: مطالب باستعادة أراضي "الباقورة والغمر" من إسرائيل

الأردن: مطالب باستعادة أراضي الباقورة والغمر الخصبة من إسرائيل

29 مارس 2018
احتجاجات أردنية سابقة ضد التطبيع الاقتصادي (صالح ملكاوي/ الأناضول)
+ الخط -

احتدم الجدل في الشارع الأردني حول أراضٍ محتلة (الباقورة والغمر) من قبل إسرائيل، ويفترض أن الحكومة تتأهب لاستعادة سيادتها عليها حسب الاتفاقيات التي أبرمت حولها، وسط مطالب بضرورة الاستفادة الاقتصادية من هذه الأراضي التي تتمتع بإمكانات هائلة، لا سيما في الجانب الزراعي، وانتقد خبراء اقتصاد عدم جدية الحكومة في استرداد هذ الأراضي، مؤكدين أنها ثروة للأجيال المقبلة يجب على الدولة أن تحميها.

وتصاعد الغضب الأردني في أعقاب تفجير عبد السلام المجالي رئيس الوزراء الأردني الأسبق ورئيس الوفد الأردني المفاوض مع إسرائيل آنذاك مفاجأة قبل أيام بقوله إن أراضي الباقورة مملوكة للكيان الصهيوني منذ عام 1926 ومسجلة في "طابو" بمدينة إربد، وذلك وفقاً لمخرجات معاهدة وادي عربة (اتفاقية السلام)، عام 1994، و"طابو" لفظ قديم أُطلق على دائرة تسجيل الأراضي.

وتبلغ مساحة الأرض التي تنتفع بها إسرائيل في منطقة الباقورة 830 دونماً، فيما تبلغ في الغمر أربعة آلاف دونم تقريباً.

وشدّد الخبير الاقتصادي حسام عايش على الأهمية الاقتصادية لمنطقة الأغوار، بما فيها منطقتا الباقورة والغمر، قائلاً إن هذه المنطقة تعتبر سلة الأردن الغذائية وغالبية الصادرات الزراعية تأتي من منها، خاصة المتجهة إلى أوروبا والخليج العربي.

وأضاف عايش لـ"العربي الجديد": "إنه بالإمكان استغلال الأراضي التي تستحوذ عليها إسرائيل بالشكل الذي يوفر مزيداً من الإيرادات وتوفير كثير من فرص العمل".



وقال إن المشاريع المرتبطة بتطوير المنطقة، خاصة قناة البحرين المقررة إقامتها بين البحرين الأحمر والميت، ستنعكس اقتصادياً عليها، فضلاً عن إقامة مناطق حرة بين طرفي الحدود والمناطق المجاورة، مشيراً إلى أن هذه الأراضي يمكن أن تصبح حديقة غذائية خلفية لمشروع نيوم السعودي الذي سيشارك فيه الأردن.

وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يستفيد اقتصادياً بشكل كبير من منطقة حوض نهر الأردن امتداداً إلى الباقورة ووادي عربة، وذلك من جراء المنتجات الزراعية وتصديرها وتصنيعها، بما يشكل من 50% إلى 60% من الناتج المحلي الإجمالي للأردن وهي منطقة غنية بمختلف الثروات.

ومنحت معاهدة السلام الأردنية- الإسرائيلية للاحتلال حق الانتفاع بأراضٍ أردنية في المنطقتين لمدة 25 عاماً. وبموجب المعاهدة، فإن الأردن ملزم في حال عدم رغبته في تجديد الانتفاع بإبلاغ الطرف الإسرائيلي بذلك قبل عام من موعد انتهاء الانتفاع، وإلا جدّد الاتفاق تلقائياً.

وكان الاعتقاد السائد لدى الشارع الأردني أن أراضي منطقتي الباقورة والغمر الواقعة شمالي الأردن مؤجرة بشكل مؤقت لإسرائيل بموجب اتفاقية السلام، وأنها ستعود بالكامل إلى السيادة الأردنية، بعد مرور 25 عاماً، هي فترة التأجير التي يفترض أن تنتهي قريباً، وتحديداً في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام المقبل.

وما زاد من غموض الموقف الحكومي تصريحات وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، يوم الأحد الماضي، التي قال فيها إن قضية الأراضي التي تنتفع بها إسرائيل في منطقتي الباقورة والغمر تدرس حالياً وسنتخذ القرار الذي يحقق المصالح الأردنية ويحقق الغاية المرجوة.

وأضاف أن أراضي الباقورة هي ملكية خاصة لإسرائيليين، ولكن السيادة عليها أردنية، وأن معاهدة السلام توضح طبيعة استخدام منطقتي الغمر والباقورة وهي حقوق استعمال، وثمة فرق بين المنطقتين، إذ إن الباقورة ملكية خاصة تعود لإسرائيليين منذ عام 1926، أما الغمر فأرض أردنية.



وقال إن المعاهدة منحت حق الاستعمال، ويحق لنا إما التجديد أو عدم التجديد، والسيادة على المنطقتين للأردن وحقوق الاستعمال تحت إشراف الدولة.

وأبدى النائب البرلماني صالح العرموطي اعتراضاً شديداً على تصريحات وزير الخارجية التي أدلى بها أمام مجلس النواب، والتي أكد فيها ملكية إسرائيليين للأراضي الأردنية في منطقة الباقورة.

وقال العرموطي، الذي كان نقيباً للمحامين لأكثر من دورة، وهو من المحسوبين على التيار الإسلامي، لـ"العربي الجديد"، إن تصريحات الصفدي خطيرة وغير دقيقة، ذلك أن القانون الأردني كان يمنع آنذاك تسجيل الأراضي باسم اليهود.

وأضاف أن عمليات البيع، وإن تمت في ذلك الوقت، فإنها غير قانونية، متسائلاً عن الذي قام بعملية البيع والجهة التي قامت بعملية التسجيل، مؤكداً أهمية الكشف عن الحقائق المتعلقة بأراضي الباقورة الأردنية وأي عمليات بيع تمت في السابق، ومن ذلك إبراز عقود التسجيل والمساحات التي يقال إنها مملوكة لليهود.

وفي 18 مارس/ آذار الحالي قدم أكثر من 20 نائباً برلمانياً مذكرة تطالب الحكومة بعدم تجديد انتفاع إسرائيل بأراضي الباقورة والغمر، تزامناً مع حملة أطلقها ناشطون أردنيون تحت شعار "أراضينا"، لمطالبة الحكومة بالعمل على استعادة الأراضي.

من جانبه، قال رئيس لجنة مقاومة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، مناف مجلس، لـ"العربي الجديد"، لقد فوجئنا بالتصريحات التي أطلقت حول أراضي الباقورة والقول إنها مملوكة لإسرائيليين، الأمر الذي يخالف ما أعلن عنه عند توقيع اتفاقية السلام.

وتوقع أن تكون هناك تحركات على أكثر من صعيد للضغط على الحكومة لعدم تجديد عقد تأجير تلك الأراضي بالكامل، مشيراً إلى وجود معارضة أصلاً لاتفاقية السلام بين الطرفين. وشدّد على استمرار الأردنيين في الضغط من أجل المقاطعة الاقتصادية للاحتلال الذي يسعى إلى نهب ثروات العرب.

ويلتزم الأردن، وفقاً للمعاهدة، بمنح حرية غير مقيدة للمتصرفين بالأرض وضيوفهم أو مستخدميهم بالدخول إليها والخروج منها واستعمالها وألا يطبق الأردن تشريعاته الجمركية أو المتعلقة بالهجرة على المتصرفين بالأرض أو ضيوفهم أو مستخدميهم الذين يعبرون من "إسرائيل" إلى المنطقة بهدف الوصول إلى الأرض لغرض الزراعة أو السياحة أو أي غرض آخر يتفق عليه.

وطالب النائب خليل عطية الحكومة بالكشف عن تفاصيل عملية تأجير الباقورة، وهي أرض خصبة وزراعية ضمن اتفاقية وادي عربة، وبيان حقيقة المالكين للأرض.

وقال مسؤول حكومي لـ"العربي الجديد" إن القيود الخاصة بأراضي منطقة الباقورة يفترض أنها موجودة ومحفوظة لدى مديرية تسجيل الأراضي في مدينة إربد، وهو ما سيتم التأكد منه لاحقاً، إضافة إلى التسلسل التاريخي لعملية انتقال ملكية تلك الأراضي والمالكين لها.

المساهمون