(كتاب رونالدو 12) بداية المتاهة الملكية

(كتاب رونالدو 12) بداية المتاهة الملكية

27 يوليو 2016
+ الخط -


"قلت ألف مرة إن حلمي هو اللعب في إسبانيا. في بعض الأحيان لا تتحقق أحلامك ولكن أنا مازلت أحلم. أنا سعيد في مانشستر يونايتد. بالنسبة لمستقبلي؟ لا أحد يعلم ما الذي سيحدث". هذه كانت تصريحات كريستيانو رونالدو التي أكدت الأمور ولكن هل كانت المحادثات الأولى بين ريال مدريد وجورجي مينديش حدثت بالفعل أم أن كريستيانو كان يسعى لبث رسالة؟

رونالدو كان أفضل لاعب في العالم خلال 2008. هذه هي نوعية اللاعبين التي يحبونها في مدريد. كان هناك الكثير من الكلام عن أن يورو 2008 في النمسا وسويسرا ستكون نافذة تسوق مثالية بالنسبة للريال.

في يورو 2008 احتلت البرتغال صدارة مجموعتها بعد الفوز على تركيا والتشيك والخسارة أمام سويسرا وواجهت ألمانيا في الدور التالي حيث تعرضت للخسارة في مباراة لم يظهر فيها رونالدو بالشكل المطلوب أبدا.

يقول ريو فرديناند: "كنت أحيط به وأقول: هيا يا رجل.. لا ترحل، سنصنع تاريخا في هذا النادي. سنكون أفضل فريق لعب يوما ما لمانشستر يونايتد. لم يكن هو وحده؛ كنت أفعل هذا مع مينديش أيضا".

بخلاف مشاعر الدفء التي كانت تحيط بكريستيانو بعدما أثبت نفسه في مانشستر يونايتد فإنه في أبريل 2007 جرى الاتفاق على تمديد عقده حتى 2012 براتب 119 ألف استرليني أسبوعيا، ولكن الكل كان يعرف أنه سيرحل يوما ما.

يقول غاري نيفيل: "كنا نعرف أنه يرغب في الرحيل منذ صيف 2008. كان يناقش هذا الأمر علانية في غرف الملابس. كان يرغب في اللعب في مناخ دافئ وهيبة قميص ريال مدريد كانت بمثابة مغناطيس بالنسبة له".

البداية:
كانت بداية العلاقة الرومانسية بين رونالدو وريال مدريد في 2003 حينما تحدث مينديش مع مسؤولي النادي الملكي عن ذلك الفتى صاحب الـ17 عاما الذي كانت أندية أوروبا تتصارع عليه ولكن الريال حينها لم يكن يأخذ الأمر بجدية.

لم يبدأ الريال في إظهار اهتمام حقيقي برونالدو إلا في صيف 2005، حيث اتصل خوسيه أنخل سانشيز المدير العام للنادي وهو يقود سيارته بجورجي مينديش وقال له: "متى سنجلب كريستيانو للريال"؟ "إنه أمر مستحيل". هذه كانت إجابة الوكيل المنطقية لأن كريستيانو مر عليه عامان فقط في مانشستر يونايتد. "حسنا.. ولكن تذكر علينا أن نجلبه لريال مدريد يوما ما". أنهى سانشيز مكالمته بهذه الجملة ولكنها كانت مجرد البداية.

أصبح اسم كريستيانو دائما يتردد في محادثات سانشيز ومينديش خاصة أن الأول كان يعلم بوجود نوع من العاطفة الموجودة لدى رونالدو ووالدته تجاه ريال مدريد، ولكن ما لم يكن يعرفه هو أن كريستيانو حينما كان عمره 16 عاما قال لزملائه في إحدى المرات وهو يشاهد مباراة لريال مدريد على التلفاز "سألعب لذلك الفريق يوما ما".

حرب من أجل كريستيانو
كان الرئيس في صيف 2005 هو فلورنتينو بيريز، الرجل الأنيق صاحب الألف حُلة ملونة والذي لا تمثل السلطة بالنسبة له أي ثقل بسبب خلفيته السياسية. رحل فلورنتينو فجأة في فبراير 2006 عن منصبه بسبب سوء نتائج الفريق أو أن هذا هو الظن السائد لأنه لم يشرح أبدا أسباب رحيله ولكن ما يعرفه الجميع أنه خطط لعودته بمجرد ترك مقعد الرئاسة.

كان تصرف فلورنتينو المحير أصل أزمة مؤسسية داخل النادي حولت صفقة رونالدو إلى مسلسل سياسي. بعدما رحل الرئيس ترك منصبه بين أيدي فرناندو مارتين ولم يتقبل الجميع القرار حتى ظهر رامون كالديرون، المحامي وأحد الإداريين السابقين لبيريز وأعلن ضرورة عقد انتخابات.

كالديرون رجل كلاسيكي متقدم في العمر ينتمي لعالم آخر غير ذلك الذي يخص بيريز: أسلوب تقليدي دون ألف حُلة فاخرة وأغلب ملابسه مطرزة باليد عند نفس الخياط. هيئته وطريقة حديثه تجعله يبدو كما لو كان شخصا ذهب لنهاية العالم ولكنه تمكن بشكل ما من العودة، كما تمكن بشكل ما من الفوز بالرئاسة.

في يناير/ كانون الثاني 2007، أي بعد ستة شهور من التغيير الرئاسي اجتمع مينديش وخوسيه أنخل سانشيز مجددا ووصلت أنباء جيدة لرامون كالديرون: اللاعب يرغب في الرحيل عن مان يونايتد وأكدت هذا تصريحاته التي قال فيها: "أعرف أن ريال مدريد مهتم ولكن لا يمكنني الحديث بخصوص الأمور. أليكس فيرغسون وكارلوس كيروش منعاني من الحديث عن ريال مدريد".

يخرج فيرغسون من جانبه ليقول: "نحن نبيع اللاعبين الذين نرغب في بيعهم ولا يوجد هناك أي سبيل لرحيل كريستيانو رونالدو". هذه كانت الجولة الأولى ثم جاء موعد الجولة الثانية في مارس/ آذار 2007 ليقول كريستيانو: "الكل يعرف أنني أحب إسبانيا. أنني أحب اللعب هناك يوما ما، ولكن على أي حال أنا سعيد في مانشستر يونايتد. لن أرحل الآن. إذا ما رحلت بعد عامين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة، سأكون سعيدا".

بعدها بعشرة أيام مدد كريستيانو عقده مع مانشستر يونايتد حتى 2012 ووضع النادي شرطا جزائيا في العقد بقيمة 75 مليون يورو مع وجود شرط للسرية يمنع أي أحد من معرفة أن هذه هي القيمة المطلوبة للحصول على خدماته.

"لا أحب الأندية الإنجليزية. أرغب في رؤية ابني يلعب لريال مدريد قبل وفاتي.. في المستقبل". هذه كانت تصريحات دولوريس والدة كريستيانو لصحيفة (أس) الإسبانية في يناير 2008 التي جاءت ضمن حملة استراتيجية وضعها مينديش وتضمنت أيضا تصريحات مشابهة من كالديرون بخصوص التعاقد مع رونالدو.

واصل خوسيه أنخل سانشيز اتصالاته مع مينديش في الوقت الذي ظل كالديرون يتواصل فيه مع ديفيد جيل في مانشستر يونايتد بشكل مباشر. في كل مرة كان يصل رد مهذب لكالديرون ولكن الأمور ساءت وفاض الكيل بجيل الذي أجاب: "لن يباع بأي حال من الأحوال. المال لا يهم".

لم يستسلم ريال مدريد وواصل سياسة الضغط الإعلامي وفي صيف 2008 بعد فوز مانشستر يونايتد على تشيلسي في النهائي وتصريحات رونالدو بخصوص الرحيل، ظن الجميع أن الأمور انتهت بالفعل بل واعتقد كريستيانو أن هذه ستصبح انطلاقته لاكتساح العالم مع النادي الملكي.

رفع فيرغسون من حدة الحديث بعد نهائي دوري الأبطال بيومين حينما قال: "كالديرون يتحدث وبرند شوستر يتحدث وهم يستخدمون جريدة (ماركا) كوسيلتهم المفضلة لزعزعة علاقة اللاعبين بأنديتهم. رونالدو لديه أربعة أعوام أخر في عقده وكالديرون يقول بأن العبودية انتهت منذ سنوات طويلة.. هل أخبروا فرانكو بهذا"؟

تمكن فيرغسون من استغلال نقطة أخرى: قيمة الشرط الجزائي وهي 75 مليون يورو تم تسريبها للصحافة. (ماركا) و(آس) نشروا أن تكلفة رونالدو هي 75 مليون يورو. هذا خرق لبنود السرية. هذا العقد سيلغى وسيتم تحرير أخر وفقا لشروط جديدة.

بعدها بأيام قليلة وعقب انطلاق منافسات اليورو قام مانشستر يونايتد بخطوة أخرى: تقديم شكوى ضد ريال مدريد أمام (فيفا). الأمور كانت اقتربت من حد الغليان. قرر فيرغسون السفر للبرتغال لإنهاء الأمر باجتماع في منزل كارلوس كيروش في حضور رونالدو ومينديش.

كان من الواضح أن استراتيجية الضغط الخاصة برونالدو ومينديش والعناد العسكري الذي استخدمه فيرغسون كلها أمور سببت في الإضرار بالعلاقة بينهما، ولكن الأسكتلندي كان عنيدا للغاية: لم يكن ليسمح بأن تنتصر عليه حملة إعلامية. الأمر لم يكن يتعلق بالصفقة بل بهيبة النادي على الصعيد العالمي.

امتلك فيرغسون خطة ميكيافيلية خلال الأسابيع التي سبقت الاجتماع. إذا لم ينجح في اقناع كريستيانو بالبقاء فإنه سيتصل ببرشلونة ليصبح هذا النادي هو وجهة كريستيانو التالية. أي شيء إلا ريال مدريد.

كان كريستيانو يعرف تماما أين يرغب في الذهاب ووسط هذه العاصفة أنصت فيرغسون لرغبة اللاعب. كان عازما على الرحيل نحو ريال مدريد، لذا توصل لاتفاق فرسان مع اللاعب ووكيله وهكذا كان نص ما قاله في بداية الأمر وفقا لكتاب سيرته الذاتية:

"لا يمكنك الذهاب هذا العام، ليس بعدما فعله كالديرون. أعرف أنك ترغب في الرحيل لريال مدريد. ولكن أفضل أن أطلق عليك النار بدلا من بيعك لذلك الشخص الآن. إذا ما فعلت هذا فإن كل شرفي سيضيع هباء".

كان يجب على كريستيانو البقاء لمدة 12 شهراً واللعب بمهنية واحترافية، إذا ما أعاد ريال مدريد الكرة وجلب مبلغا قياسيا من أجل الحصول على خدماته، فلا مانع من ذهابه في هذه الحالة. لم يجد رونالدو مفرا من قبول الأمر.

المساهمون