ريال مدريد ومنتخب الجزائر وجهان لمصير واحد

ريال مدريد ومنتخب الجزائر وجهان لمصير واحد

16 نوفمبر 2019
ريال مدريد والجزائر وجهان لمصير واحد (Getty)
+ الخط -
لا يوجد منا من لم يعش تلك اللحظات التي يخالها متكررة، يتوقف بعدها ليتصارع مع ذاكرته لاستعادة الوقت الذي عاش خلاله تلك الأحداث من قبل، يتصارع مع عقله لأنه قد رأى الأحداث بتسلسلها وشخصياتها من قبل، ويجاهد لمعرفة ما سيحدث من دون أي جدوى، وهو ما يطلق عليه "وهم سبق الرؤية".

وبحكم أنّني جزائري الأصل ومدريدي العشق، فإنني ومن يشاركني هذه الصفات نعيش هذه الحالة الفريدة هذه الأيام، مع ما يحدث من النتائج الممتازة للمنتخب الوطني تحت قيادة المدرب جمال بلماضي، والعزيمة الكبيرة التي يظهرها أشباله في كل لقاء من أجل الفوز أولاً، والحفاظ على سلسلة البقاء من دون هزيمة لتحطيم الرقم القياسي، والذي تم في مباراة زامبيا بـ16 مواجهة متتالية من دون هزيمة، وهو الرقم الذي ظل صامداً لقرابة ثلاثة عقود خلال فترة المدرب الراحل عبد الحميد كرمالي.

سلسلة اللاهزيمة لكتيبة بلماضي، تذكر بما عاشه ريال مدريد موسم 2016-2017 تحت قيادة زين الدين زيدان، وتحطيم رقم عدد المباريات من دون هزيمة بأربعين مباراة كاملة تحت قيادة المدرب الفرنسي، وما عرفه الفريق ذلك الموسم من روح قتالية وعزيمة كبيرة لأجل كتابة اسم مدربهم بحروف من ذهب، وكذلك يفعل رفاق القائد رياض محرز.

التشابه بين الخضر و"الميرينغي" لا يقتصر على سلسلة المباريات من دون هزيمة، ولا إلى كون المدربين زيدان وبلماضي يتشاركان في كونهما "فرنكوا جزائريين"، وعشقهما لنادي أولمبيك مارسيليا، ولا للصلع المشترك، ولا الرسم التكتيكي المفضل لكليهما 4.3.3، ولا لكونهما ظلا لسنوات على رأس النجوم المفضلين للاعبيهم حالياً، بل الأمر يتعدى ذلك إلى تسلسل مريب للأحداث.

البداية بعهد مشرق صنع على يد مدربين يتشابهان في الكاريزما والشخصية القوية والحضور الإعلامي الطاغي، البرتغالي جوزيه مورينيو كان البناء الذي شيّد أساس الفريق، وعايش معه الفريق سلسلة من النتائج الطيبة، لكن بحروب مع اللاعبين في غرف تغيير الملابس، وخرجات إعلامية مثيرة، نفس الأمر ينطبق على البوسني وحيد حليلوزيتش الذي يتشارك مع "السبيشل وان" في كل ما ذكر سابقاً، يضاف إليه التشابه التكتيكي في الخطة 4.2.3.1.

المرحلة التي تلتها كانت مرحلة كارلو أنشيلوتي الرجل الرصين الهادئ المحب للكرة، قليل الظهور وتقريباً قليل الصراعات مع اللاعبين، ذلك لا يختلف تماماً عن مرحلة الفرنسي كريستيان غوركيف مع المنتخب الجزائري، بل تواصل الشبه إلى حد الرسم التكتيكي 4.4.2، فأصبح البرتغالي كريستيانو رونالدو الجناح الأيسر رأس حربة ثانياً، وكذلك فعل غوركيف مع ياسين براهيمي.

لتأتي مرحلة زين الدين زيدان، الذي ظل لسنوات يعتبره لاعبو الجيل الحالي للملكي الملهم والنجم الأبرز، ما سهل عليه مهمة شحذ همم أشباله، ولم يعان بتاتاً من أي مشكل انضباطي فالجميع يسمع إذا زيدان تكلم، وحتى الجماهير لم تمارس أي ضغط عليه حتى والنتائج متوسطة، بل ظلت تشجعه وهو ما أسفر عن سيطرة أوروبية بثلاثة كؤوس متتالية لم يسبقه لها أي مدرب في العالم.

تشابه الأحداث وترابطها، يجعل "وهم سبق الرؤية" يسيطر على عقلي وعقل كل محب للمنتخب الجزائري، بأن تتكرر الأحداث ويسيطر المنتخب الوطني الجزائري تحت قيادة جمال بلماضي على القارة الأفريقية هو أيضاً، ويخطف الأضواء في المونديال، ويكرر نفس المجد، ونحن على استعداد لأن نستقبل جولين لوبتيغي الذي يأتي بعده.

المساهمون