رابح ماجر... سكت دهراً ونطق كفراً

رابح ماجر... سكت دهراً ونطق كفراً

17 ديسمبر 2019
رابح ماجر مدرب الجزائر السابق (Getty)
+ الخط -
في البداية قبل أن أسترسل في كتابة المقال، يجب الإشارة إلى أمر مهم. في عالم الكرة نحن نتعامل مع ثلاث شخصيات للسيد رابح ماجر؛ ماجر اللاعب الموهوب، فهذا نجم عالمي وفخر كل عربي، كتب التاريخ في البطولات الأوروبية مع كل الأندية التي لعب معها، صاحب الكعب الذهبي الذي بات كل هدف بالكعب يُلحق باسمه، وماجر المدرب الفاشل، الذي جعل المنتخب الجزائري حطاماً كلما اقترب منه، فعدد المرات التي فاز فيها "الخضر" معه يعد على الأصابع، وفي كل مرة يُعين فيها بالمنصب يقال ويخرج تحت وابل من الشتائم والانتقادات، أما ماجر المحلل أو صاحب الرأي، فهذا يجمع الشخصيتين، قد نختلف معه مرات ونعارضه، ومرات يكون على حق ونكيل له المديح.

وكما ورد في العنوان، فإنّ مدرب "الخضر" السابق الذي ظل صامتاً منذ كأس أمم أفريقيا الأخيرة، عاد ليخلق جواً من الاستهجان وسط الشارع الرياضي الجزائري، بعد التصريحات الصحافية التي لم تعجب المشجعين، حيث أكد صاحب "الكعب الذهبي" أنّ اللاعب السنغالي ساديو ماني يستحق أكثر من البقية، أي الجزائري رياض محرز والمصري محمد صلاح، التتويج بجائزة أفضل لاعب أفريقي لهذه السنة.

المدرب المقال مع "الخضر" لم يعر أي اعتبار لنجمه السابق الذي كان يشيد به في كل المؤتمرات الصحافية، بطريقة غريبة جعلت كل المتتبعين يقعون في حيرة من أمرهم، هل أصيب ماجر بالزهايمر ونسي كل ما قاله خلال الحصص التلفزيونية التي كان يظهر فيها، وانتقاده اللاذع للاعبين مزدوجي الجنسية إلى درجة التشكيك في وطنيتهم، أم أن المتتبعين هم الذين أصيبوا بفصام الشخصية "سكيزوفرينيا" وأن كل ما سمعوه من قبل مجرد تهيؤات؟ لكن الحقيقة أنّ المصلحة هي التي جعلت نجم بورتو البرتغالي السابق يتخلى عن كل مبادئه لتحقيق مآربه، ومع ذلك كرة القدم لا تخضع إلا لأصحاب المبادئ.
وبعيداً عن العاطفة، فإنّ ما فعله محرز خلال كأس أمم أفريقيا، بكونه النجم الأول لـ"الخضر"، وصاحب المبادرة لحظة تعقد الأمور، والنجم الذي فك شيفرة كل الدفاعات المستعصية، والقائد الذي لعب دوره على أكمل وجه داخل الملعب وخارجه، وكل هذا بشهادة مدربه جمال بلماضي، كان حاسماً في المنافسة التي تقابل فيها النجوم الثلاثة وجهاً لوجه، دون ترسانة النجوم التي تزاملهم في فرقهم، حتى على صعيد الأندية، فإنّ محرز أكمل الموسم بخمسة ألقاب كاملة، فهذه الأخيرة رفقة التاج الأفريقي تعادل اللقب الأوروبي، وحتى ساديو ماني قال بصريح العبارة إنّه مستعد أن يتنازل عن لقبه الأوروبي مع ناديه ليفربول الإنكليزي لصالح لقب قاري يهديه لشعبه، فإهداء اللقب لمن يقاسمونك أفراحك وأحزانك، من يساندونك في الشدائد والرخاء، من يعتبرونك النجم ولا نجم غيرك، البسطاء من يحبونك لأجلك، هؤلاء الذين خرجوا في عز الحر يحتفلون بمحرز ورفاقه بكل صدق في شوارع الجزائر، ذلك الحلم الذي يراود ماني وربما صلاح.

لا يجب الخلط، نعم، فماجر اللاعب مشواره يُثنى عليه كلما ذكر، وماجر المدرب يُهاجَم في الملاعب كلما حضر، أما ماجر المحلل، فعليه أن يزن كلامه، ويتخلّى عن غروره، وأن يكون واقعياً لا يبحث عن الأضواء بالسير عكس الاتجاه، حتى يتجنّب الاصطدام مرة أخرى بالجمهور، فهناك من لا يزال يحترمه في الجزائر لشخصه فقط.

المساهمون