الأندية السودانية والتسويق المالي.. موارد مهدورة وفشل في التخطيط

الأندية السودانية والتسويق المالي.. موارد مهدورة وفشل في التخطيط

20 مارس 2020
أندية السودان بحاجة إلى تطوير الجانب التسويقي (فرانس برس)
+ الخط -
تعيش أندية كرة القدم السودانية تحت وقع أزمات مالية متكررة وضائقة خانقة خلال السنوات الأخيرة، نتج منها ضعف كبير في المنشآت والنتائج على المستويات كافة، في ظل فشلِها في الابتكار، وذلك بإيجاد حلول من الناحية الاستثمارية والسعي لتنويع مصادر الدخل، الأمر الذي أثر في قدرتها على تغطية المصروفات الكبيرة التي تُثقل كاهلها.

وتتمثل تلك المصروفات في رواتب وحوافز اللاعبين والمدربين إضافة لتكاليف النقل، والمبالغ الطائلة التي تنفقها في فترات الانتقالات، في الوقت الذي تهدر موارد ضخمة في ظل عدم الاستفادة من قواعدها الجماهيرية الكبيرة، عطفاً على أنها تُهمل جانب الاستثمار والتسويق الرياضي.

ويشهد التسويق الرياضي نمواً كبيراً، وأصبحت الشركات في جميع أنحاء العالم تخصص نصيباً كبيراً من ميزانياتها للتسويق الرياضي.

وبات التسويق في المجال الرياضي إحدى أهم الوسائل والطرق التي تسهم في حل كثير من المعوقات المادية التي تتعرض لها الأندية الرياضية، باعتبار أن المجال الرياضي مجال مهم وحيوي، وفرص الاستثمار فيه كبيرة. وبإمكان الأندية إذا استغلّت ما يتوفر لها من موارد أن تضخ في خزائنها مبالغ طائلة تُغطي النقص المادي الكبير الذي تواجهه في ظل وضع اقتصادي متردٍ تعيشه البلاد.

ولا تزال أندية السودان تتعامل مع الجوانب المالية بإهمال كبير وبصورة تقليدية، بعيداً عن الاحترافية، إذ إن الاعتماد مالياً يكون كلياً على رؤساء الأندية عبر أصحاب رؤوس الأموال والأفراد ومن أقطاب وأعضاء شرف، وتعتمد كذلك على مداخيل المباريات وتبرعات الأعضاء.

وتغفل الأندية السودانية استغلال قواعدها الجماهيرية، وذلك بتحويل جماهيرها من مجرّد مشجعين إلى عضوية فاعلة، تساهم في رفد خزائنها بصورة مستمرة من خلال دفع رسوم اشتراك شهرية تخلّص الأندية من حالة العوز التي تعانيها، إلا أن العائق حيال ذلك الأمر يتمثل بعدم توفير محفزات تدفع بالجماهير لاكتساب العضوية لما تعانيه الأندية من حالة متردية مع عدم توفر بنية تحتية تحث الجماهير على الاشتراك في النادي ودفع رسوم الاشتراك، وهو ما يتطلب تضافر الجهود وتقديم الدعم الحكومي في هذا الجانب، بحيث يكون الدعم موجهاً لتأهيل البنية التحتية وتهيئتها لتصبح مصدر دخل، بدلاً من أن يكون الدعم موجهاً لتسيير النشاط فحسب.


وتهمل كذلك الأندية السودانية جانب الرعاية، على الرغم من أنها قادرة على أن تتواصل مع الشركات المحلية، ما يترتب عليه تحقيق مكاسب متبادلة يحصدها الطرفان بالعوائد المالية للأندية والترويج الدعائي بالنسبة للشركات، إذ تعد عوائد الرعاية من أهم الحلول التي تسهم بشكل كبير في انتعاش خزائن الأندية وإنقاذها من شبح الأزمات الاقتصادية والإفلاس.

ويطاول الإهمال كذلك العلامات التجارية للأندية والتي تعجز عن استثمارها، كتوفير متاجر خاصة تسوق من خلالها منتجاتها بالتعاون مع الشركات المتخصصة في إنتاج المعدات الرياضية، إلا أنها تتغاضى عن هذا الأمر بالرغم من قلة التكلفة والعائد الكبير الذي من الممكن أن تجنيه من بيع المنتجات التي تحمل شعارات الأندية من أقمصة ووشاحات وغيرها.

وتستطيع الأندية أيضاً الاستفادة من إنشاء الأكاديميات الرياضية والتي تعطي الأمل لها في إيرادات دخل جديدة ومهمة، وفي نفس الوقت فإنها تعتبر فرصة لإعداد واكتشاف المواهب الصغيرة، الذين تأمل عائلاتهم في أن يكون لهم مستقبل مشرق في عالم الرياضة، والإسهام بتطوير اللعبة في البلاد.

في المقابل، تحصّل الأندية السودانية على عوائد مالية ضعيفة نظير البث التلفزيوني، إذ يحصل كل فريق على 555 ألف جنيه سوداني "4.5 آلاف دولار أميركي"، كبدل مالي لنقل كامل مبارياته في بطولة الدوري السوداني، و264 دولارا أميركيا مقابل نقل مباراة واحدة، في الوقت الذي يفشل اتحاد الكرة السوداني في استقطاب عروض مثالية تزيد من نصيب الأندية من عائد البث، هذا في ظل عدم مقدرة الأندية على تسويق مبارياتها للقنوات، إذ إن حقوق البث تباع بصورة حصرية مقابل 90 ألف دولار أميركي للموسم بالكامل.

ويُلعب الدوري السوداني في موسمه الثالث توالياً دون جهة راعية، بعد انسحاب الشركة الراعية، بعد خلاف مع الاتحاد السوداني لكرة القدم حول المقابل المادي، وتعذر على الأخير تسويق بطولاته والحصول على راعٍ آخر، لتظل البطولة بلا راعٍ.

ومن بين الحلول التي يجب أن تعيها إدارات الأندية، وجوب الاستفادة من الرعاية والدخول في مشاريع استثمارية تضمن لها دخلاً ثابتاً، حتى تتخلص من اعتمادها على التبرعات والدعم الشخصي من الأفراد، واستثمار هذه الأموال في مشاريع تضمن توفير المال، من أجل توفير الاحتياجات الأساسية لتسيير العمل الرياضي، حيث ستتمكن من تأهيل البنية التحتية الخاصة بها، والتي يمكن تطويرها في المستقبل لضمان دخل مادي ثابت بفضلها، على غرار إنشاء محال تجارية وكافتيريات ومطاعم ومرافق خاصة بالعائلات من أماكن ترفيهية للأطفال ومراكز تسوق، ولا يتم ذلك إلا عبر الدخول في شراكات مع الجهات العالمية والمحلية المختصة في هذا المجال.

وبحسب ما تشهده الساحة الرياضية في السودان، فإن ما يقف حجر عثرة ويحول دون ذهاب الأندية السودانية بعيداً في هذا المجال وتطويرها للتسويق والاستثمار هو وجود أناس غير مختصين لا علاقة لهم بالجوانب الاستثمارية والتسويقية، وغالباً ما يكون شاغلو هذه المناصب غير مناسبين، لذلك لزم الاعتماد على أصحاب الاختصاص حتى تقتحم الأندية مجال الاستثمار الرياضي بقوة، الأمر الذي سيغير من واقعها المتردي ويحولها إلى أندية غنية بمواردها بدلاً من أن تكون "متسوّلة"، وهو ما من شأنه أن يساهم في تطوير الرياضة وكرة القدم السودانية.

دلالات

المساهمون