مورينيو... هل هي نهاية رجل شجاع؟

مورينيو... هل هي نهاية رجل شجاع؟

25 أكتوبر 2016
جوزية مورينيو (Getty)
+ الخط -


نعم يكفيك تاريخ كبير وألقاب كثيرة مع أندية ودوريات مختلفة لتطلق على نفسك لقب "سبيشال ون" بل لتكون فعلاً سبيشال ون. لكن تاريخك وألقابك وإنجازاتك السابقة لا تكفيك أو تبرّر لك فشلك المستمر وعنادك غير المبرّر على القرارات الخاطئة.

لطالما ملأ جوزيه مورينيو الدنيا وشغل الناس، داخل أرضية الميدان وخارجها، داخلها، بنتائجه وأسلوبه وإنجازاته وفكره الخاص الذي طرحه وفرض على الجميع قبوله، وخارجها، بتصريحاته الجريئة وانتقاداته اللاذعة لأي لاعب أو صحفي أو أي شخص يخطر على باله، الأمر الذي جعل منه مدرّباً متميزاً غير تقليدي، وخلق له قاعدة جماهيرية واسعة.

شعبية مورينيو هذه أعطته صلاحيات كبيرة في كل نادٍ درّبه ومع كل إدارة تعامل معها، حين كان مع إنتر، تجرّأ وبكل بساطة أن يتخلّى عن لاعب اسمه ريكاردو كوارزما، أحد أفضل لاعبي كرة القدم في السنوات الأخيرة، كما سمحت له شعبيته وقوّة شخصيته بألا يعجبه لاعب مثل أندريه شفيتشنكو! الذي يعتبر من أبرز وأهم لاعبي كرة القدم في التاريخ وليس فقط في السنوات الأخيرة. وبعد عودته لتدريب تشلسي مرة أخرى، لم يفكّر مرتين قبل أن يقرّر بيع خوان ماتا والذي ليس فقط أحد أفضل لاعبي كرة القدم الآن، بل حينها كان أفضل لاعب في تشلسي في الموسمين السابقين، كل هذا، ولم يجرؤ أحد حتى على مناقشة الأمر مع "مو"... فهو السبيشال ون!

ولم تتوقّف قوّة مورينيو عند هذا الحد، فهو تجرّأ على تحدّي أحد أهم وأبرز نجوم ورموز ريال مدريد في تاريخه، إيكر كاسياس، واللافت، أن من فاز في النهاية كان بكل بساطة: مورينيو!

وعلى الرغم من انقسام الآراء حوله بين فريق يعشقه وآخر لا يطيقه، ومع اختلاف الآراء كثيراً حول أسلوبه وفكره، لكن لا شك في أن مورينيو استحق شهرته وجماهيره وألقابه، واستحق المعاملة الخاصة التي يعامل بها دائماً، فقلّة قليلة جداً من المدرّبين تتمكّن من النجاح في أكثر من دوري ومع أكثر من ناد.

لكن الآن، ومنذ موسمه الأخير مع تشلسي، يبدو أن أموراً عديدة قد تغيّرت، ولم تكن في مباراة أو اثنتين، بل منذ فترة أطول، والأسوأ، أنه لا يبدو لهذا الأمر حلّ قريب وواضح عند جوزيه.

صحيح أنه في الموسم الثاني بعد عودته إلى تشلسي تمكّن من تحقيق لقب الدوري الإنكليزي الممتاز، ما خالف جميع التوقعات وقتها وخذل كل من راهن على فشله بعد العودة، لكن بعدها، مورينيو لم يحقّق شيئاً يذكر باستثناء كأس الاتحاد الإنكليزي أو ما كان يعرف بكأس الدرع الخيرية مع مانشستر يونايتد، فريقه الحالي، هذه الكأس التي لا تعتبر إنجازاً كبيراً.

منذ تراجع مستواه مع تشلسي وخلقه لمشاكل عديدة مع اللاعبين والإدارة ما اضطر الإدارة لإنهاء عقده، حتى وصوله لمانشستر وعدم توفيقه حتى اللحظة، بدأت علامات الاستفهام بالظهور حول مورينيو وعقليته. بداية الأمر اعتقد الجميع أنها قد تكون كبوة، أو أنه يحتاج لبعض الوقت للتأقلم مع اللاعبين الجُدد وأسلوب الفريق الجديد، لكن الآن وبعد تسع جولات في الدوري الإنكليزي ومركز سابع، لا يبدو جمهور مان يونايتد راضياً كثيراً على مورينيو، خاصة مع عناده بالاعتماد على استراتيجية غامضة وغير مفهومة لدى الجميع.

من يشاهد مباريات مانشستر يونايتد الآن وخاصة مباراته الأخيرة أمام تشلسي، لا يفهم ما الذي يفعله مورينيو. أخطاء دفاعية قاتلة وبالجملة، وسط فارغ غير متماسك وغير قادر على إيصال الكرة إلى خط هجومه الذي يضم أحد أخطر المهاجمين فيه.

إصرار مورينيو وعناده على وضع حد لأحد أهم رموز الفريق، واين روني، وعلى عدم الرغبة بلاعب بقيمة باستيان شفانشتايغر الذي وعلى الرغم من تقدّمه في السن إلا أن خط وسط مانشستر يحتاجه كثيراً، وتصميمه على تهميش خوان ماتا "مجدّداً" وهو الذي لا يزال أحد أفضل اللاعبين في مركزه، ربما فقط لأنه قام بالتخلّي عنه حين كان مع تشلسي، أي من مبدأ العناد فقط! وثقته غير المفهومة بلاعب مثل مروان فلايني الذي لا يقدّم شيئاً للفريق بل إن الفريق بدونه أفضل بكثير. وفوق كل هذا، عدم "فقهه" استخدام لاعب مثل بول بوغبا!

قد يكون المبلغ الذي دُفع في بوغبا مبالغاً فيه بعض الشيء، لكنه بالتأكيد ليس "على الفاضي"، فبوغبا من أفضل المواهب التي ظهرت في السنوات الأخيرة على الإطلاق. يبدو مورينيو أغلب الأوقات غير قادر على وضع بوغبا في مكانه السليم، الأمر الذي يؤثر سلبياً على أداء ونفسية اللاعب.

الأمر الوحيد الذي يقف إلى جانب مورينيو الآن هو الوقت، فما زال هناك الكثير منه إذا ما أراد تصحيح أخطائه، أخطاؤه التي يراها الجميع بسرعة أكثر من غيره لأنه هو، جوزيه مورينيو المميّز صاحب الكاريزما الأقوى، وعندما يخطئ الكبار، تكون أخطاؤهم تحت المجهر أكثر من البقية.

هي مسألة وقت، إما أن يتمكّن مورينيو من استعادة لقبه عن جدارة، أو سيكون كل ما تبقّى من السبيشال ون هو تصريحاته وكلامه ومشاكساته التي لم يعد يوجد ما يبرّرها، والتي بها يعني نهاية "مو"... نهاية الرجل الشجاع... نهاية مدرّبٍ شجاع.

لمتابعة الكاتبة
شفاء مراد

المساهمون