"دودو" يكشف تفاصيل مثيرة عن مسيرته..ويتحدث عن عودة البوندسليغا

يوسف محمد يكشف تفاصيل مثيرة عن مسيرته.. ويتحدث عن عودة البوندسليغا

17 مايو 2020
دودو يُعتبر واحداً من أفضل المدافعين اللبنانيين والعرب (Getty)
+ الخط -

كشف المدافع اللبناني يوسف محمد "دودو"، الذي يعتبر أول قائد عربي - آسيوي يحمل شارة القيادة في الدوري الألماني "البوندسليغا"، عن تفاصيل مثيرة من مسيرته الكورية، وذلك في حوار مع "العربي الجديد"، وتاليا أبرز تفاصيله.

بدايةً، ما الذي يميّز الكرة الألمانية عن غيرها في أوروبا؟
صحيحٌ أنني لم أخض تجارب أخرى في أوروبا، لكن الدوري الألماني يتميز بالحضور الجماهيري للمباريات. فهناك الأجواء مختلفة في أي لقاءٍ ستشاهده، المدرجات دائماً ممتلئة مهما كانت هوية المنافس، فريقان يصارعان على قمّة الترتيب أو حتى على الهبوط إلى الدرجة الثانية، لا فرق بالنسبة إليهم.

كذلك تميّز الدوري الألماني لسنوات بالقوة البدنية، التي باتت في الوقت الحالي نهجاً مستخدماً في معظم الدوريات، ومن دون هذه النقطة لن تجد فريقاً قادراً على الذهاب بعيداً وتحقيق الألقاب، خاصة مع تراكم البطولات وازدحام الجدول.

بحسب مرصد كرة القدم "CIES"، تأتي البوندسليغا في صدارة الدوريات الكبرى لناحية أقل عدد من التعادلات من دون أهداف في آخر 5 سنوات، ما تعليقك؟
من دون شك، بدأ الدوري يتغيّر، والفضل يعود للمدربين. هناك نقلة نوعية بتبدُّل نهج اللعب السابق إلى أسلوب هجومي مباشر. في الماضي، وبحكم تجربتي، كانت العقلية مختلفة. بعض الأندية كانت تدخل المباريات وهدفها الوحيد تحقيق التعادل، ولا سيما أمام الأندية الكبيرة، من خلال التكتل في الخلف. أما اليوم، فنرى أندية متوسطة، وحتى صغيرة، تهاجم وتندفع إلى الأمام أمام خصم من الصف الأول، ويكون الهدف تحقيق 3 نقاط، ولا شيء غير ذلك.


عشت فترة طويلة في ألمانيا، ما السبب الذي قد يتيح للمنظمين هناك إنجاح البطولة رغم مخاوف فيروس كورونا؟ طبعاً دائماً ما نسمع عبارة "عقلية ألمانية".
تعليقاً على هذا الموضوع، سأعود بالزمن إلى الوراء، تحديداً إلى الفترة التي كنت فيها محترفاً في ألمانيا يوم انتشرت أنفلونزا الخنازير (H1N1). إذ كانت العدوى قد ضربت العديد من البلدان عالمياً، وأخذت حيّزاً كبيراً من اهتمام الناس والإعلام. صحيحٌ أن الأمور لم تصل إلى ما هي عليه اليوم بسبب فيروس كورونا، لكن الإنفلونزا فرضت نفسها على الساحة.

أذكر أن الألمان كان لهم رأيٌ في هذه القضية، كان نهجهم الأول والأخير استكمال الحياة ومتابعتها، مع احترام جميع البروتوكولات الطبّية والمعايير الوقائية. لذلك، أرى أن هذه العقلية قادرة على النجاح ما دام الجميع ملتزمين توجيهات الحكومة.


نادي بوروسيا مونشنغلادباخ ملأ مدرجات ملعبه بصور الجماهير، وقد تُستخدَم مؤثرات صوتية في المباريات لإعطاء روح بغياب الحضور الفعلي، ما رأيك في هذه الخطوة؟
في الحقيقة، وبكلّ أمانة، قد لا تكون هذه الخطوة ذات ميزة أو إثارة بالنسبة إلى اللاعبين. فحضور الجماهير أمر مختلف يعطي الروح للاعب بشكلٍ غريب، وهذه الطريقة بإمكانها جذب المشجعين، خاصة أن صوت الملعب الخالي أو حتى شكله على شاشة التلفاز مزعج للبعض، وبالتالي قد يُساعد ذلك على رفع نسب المشاهدة.

مفاوضات عسيرة جداً قبل انتقالك إلى نادي كولن عام 2007 من فرايبورغ. بعيداً عن الشقّ المالي، ما المشكلة التي واجهتك يومها؟
ببساطة، لم يرد النادي التخلي عني، الفريق كان بحاجة ليوسف محمد، لأن ذلك سيسبب مشاكل لخط الدفاع. مدير النادي يومها عارض الفكرة، وحاول بشتى الطرق إقناعي بالبقاء، لكنني رفضت في نهاية الأمر.

هناك سبب ربما لم أتحدث عنه سابقاً، ويعرفه فقط بعض الأشخاص. في تلك الفترة، وافقت إدارة النادي على رحيلي إلى فولفسبورغ، لكنهم عارضوا في الوقت عينه انتقالي إلى كولن الذي كان منافساً شرساً للنادي في عملية الصعود من عدمه، بينما كان فولفسبورغ منافساً متقدماً في الترتيب بالدرجة الأولى، وللمصادفة حقق لقب البوندسليغا في موسم 2008-2009.

سجلت 9 أهداف لفرايبورغ و10 لكولن، أي هدف لم تنسَه ولماذا؟
لكلّ هدف طعم خاص كمدافع، لكن واحداً من بين الـ19 بقي في ذاكرتي ومخيلتي حتى اليوم، كان أمام نادي هوفنهايم في دوري الدرجة الثانية مع نادي كولن، حينها كنّا منافسين على الصعود للدرجة الأولى، وكُنّا نحتاج لتحقيق الفوز، استطعنا الانتصار بنتيجة 3-1، بعدما سجلت الهدف الثاني، كان الشعور رائعاً لأنني ساهمت في الانتقال إلى البوندسليغا.


كيف تلقيت خبر زفونيمير سولدو، بأنك ستصبح قائداً لنادي كولن؟ كنت أول عربي/ آسيوي يحمل شارة القيادة في الدوري الألماني.
جاء النبأ بعد عدّة لقاءات بيني وبينه، استدعاني في إحدى المناسبات إلى مكتبه، وقال لي: "اتخذت قراراً بتغيير القائد"، أعتقد أنه رأى في يوسف محمد الشخص الصريح الذي يقول الحق دائماً من دون مجاملة ويتمتع بشخصية قيادية واحترافية.

قبل معرفتي بأنني أصبحت القائد الجديد، أخبرته أن هذه الخطوة قد تكون إيجابية لرفع الروح المعنوية داخل جدران الفريق، فسألني: "لا تريد معرفة هويته؟"، أجبته بأنه ما دام قد اتخذ القرار، وهو مقتنع به، فأنا معه. بعدها أخبرني بأنني سأحمل الشارة، كانت مفاجأة بالنسبة إليّ لأن الفريق كان يضمّ لاعبين أكبر مني سناً وأقدم في النادي.

كانت مسؤولية كبيرة، معاملة اللاعبين في أرضية الميدان وداخل غرف الملابس والمقابلات مع الصحافيين. أفتخر بذلك كلاعب لبناني، لأنني كنت أول عربي - آسيوي يصل إلى هذا الإنجاز.


ذكرى أو موقف أو حتى وصف لمهارة لاعبين كبار واجهتهم في الملاعب الألمانية؟ (عرضنا عليه قائمة بالأسماء وحصلنا على هذه الإجابات).
عُرف ميروسلاف كلوزه بارتقائه العالي، المتابع من بعيد قد لا يرى هذه الأحداث، لكن كمدافع وفي إحدى المناسبات، اشتركت معه في لعبة هوائية، استطاع انتزاع الكرة بصدره بينما وصلت إليها أنا برأسي، قفزته استثنائية.


أما الهولندي مارك فان بوميل، فصورتي معه كانت حين حاول التمثيل على الحكم، مطالباً بخطأ بعد احتكاك بيني وبينه، بدأ بالصراخ مباشرة، اتجهت نحوه وقلت له: "لا داعي للتمثيل، لم ألمسك البتة، أخذت الكرة بطريقة شرعية".

بالنسبة إلى رود فان نستلروي، صحيحٌ أنني لم ألتقِ به كثيراً، لكنه كان كالثعلب يستطيع مغالطتك في أي ثانية. وفي ما يخصّ روبرت ليفاندوفسكي، كان صغيراً حين التقيته، لكنني شعرت بأن خصمي رجلٌ حديدي.

كذلك لدي قصة مع ماريو غوميز، فأنا كمدافع يجب عليّ مضايقة المهاجم كي لا يأخذ راحته، بعد انتهاء الشوط الأول اتجه نحوي، وقال: "هل تريد قميصي؟"، فأجبته: "لا شكراً، إذا أردت يمكنني أن أعطيك سروالي"، حصل نقاش بيننا، لأن الأجواء كانت متوترة، بايرن كان منافساً على اللقب وتمكّنا من عرقلتهم.

روي ماكاي، مثلاً، مهاجم مميز وصعب المراس. كلاوديو بيزارو لم ألتقِ به كثيراً، لكنه تمتع بارتقاء مميز. أما في ما يخصّ أوليفر نوفل، فأذكر في الحقيقة المباريات ضد فريقه بوروسيا مونشنغلادباخ، الديربي الذي يذخر بالمشاجرات والتوتر والحساسية والقتال حتى الرمق الأخير.

ما رأيك في الارتفاع الجنوني لأسعار اللاعبين؟
العالم الآن مبني على الشق المالي، من المستحيل أن تنجح أي صناعة من دون هذا المصدر. أما في ما يخصّ كرة القدم، حصل ارتفاع جنوني في أسعار اللاعبين. في الحقيقة، بعضهم لا يستحق، وهذا الأمر ليس إيجابياً للعبة، بنظري في العالم هناك 3 لاعبين فقط ربما كانوا يستحقون رواتب عالية.

حصلت في الفترة الأخيرة انتقالات خيالية، مدافع بلغ سعره 85 مليوناً، بينما في الماضي أساطير مثل مالديني ونيستا لم يصل سعرهم إلى هذا الحدّ. في الحقيقة، الإعلام يؤدي دوراً مهماً، وكيل الأعمال يروّج له، وكذلك التسويق الصحيح في الأندية.

لنتحدث عن لبنان، كيف ترى الواقع الحالي في ظل الأزمة الاقتصادية ومن ثم جائحة كورونا؟ دوري بلا أجانب وعدد فرق أقل؟
لا أحب أن أكون سلبياً، لكن للأسف الأزمة الاقتصادية ضربت كرة القدم هنا، توقف الدوري قبل كورونا بفترة تزامناً مع التحركات في البلد. الأندية ليست لديها مداخيل، وهي تعاني كثيراً، والمستقبل ليس مُطمئناً، الأمر الوحيد الذي قد يُساعد هو ما يُمكن أن يحققه المنتخب من نتائج إيجابية أو حتى بعض الأندية على المستوى القاري.

قبل بداية الدوري لمّحت بعض الأندية إلى أنها غير قادرة على المشاركة، رغم ذلك انطلقت المنافسات لتظهر الأزمات بشكلٍ متسارع، من الواضح أن متابعته مستبعدة.

رغم الصورة القاتمة، علينا النظر إلى المستقبل ووضع بعض الشروط، منها أن يُحدد كلّ نادٍ ميزانيته مع انطلاق الموسم، وأن يقدّمها للاتحاد كي لا تكون مشاركته تأدية واجب، وهذا الأمر من شأنه تقليل المشاكل مع اللاعبين وحتى المحترفين.

أمّا في ما يخصّ قصة دوري بلا أجانب، فأنا شخصياً ضد هذه الفكرة. بإمكان القادمين من الخارج تقديم إضافة إلى اللاعب اللبناني. على الصعيد الشخصي استفدت من بعضهم حين كنت في لبنان ببداية مسيرتي. في الفترة الأخيرة، شاهدنا أجانب بمستوى اللبنانيين، وبعضهم أقلّ. لذلك، علينا التعاقد مع أجانب ذوي مستوى أعلى من اللاعب المحلي.

أخيراً، أنا مع قرار تخفيض عدد الأندية، ومع قرار الاتحاد الأخير بإشراك اللاعبين الشباب لعدد دقائق معينة، ومن الممكن تطوير ذلك مستقبلاً بآلية أخرى.

رأيك في النجوم العرب حالياً في أوروبا: محمد صلاح ورياض محرز وحكيم زياش؟
اللاعبون الثلاثة قدموا الكثير لأنديتهم، وحتى لمنتخبات بلادهم. استطاعوا رفع رأس بلادهم، وكذلك الأمّة العربية في عالم كرة القدم. الحديث كبيرٌ عنهم في الملاعب الأوروبية، والصحافة هناك، وأتمنى أن نستمرّ في التفكير بهذا النهج الاحترافي كعرب.

على الجماهير أيضاً الابتعاد عن التجاذبات في ما يخصّ هوية الأفضل، فما وصل إليه اللاعبون أمرٌ مُشرّف، أتمنى لهم التوفيق والنجاح أكثر في المستقبل، وتحقيق البطولات. المستوى المميز وحده لا يكفي، ما يبقى في الذاكرة يقترن بالإنجازات.

المساهمون