(كتاب ميسي 7).. انتظار ريكساش والنهاية السعيدة

(كتاب ميسي 7).. انتظار ريكساش والنهاية السعيدة

24 فبراير 2016
+ الخط -


كان أول تمرين لميسي مساء يوم وصوله لبرشلونة في الساعة السادسة مساء تحت قيادة رودولفو بوريل الذي كان تحت إمرته في موسم 2000-2001 فريق سيدخل تاريخ اللعبة: إنه جيل 1987 الذي ضم أسماء مثل سيسك فابريغاس وجيرارد بيكيه وسيضاف في وقت لاحق ذلك الطفل الصغير القادم من الأرجنتين.

لم يكن كارليس ريكساش، مستشار رئيس النادي، موجودا، إذ سافر لحضور مباريات أولمبياد سيدني 2000، والذي كانت تشارك به أسماء مثل تامودو وتشافي وبويول وزامورانو ومبوما وإيتو ضمن آخرين.. في الحقيقة موضوع ليو لم يكن يشكل جزءا من أجندته الحقيقية لأنه كان مسؤولا عن قرارات الفريق الأول، كان اللجوء إليه سيتم إذا لم يحدث اتفاق بين مدربي قطاع الناشئين بخصوص مسألة ضم ميسي ليكون صاحب الكلمة الأخيرة.

لم تكن بداية أول يوم لميسي في تدريبات برشلونة هينة، فتخيل أنك تحلم طوال عمرك بالتواجد هناك داخل نادي برشلونة لتجد فجأة أن حلمك أصبح واقعا وعيناك تشاهدان (كامب نو) و(المينيستادي) لأول مرة على الطبيعة، هذا بخلاف أن الخجل وربما التحفظ الذي يعد من ضمن سمات ميسي كان زائدا بصورة كبيرة، خاصة في ظل بعض النظرات الساخرة من ضآلة جسمه.

بالنسبة لسيسك فابريغاس وجيرارد بيكيه حينها لم يكن ليو سوى واحد من ضمن كثيرين يأتون كل يوم لإجراء اختبارات في برشلونة ونادرا ما يكون من ضمنهم أجانب، ولكن رودولفو بوريل كان يخشى على ميسي من أن يقسو عليه لاعبوه، لذا قال لهم دون أن يسمعهم الأرجنتيني "توخوا الحذر، إنه صغير للغاية، لا تلحقوا به إصابة".

كان ليو يضع رباطا ضاغطا على ساقيه، مما أثار قلق أحد مساعدي بوريل فاقترب منه ليسأله إذا ما كان مصابا ولكنه أجاب "لا إنها عادة أرجنتينية لتجنب الإصابة بالتواءات".

كان طول ميسي حينها 148 سم، إذ يقول بيكيه عن هذا اليوم "كان قصيرا للغاية ولا يكاد يتحدث، لم يتخيل أحد ما الذي من الممكن أن يحدث بعدها"، بينما يضيف فابريغاس من جانبه "كان شعره طويلا ويتحدث بلهجة أرجنتينية منخفضة الحدة، لا تكاد تسمعه لقد قلنا لأنفسنا، هذا الفتى بكل تأكيد لن يكون ذا أهمية".

لم يتوقف الأمر عند هذا حيث خرجت بعض المزاحات ثقيلة الظل من الفريق تجاه ميسي حيث قيل بينهم "هذا الفتى.. إنه قزم!"، ولكن ميسي لم يقل شيئاً حتى دخل الملعب إلى جانب بيكيه والذي كان ضعف طوله.. رأس ميسي كان يصل لوسط بيكيه.

بدأت المجموعة في عمليات الإحماء ثم تلتها مهارات "تنطيط" الكرة وجاء الدور على ميسي: واحد اثنان ثلاثة أربعة.. متى ستسقط؟ هذا كان هتاف أحدهم من المدرجات ولكن ميسي استمر حتى تخطى العشرين.

يقول فابريغاس حول هذا الأمر "حينما بدأ في لمس الكرة أدركنا أنه مختلف عن بقية اللاعبين الذين كانوا يأتون كل يوم.. في أول مباراة مصغرة بيننا في التدريبات راوغني بالمقاس وسدد الكرة في المرمى، على الرغم من أنني في الصغر كانت لدي موهبة لم أعد أمتلكها الآن في قطع الكرة".

كان ميسي مذهلا سواء في المراوغة أو الدقة أو الاستمرارية وبدأ الفتية بالاستمتاع بما يقدمه وتطوراته، لقد كسب احترام المجموعة وتحولت كلمة "القزم" من أحد أشكال السخرية لطريقة لإبداء الإعجاب به بطريقة ودية.

كان ميسي يذهب كل يوم، عدا السبت والأحد، حينما يلعب الفريق لتدريبات البرسا انتظارا لوصول ريكساش الذي تأخر كثيرا في القدوم من سيدني، ولكن في أوقات الفراغ بالفندق كانت الكرة حاضرة دائما، إما باللعب بها على رأسه في الغرفة أو أخذها للشرفة لمراوغة خصوم ليس لهم وجود، ولكن هذا لم يمنعه في نفس الوقت من زيارة أبرز معالم المدينة والتعرف عليها بصحبة والده.

وصل ريكساش في النهاية عقب مرور أسبوعين، على الرغم من أن خطة خورخي وليو كانت البقاء لمدة أسبوع واحد فقط، وكان أمامه العديد من الموضوعات العالقة مثل مسألة ذلك الطفل الأرجنتيني الذي لم يرغب أحد من مدربي قطاع الناشئين إعطاء كلمة نهائية بخصوصه، صحيح أنه أثار إعجاب الأغلبية، ولكن كان هناك أحدهم الذي قال "إنه صغير للغاية، يجب أن يلعب كرة الصالات".

الحقيقة إن الأغلبية فضلت إلقاء المسؤولية على ريكساش حيث لم يرغب أحدهم في أن يكون مسؤولا عن تجربة جديدة قد تواجه فشلا ذريعا، ولكن في النهاية تبين أنها ربما تكون الأفضل في التاريخ بعد ضم ليو الذي لم يتوقف ولو ليوم واحد في الأسبوعين الذي قضاهما في برشلونة عن الإبهار.. في بعض أيام بالتدريبات سجل خمسة وستة أهداف على سبيل المثال.

"ليلعب ذلك الفتى مع الفريق الأكبر منه بعامين، أرغب في رؤية كيف سيتعامل مع الفتية الأكبر منه".. هذه كانت فكرة ريكساش لحسم مسألة ليو في اختبار نهائي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول بتمام الساعة السادسة على ملعب النجيل الصناعي الثالث أمام الـ(مينيستادي).

بدأت المباراة ولكن تشارلي لم يصل، كانت ساعته البيولوجية لا تزال تعاني من مسألة السفر لسيدني.. بعدها بدقائق كان يدخل الملعب، سار قليلاً ووقف عند أحد أركان الملعب ثم مر من وراء المرمى اتجه بعدها إلى دكة المدربين وتحدث معهم لمدة 10 دقائق قبل أن يرحل.

خلال الدقائق القليلة التي تواجد فيها ريكساش كان ميسي قد تمكن من تسجل هدف فريقه الوحيد في المباراة التي انتهت بهزيمته 2-1، كما أظهر مهارات متنوعة في السيطرة على الكرة ومراوغة الخصم، ولكن والده خورخي لم يفهم.. "أننتظر أسبوعين من أجل 15 دقيقة ثم يرحل هكذا؟".. ظن خورخي أن ريكساش لم يعجب بليو وقرر العودة للأرجنتين في اليوم التالي ولكن قبل الرحيل جاء النبأ السعيد "لا تقلقوا، سنحل لكم كل شيء، ستعودون مع بداية الموسم أو قبلها".

اقرأ أيضاً
(كتاب ميسي 6).. لغز اختفاء "المايسترو"
(كتاب ميسي 5)... أزمة هرمون النمو
(كتاب ميسي 4).. أسطورة طفل نيولز أولد بويز
(كتاب ميسي 3)... ليو في المدرسة ومغامرات الجيش!
(كتاب ميسي 2) الجدة سيليا وملعب جراندولي
(كتاب ميسي 1).. ميسي الذي نجا من الموت جنيناً

المساهمون