معاناة ابتهاج محمد... قصة البطلة الأولمبية المحجبة

معاناة ابتهاج محمد... قصة البطلة الأولمبية المحجبة

05 اغسطس 2018
ابتهاج محمد عانت من مضايقات كثيرة (Getty)
+ الخط -



دخلت ابتهاج محمد التاريخ من أوسع أبوابه في أولمبياد 2016، بعدما أصبحت أول أميركية تتنافس في الحجاب وأول امرأة مسلمة أميركية تفوز بميدالية، بعد أن نجحت في التتويج ببرونزية جنباً إلى جنب مع زميلاتها في منافسات مبارزة سلاح الشيش في أولمبياد ريو دي جانيرو.

إبداع ابتهاج ولد من رحم معاناة واجهت فيها حرباً نفسية جراء التمييز الذي زاد بشكل كبير في الرياضة الذي تمارسها، والذي يسيطر عليه الأميركيون من ذوي البشرة البيضاء.

تقول ابتهاج في حوار مع صحيفة "ذا غارديان" إن دخولها رياضة المبارزة جعلها تسلط الضوء على ثقافة سلبية، يبدو أنها كانت مزمنة في صفوف المنتخب الأميركي، جراء السلوك الغريب من زملائها في الفريق، ما أدى إلى تسلل شعور بأنها "منبوذة" خلال الفترة التي سبقت ألعاب ريو دي جانيرو بفترة.

ابتهاج واجهت سنوات من السلوك الغريب، إذ وصل الأمر بعدم دعوة زملائها لها على العشاء كسائر أفراد المنتخب الأميركي، وتعمّد مدرب الفريق إد كورفانتي في أوقاتٍ أخرى وصفها بـ"الكسولة"، واتهمها بتراجع المستوى خلال شهر رمضان المبارك بسبب الصيام.

ورغم ما تعرضت له من مضايقات بشأن الحجاب، واصلت ابتهاج مسيرتها بخطى ثابتة، وتروي تجربتها فتقول في حوارها مع "ذا غارديان": "ما زلت أذكر عندما تلقّيت أمر استدعائي لتمثيل المنتخب الأميركي للمرة الأولى، في تلك الليلة لم أنم من شدة الفرح، لكن عندما ذهبت إلى المعسكر، فوجئت أن هناك من يطلب مني خلع الحجاب حتى أتمكن من المشاركة مع المنتخب، في وقتها جاء الرد الحاسم والقاطع الذي لا يقبل المناقشة، لن أتخلى عن حجابي فهو هويتي وفخري واعتزازي، إذا أردتم مشاركتي على هذا النحو فأهلاً ومرحباً بكم، وإذا لم تقبلوا فلن ألعب لمصلحة المنتخب الأميركي، وهذا ردي النهائي، ولن أتنازل عنه، ولو كلفني الأمر الاعتذار عن تمثيل المنتخب، عن الشرف الذي أستحقه، وحاولت كثيراً أن أصل إليه".


ولم يكن هذا الموقف الوحيد الذي أثبت فيه ابتهاج مدى تمسكها بحجابها، إذ منعت من المشاركة في مهرجان "ساوث باي ساوث ويست" للفنون الذي يقام سنويًا في مدينة أوستن بولاية تكساس، وقد تم تعليل المنع بأنها إذا أرادت الحصول على وثائق التعريف بهويتها عليها أن تخلع حجابها، وفي النهاية، حصلت على شارة التعريف بصورة تظهر فيها محجبة فيما اعتذر منظمو المهرجان عن الحادث.

ولعلّ أبرز ما يستوقفنا هنا، التناقض بين ما تتعرض له اللاعبة، مع شعار هيئة إدارة الرياضة في الولايات المتحدة المثبت على موقعها الإلكتروني، إذ تؤكد ما تعتبره قيمًا أساسية في الرياضة مثل الاحترام والعمل الجماعي والإندماج والشغف. 


وتقول ابتهاج لـ"ذا غارديان" رغم أن المبارزة رياضة فردية عالية التنافس، إذ يدخل العديد من الرياضيين منافسة على ثلاثة مراكز فقط في الفريق الأولمبي، لكن البيئة العدائية داخل فريق السيف الأميركي كانت مرتفعة.

ابتهاج أعربت عن قلقها إزاء رياضة المبارزة في الولايات المتحدة الأميركية، بعد تجربتها مع الفريق الذي جعلها تشعر باليأس والقلق من المستقبل الذي ينتظرها في أميركا، بسبب تعامل طاقم الفريق ومدربها معها بشكل سيئ.

ورغم إبلاغ اللاعبة التي اشتهرت بارتداء الحجاب في منافسات رياضتها، بأنها تلقت تهديدات بالقتل بعد فوزها في الأولمبياد، ولكن لم يؤخذ الأمر على محمل الجد، ولذلك فهي تشعر بعدم الأمان خلال تواجدها بأميركا، فهي تعتبر المناخ الحالي بالولايات المتحدة، يُصعّب على المسلمين وأصحاب البشرة السمراء التعامل في مجتمعهم الذي يعيشون فيه منذ فترة ليست بالقصيرة.



ويبدو أن الأمر كان أسهل بكثير بالنسبة لها ولزملائها لو تمكنّ من التعايش، ليس كزملاء في الفريق فحسب، بل كأصدقاء، هذا ما عبرت عنه ابتهاج، مضيفةً: "في نهاية المطاف، هذه وظيفة، وتخيل أنك تذهب للعمل وأنت غير سعيد، سيكون هناك شعور دائم بأنك في المكان غير المناسب".

وولدت ابتهاج في نيوجيرسي، وترعرعت في مابلوود، إحدى ضواحي الولاية، وتدربت في مؤسسة "بيتر ويستبروك"، وهو نادي مبارزة في مدينة نيويورك، يعمل كمنظمة غير ربحية، تحرص على تعليم رياضة المبارزة لشباب المدينة المحرومين في نيويورك. وساهمت هذه المنظمة في الفوز بالميدالية البرونزية بالسيف الفردي بدورة الألعاب الأولمبية "لوس أنجليس 1984"، حسب ما أكدته ابتهاج، إضافة إلى دورها المهم في تزويد الرياضيين من الأقليات بفرصة للتدريب مع الآخرين.

وأضافت لصحيفة "ذا غادريان": "لقد غيرت المؤسسة الرياضة النظرة بما تسمح للأطفال من البشرة السمراء أن يشاهدوا أنفسهم بطريقة إاتيادية، فهناك قابلت رياضيين حصلوا على ميداليات أولمبية، وكانوا أبطال العالم، ومثلوا البلاد في العديد من المنافسات".

وفي الولايات المتحدة، يبدو أن "العنصرية أمرٌ ليس مخجلاً! فالصحيفة اليومية البريطانية، حاولت الحصول على توضيح من اتحاد المبارزة الأميركي، لبيان مدى صحة ما طرحته ابتهاج في حوارها، لكن المفاجأة جاءت بعدم الرد.

وحصدت ابتهاج إضافة لميدالية الأولمبياد البرونزية، الميدالية الفضية في كأس العالم عام 2013، إضافة إلى سبع ميداليات في المبارزات الجماعية في بطولات العالم.

ونجحت بالإضافة لنشاطها في المجال الرياضي في رياضة المبارزة، بتأسيس متجرها الإلكتروني Luella لأزياء المحجبات في عام 2014، وفي نهاية المطاف أصبحت تصمم منتوجاتها الخاصة بشكل مستقل بالتعاون مع أختها، وهي تعتزم أن تعطي عملها التجاري وقتها الكلي عندما تنهي مسيرتها الرياضية. 



المساهمون