كرة الكرامة (2)... الملعب اللبناني جحيم من نوع آخر

كرة الكرامة (2)... الملعب اللبناني جحيم من نوع آخر

FA75911F-93E5-4D86-8C62-4BD8C2710E59
رياض الترك
صحافي لبناني وكاتب رياضي في موقع وصحيفة العربي الجديد منذ عام 2014. مولع بالرياضة ومختص في شؤون إدارتها أيضاً.
14 نوفمبر 2016
+ الخط -
نستعرض في الجزء الثاني وضع كرة القدم في لبنان، والتي تحولت من مهنة وهواية إلى جحيم بالنسبة للاعب اللبناني، سننقل تفاصيل من أرض الواقع، مع لاعبين يرفعون صوتهم.

ننطلق في الجزء الثاني من التحقيق لنعرض حالة اللاعب اللبناني بكل تفاصيلها، من بداية يومه إلى نهايته وكيف يمر في ظروف قاهرة تحرمه أحياناً من رؤية عائلته، لأن ملعب كرة القدم أصبح أقرب إلى جحيم بالنسبة له.


يعمل صباحاً ويتدرب مساءً

يستيقظ في الصباح الباكر ويتوجه نحو عمله. في الطريق يتذكر أنه لم ير طفله الذي كان نائماً. يلقي اللوم على نفسه لأنه السبب في عدم تمتع ابنه بنعمة الأبوة كما يجب. يصل إلى عمله يتذكر أن طفله بحاجة لرعاية والرعاية لا تأتي بدون مال. ينسى همومه لساعات ويغادر عمله الشاق ويتجه نحو وظيفته الثانية التي كانت هواية وأصبحت مع السنوات مهنة شاقة أوجعت قلبه. يدخل المستطيل الأخضر ليشارك في الحصة التدريبية وفي قلبه غصة على حاله فهو حائر بين قفص يسجنه أو جحيم يحرقه.


بالنسبة لحسن ملاح لاعب كرة القدم في لبنان، فهو يعمل صباحاً في بنك ويمارس هواية كرة القدم مساءً، راتبه الشهري يذهب ثلاثة أرباعه لبنك الإسكان وزوجته لا تعمل ويتبقى له حوالي 250 ألف ليرة لبنانية فقط (نحو 150 دولاراً) لإعالة عائلة، فهو يسأل نفسه كيف أعيل طفلي الذي يريد مستلزمات كأي ولد آخر في عمره. والعائلة بحاجة لطعام كل يوم وهذا الأمر مُكلف والـ 250 ألفاً ستذهب على الطعام فقط. فيأتي راتبه من فريق التضامن صور ليعيله قليلاً وينقذ شهره الصعب.

ويسأل حسن نفسه السؤال الأصعب: "هناك لاعبون يعتمدون فقط على راتب كرة القدم، ماذا سيفعلون لو تأخر راتبهم أسبوعاً أو أسبوعين، يتشردون في الشوارع أم يتسولون المال من أجل العيش بكرامة؟". بالنسبة لملاح اللاعب اللبناني لا يمكن أن يعتمد فقط على راتب الكرة في لبنان، هذا اللاعب الذي يُمننونه براتبه الشهري أحياناً ويتأخرون في دفع مستحقاته.

ويعتقد اللاعب عُمر عويضة أن في كرة القدم اللبنانية ثلاثة أو أربعة أندية يمكنها إعالة اللاعب ودفع مستحقاته بشكل طبيعي، إن صدقت طبعاً، لكن باقي الأندية لا يمكنها القيام بذلك وعندها يصبح اللاعب مجبراً على ملاحقة المسؤولين لكي يُحصل راتبه أو مستحقاته. بالنسبة لعويضة حالة اللاعب في لبنان تحت الصفر "هناك لاعبون لا يمكنهم العمل وممارسة كرة القدم في نفس الوقت، هناك لاعبون لا يمكنهم ترك عملهم من أجل الرياضة التي يعشقونها".

ويُشير عويضة إلى أن حوالى 90% من لاعبي كرة القدم في لبنان يعيشون حالة صعبة في حين أن 10% فقط يعملون في وظائف ثانية وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة للاعب اللبناني. ويؤكد خطورة الموقف في المستقبل لأن اللاعب غير قادر على الزواج وإعالة عائلة ولا يمكنه الالتزام بقروض من البنك لأنه لا يعرف إن كان سيحصل على راتبه في هذا الشهر أم لا.

الملعب جحيم

اللاعب اللبناني "الله يكون معه"، يعمل في الصباح ولديه تدريب عند الظهر، حالته صعبة كثيراً يأكل على الطريق لأنه لا يملك الوقت الكافي لتناول الغداء مع عائلته وأغلبية اللاعبين يعيشون هذه الحالة، اللاعب اللبناني هو الحلقة الأضعف، بهذه الكلمات يصف الصحافي الرياضي محمد كركي اللاعب اللبناني.

ما يعيشه اللاعب اللبناني أشبه بجحيم على المستطيل الأخضر، يدخل أرض الملعب وفي ذهنه أمور حياتية كثيرة، لا يهمه أن يُسجل الأهداف أو يلعب بشكل جيد، بل على العكس جُل ما يهمه هو تحصيل راتبه في آخر الشهر والعيش بكرامة. 

في بعض الأحيان يتأخر راتب اللاعب ويعيش في حالة من التوتر والضغط النفسي اللذين يؤثران على مستواه الفني على أرض الملعب، وبالتالي سيستدين الأموال بغية إعالة عائلته وتسيير أموره المالية إلى حين وصول راتبه من الفريق الذي يلعب معه، وأحياناً يُطرد هؤلاء اللاعبون من منازلهم لأنهم غير قادرين على دفع الإيجار المخصص بسبب تأخر الرواتب. والأمر المرعب أن هؤلاء اللاعبين قد يلجؤون يوماً ما إلى الحل الأسوأ وهو هجر اللعبة نهائياً.

بالنسبة لكريم سعد، الصحافي الرياضي، كرة القدم بالنسبة لبعض اللاعبين هي لقمة العيش، هناك لاعبون يعيشون من هذه اللعبة فقط، اللاعب اللبناني يستيقظ منذ الصباح يفكر كيف سيأكل ويدفع الديون، وبالتالي فإن النادي اللبناني لا يُفكر في حال هذه المشاكل ويطلب منه تقديم مستوى مُتميز على أرض الملعب.

ويكشف سعد عن لاعب لبناني يعيش في منزل متواضع، والدته مريضة وهو يعيل العائلة، يلعب كرة قدم من أجل إعالة هذه العائلة. ليس لديه وسيلة نقل، فهو يستعير دراجة نارية لكي يذهب إلى التدريب وأحياناً ينتظر صديقه لكي يقله إلى ملعب التدريبات، والأمر الغريب أن النادي لا يلتفت إلى هذه الأمور البسيطة التي تُعتبر جزءاً من حياة اللاعب.

"كرة القدم في لبنان لا تُطعم خبزاً"، بهذه العبارة أشار الصحافي الرياضي رواد مزهر إلى حالة كرة القدم. بالنسبة له يجب على اللاعب ألا يعتمد على كرة القدم فقط لكي يعيش بكرامة، واللاعب الذي لا يعمل اليوم إلى جانب "هوايته" المفضلة فهو ما زال متأخراً عن أقرانه الذين يعملون صباحاً ويتدربون مساءً. 

ويكشف إبراهيم دسوقي، رئيس تحرير جريدة "سبورت 1" الرياضية، عن تجربة لاعب لبناني شاب لم يتخط الـ 17 من عمره رفض ذكر اسمه كان يلعب كرة القدم وربما من أفضل المواهب الشابة وكان يقطن في مدينة صور الجنوبية. توفي والده في سن مبكرة وأصبح في سن الـ 16 سنة معيلاً للعائلة، وبالطبع لا يمكن أن يتحمل ناد لبناني تكاليف لاعب شاب في هذا العمر لأن أندية كرة في لبنان تعتبر اللاعب الصغير غير مفيد ولا يمكن أن يقدم أي شيء جديد على أرض الملعب.

ورغم أن بعض الأندية اللبنانية وضعت عينها على هذه الموهبة، لكن هدفها كان الاستفادة منه عندما يصبح في عمر النضوج الكروي وليس منحه فرصة في الدرجة الأولى، هذا اللاعب الشاب ترك كرة القدم بعد أن فشل في إيجاد فريق يطور موهبته الكروية، وها هو يعمل حالياً في مطعم بدوامين بغية إعالة العائلة.

وعندما نتحدث عن أن الملعب جحيم من نوع آخر يمكن الاستعانة بعبارة الصحافي الرياضي شربل كريم "اللاعب يعيش تحت رحمة النادي، الذي يمكنه طرد هذا اللاعب من دون أن يحفظ حقه أبداً وفي النهاية يجلس اللاعب في المنزل ويترك كرة القدم".


دلالات

ذات صلة

الصورة
GettyImages-103697899.jpg

رياضة

يعتبر النجم النيجيري السابق مايكل إينيرامو من أبرز اللاعبين الأجانب في تاريخ الدوري التونسي الممتاز لكرة القدم، وهو الذي حمل قميص نادي الترجي سنوات طويلة

الصورة

رياضة

أكد منتخب الأردن أنّه جاهز لحصد لقب كأس آسيا، بعدما آمن بحلمه وتابع التقدّم في البطولة القارية المقامة حالياً في قطر، حين هزم نظيره كوريا الجنوبية بهدفين.

الصورة
GettyImages-1990635419.jpg

رياضة

تحدث نجم منتخب الأردن موسى التعمري في حديث خاص لـ "العربي الجديد" بعد نهاية المباراة التي فاز فيها منتخب "النشامى" على كوريا الجنوبية بهدفين نظيفين

الصورة

رياضة

كشف عبد الله خليفة المفتاح، ممثل قوة أمن بطولة كأس آسيا لكرة القدم 2023 في قطر، عن دور الروبوت الآلي الذي يظهر حول ملاعب النسخة الثامنة عشرة.

المساهمون