صناعة اللعب تبدأ من الحارس..أحدث صيحات التكتيك مع شتيغن

صناعة اللعب تبدأ من الحارس..أحدث صيحات التكتيك مع شتيغن

03 سبتمبر 2016
تير شتيغن تألق في أول ظهور رسمي له (Getty)
+ الخط -


وضع تير شتيغن نفسه كأحد أهم صناع فوز برشلونة على بلباو، ضمن قمة الأسبوع الثاني في سان ماميس، بعد أن حقق الحارس الألماني رقماً من الصعب تجاهله في سجل البطولة، وذلك بعد أن قام بلعب 51 تمريرة ناجحة من أصل 62، ليصبح الشغل الشاغل لمختلف المشجعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي على الرغم من قيامه ببعض الهفوات خلال التسعين دقيقة.

زمن تشافي
اشتهر برشلونة خلال السنوات الأخيرة بطريقته المميزة في بناء الهجمة من الخلف، الفكرة التي أحضرها بيب غوارديولا بعد استفادته من طريقة لعب أستاذه، الأرجنتيني ريكاردو لافولبي صاحب فكرة البدء بخمسة لاعبين أمام الحارس، حتى يصعب على الخصم محاصرة حامل الكرة قرب مرماه.

قديما تشافي هيرنانديز كان همزة الوصل في هذه التركيبة، اللاعب الذي يعرف متى وكيف وأين يستلم الكرة تحت ضغط، يحتفظ بها، يدور بحركته الشهيرة، ثم يخلق الفراغ اللازم لتحرك زميله، أو يسحب فقط لاعباً أو اثنين بتحركه، حتى يفتح زاوية التمرير أمام زميل آخر، هي فكرة وصلت إلى قمتها في كلاسيكو ذهاب الليغا 2011، حينما فاز البارسا على مدريد بثلاثة أهداف مقابل هدف في برنابيو.

الظهير الوهمي
بعد رحيل "زرقاء اليمامة" إلى الدوري القطري، أصبحت كل المفاتيح بين أقدام الثنائي سيرجيو بوسكيتس وداني ألفيش، البرازيلي قام بدور قريب من تشافي، حينما ترك مكانه على الطرف، وتحول من الظهير إلى قلب الارتكاز كلاعب وسط إضافي أثناء عملية بناء الهجمة من الخلف.



يلعب لويس إنريكي بأسلوب مباشر أكثر، يراهن بكل قوته على ثلاثي الهجوم، لذلك يقوم لاعبو الوسط بالتغطية خلفهم، أو بالقطع إلى الأمام أثناء الهجمة، مع تحول داني ألفيش إلى قلب منطقة الوسط، لكي يكون لاعب وسط إضافياً في ظل غياب هيرنانديز، وانشغال راكيتيتش بمهام أخرى، كل ذلك في سبيل إعطاء ميسي حرية أكبر بين العمق والطرف، تواجد الأرجنتيني كثيرا خلال موسم الثلاثية على اليمين وليس في قلب الهجوم.

لكن حدثت المفاجأة غير السارة ورحل داني إلى يوفنتوس، ليجد برشلونة نفسه في معضلة حقيقية، بسبب عدم وجود لاعب آخر غير بوسكيتس بالقرب من المرمى أثناء بناء الهجمة، خصوصا مع صعود إنييستا أكثر للأمام للتحرك في وبين الخطوط، وبالتالي كان الحل عن طريق شتيغن، الحارس صاحب الشخصية الفولاذية بعيداً عن أي شيء آخر.

رقم جديد
لمس شتيغن الكرة 77 مرة أمام أتليتك، رقم أعلى من ليونيل ميسي الذي لمسها في 72 مناسبة! كذلك بوسكيتس برقم 67، هذه الأرقام موثقة من حساب أرقام برشلونة الذي نقلها بدوره من الموقع الرسمي. ولم يكتف الحارس بهذا الرقم الصادم، بل إنه قام بعدد تمريرات كبير، إنه صاحب المركز الخامس في هذه الإحصائية خلف كل من بيكيه وبوسكيتس وأومتيتي وروبرتو.

العبرة ليست في عدد التمريرات أو كمها، بل في تأثيرها وقيمتها الحقيقية، لذلك جاءت معظم لمسات شتيغن مختلفة على الصعيد التكتيكي، لأنها ساهمت في ضرب خطوط المنافس، وكسر مصيدة ضغطه، بالإضافة إلى فتح زوايا تمرير أكبر أمام الظهيرين، مما جعل الوصول إلى مرمى الباسك سهلا في أكثر من محاولة.



يلاحظ من الصورة السابقة "مصدرها أوبتا" طريقة تمريرات الحارس، تتنوع ما بين قطرية، طولية، قصيرة، وبين الخطوط.


الهروب من المصيدة
كعادة فالفيردي مدرب بلباو، لعب الباسكيون بطريقة الضغط العالي، يخنق الأسود خصمهم برشلونة في نصف ملعبه، أملا في خطف الكرة، ونجحت هذه الاستراتيجية في تقليل خطورة ميسي إلى حد ما، مع الضغط على بيكيه بالمهاجم أدوريث ومن خلفه إراسو الذي لعب كظل لبوسكيتس، كل هذا في سبيل إجبار الكتلان على لعب الكرة تجاه الطرف، حتى يتمكنوا من قطعها عن طريق الارتداد الخاطف، وكأنها مصيدة صعبة المراس.

رد برشلونة بأكثر من خطوة، البداية كانت مع تحركات راكيتيتش ودينيس إلى الأمام، لفتح المجال أمام استلام كل من روبرتو وألبا، بالإضافة إلى قيام الظهيرين بلعب التمريرات الثنائية "1-2"، أو القيام بالاختراق القطري كما فعل سيرجي في أكثر من لعبة، لكن كل هذا لم يكن يتم بدون حارس شجاع.

يستلم شتيغن الكرات من دون خوف، أحيانا يخطئ ويمرر للخصم، لكن أي فريق كبير يجب أن يتحمل نسبة مخاطرة، لذلك جاءت تمريرات حارسه ذكية ومختلفة، لأنه كسر بها أكثر من خط للمنافس، باستخدام قدميه في ضرب الخطوط. يلعب بلباو بخطة 4-2-3-1، لذلك مع تمريرة طولية دقيقة للحارس، يستطيع برشلونة المرور من خطيَن من دون عناء، هكذا وصل الفريق في أكثر من فرصة كانت الكلمة الأولى فيها للحارس.

النموذج الجديد
أشار أسطورة الكرة العربية محمد أبو تريكة إلى الدور الجديد الذي يلعبه تير شتيغن في تكتيك إنريكي، وذلك عبر تحليله بين شوطي مباراة برشلونة وأتليتك "على فضائية بي إن سبورت"، عندما وضع تركيزاً خاصاً على تمريرات الحارس من الخلف أثناء ضغط الفريق الباسكي، ليساعد بوسكيتس ورفاقه في عملية إخراج الكرات إلى النصف الآخر من الملعب، بعد رحيل تشافي ثم داني ألفيش، الثنائي الكفيل بالمساندة في هذه الأمور.

يتحرك لاعب الارتكاز بوسكيتس كثيرا حول منطقة جزاء برشلونة، يسحب أكثر من لاعب لفتح المجال أمام بيكيه وأومتيتي، بينما يقوم حارس المرمى برمي الكرات بقدميه إلى الزوايا الصعبة على الأطراف وفي العمق، مستخدما أنواع التمريرات القطرية وألعاب الظل، عن طريق رفع الكرة بكل بساطة من فوق المهاجم، لكي يجبره على العودة بظهره طلبا لها.

تخرج الكرة من الدفاع بطريقة صحيحة، لتصل إلى الأسماء الكبيرة في أماكن أفضل، عن طريق مهارة الظهيرين في الاختراق وتحركات لاعبي الوسط من جانب إلى آخر، إنها أداة أثبتت نجاحاً أمام الباسكيين، لكن وضح جليا مدى أهمية إنييستا لطريقة اللعب، لأن وجوده يعطي ميسي أريحية أكبر، ويخفف كثيراً من عبء نقل الهجمة من مناطق الوسط إلى الثلث الأخير.



المساهمون