فكرة كرويف.. اللعبة التي هزمت أصحابها في الأنويتا

فكرة كرويف.. اللعبة التي هزمت أصحابها في الأنويتا

29 نوفمبر 2016
برشلونة نجا من الخسارة في ملعب أنويتا (العربي الجديد/Getty)
+ الخط -
"شعرت بحزن عميق، الأمر لم يكن يتعلق أبدا بضرورة اختياري، لكن على الأقل كان يجب عليهم وضعي ضمن قائمة المرشحين لتولي هذا المنصب"، لم يستطع أوزيبيو ساكريستان إخفاء مشاعره أو التحدث بدبلوماسية خلال حديثه مع الإعلام، وذلك بعد تنحي تيتو فيلانوفا خلال صيف 2013 بسبب مرضه، وإعلان النادي الكتالوني رسميا تولي تاتا مارتينو المهمة، الأرجنتيني القادم من روزرايو هو مفاجأة روسيل التي لم تكتمل في ما بعد.


ابن كرويف
لعب أوزيبيو مع برشلونة سنوات طويلة، كان أحد الأسماء التي أحضرها يوهان كرويف من أجل مشروعه الجديد، إنها بدايات طفرة كروية قلبت أوروبا في أواخر الثمانينات ومطلع التسعينات، ليتحول النادي الكتالوني في ما بعد إلى أيقونة الكرة الجميلة بالقارة العجوز، وأحد الأندية الكبار التي تشارك باستمرار في النهائيات.


شارك اللاعب الذي تألق مع بلد الوليد كلاعب وسط في فريق الأحلام البرشلوني، لكنه لم يحظ بشهرة جماهيرية كبيرة مثل غيره، ربما السبب ضعف مهارته مقارنة بأقرانه كلاودوب وستويشكوف والبقية، أو لعدم تمتعه بذكاء تكتيكي حاد مثل غوارديولا وكومان وآخرين، لذلك ارتدى قمصان البلاوغرانا لمدة 7 سنوات مع رضاه بدور الجندي المجهول لهذا الجيل.


ومثل فترة لعبه، مارس ساكريستان التدريب بنفس الهوية، ليعمل مساعداً في طاقم ريكارد ثم مديراً فنياً لفترة قصيرة مع سيلتا فيغو، قبل أن يعود إلى برشلونة بمنصب مدير فني للفريق الرديف في الفترة ما بين 2011 وحتى 2015، لكنه قدم مستويات كارثية لدرجة هبوط الفريق إلى الدرجات الأدنى، حتى اضطرت الإدارة لإقالته بعد الهزيمة الكارثية أمام سرقسطة بالأربعة، وانعدام الاتصال تقريباً بينه وبين مدربي الفريق الأول بداية من مارتينو وحتى الوصول إلى لويس إنريكي.


تحدي سوسيداد
خرجت تقارير صحافية أفردتها صحيفة "سبورت" بعد إقالته، تؤكد بأن خروج أوزيبيو عبر وسائل الإعلام لانتقاد الإدارة علانية، بعد عدم وضعه ضمن قائمة المرشحين لإدارة الفريق الأول، هو التصرف الذي عجل برحيله على وجه السرعة، لكنه كان محظوظاً بحصوله على وظيفة الرجل الأول في ريال سوسيداد، لينجح في تعديل طريقة لعب الفريق، ويصبغها سريعاً بما تعلمه تحت قيادة كرويف، بالتحول إلى 4-3-3 على الطريقة الهولندية، وتحسين أداء المجموعة بلمحة جمالية تضاف إلى ممثل الباسك الثاني بعد بلباو.


يتحدث يوهان عن رسم الجوهرة في فيديو قديم، ويؤكد بأنه لعب كثيرا بخطة قريبة من 4-4-2 "دياموند" وليس فقط 4-3-3 أو 3-4-3، إنها الطريقة الأقرب إلى 4-1-2-1-2 أي رباعي بالوسط على شكل جوهرة، ثم ثنائي بالهجوم فرباعي بالدفاع. يدور كل شيء حول الحركة، اللامركزية التي تغطي أكبر قدر ممكن من المساحات بالكرة ومن دونها.


يقول كرويف إنه يلعب أيضا بالدياموند لكن بشكل مختلف، عندما تضم مهاجما متحركا فإنه من الممكن أن يعود إلى الوسط الهجومي ليصبح شكل الملعب أقرب إلى الرباعي، عن طريق ارتكاز دفاعي ثم ثنائي وسط ومهاجم متأخر، مع ثنائي هجومي على الأطراف، وبتطبيق ذلك في بطولة الليغا هذا الموسم، سنجد أن سوسيداد أقرب إلى فكر كرويف من برشلونة الحالي.


لعنة الأنويتا
لم يفز برشلونة في ملعب أنويتا، معقل سوسيداد، منذ عام 2007، لدرجة تحول المباراة إلى شيء قريب من اللعنة في منظور الصحف الإسبانية، ولكن تفوق ريال هذه المرة لم يكن نفسيا فحسب، بل اكتسح هذا الفريق منافسه في كافة تفاصيل المواجهة، لدرجة إضاعة حامل اللقب لبعض الوقت حتى يخرج متعادلا مع صافرة الحكم.


بكل تأكيد هذا الأمر يُحسب ضد لويس إنريكي ويصب لصالح أوزيبيو، المدرب الذي حافظ على طريقة لعب سوسيداد، بالإغلاق الدفاعي والاعتماد على لعبة التحولات، لكن مع إضافة جزء خاص بالتمريرات القصيرة واللعب في أضيق الأماكن، مع الضغط العالي والبناء المنظم من الخلف، ليحصل على نسخة أفضل تجيد التكيف مع أي منافس، سواء باللجوء إلى الدفاع أو بالرغبة في المبادرة والهجوم، كما حدث أمام بارسا، ذاكر أوزيبيو فريقه القديم جيداً، أدرك مبكراً أن الهجوم لا يعود أبدا للمساندة الدفاعية، مع وجود مساحات بين بوسكيتس وثنائي الوسط المتقدم، لذلك استخدم استراتيجية "رقابة الرجل لرجل" أثناء الضغط أمام تير شتيغن، ليظهر الحارس الألماني وحيداً دون وجود أي خيار مثالي للتمرير مع البناء من الخلف.




إعصار هجومي
تفوّق سوسيداد في كل شيء، على مستوى صناعة اللعب والفرص والاستحواذ، وسدد لاعبوه 18 كرة على مرمى شتيغن مقابل 10 فقط لبرشلونة، عن طريق استخدام أوزيبيو لمهاجميه بطريقة مثالية، عن طريق ثنائية فيلا ولاعب آخر أمام قلبي دفاع الكتلان، مع عودة اللاعب الهجومي الثالث إلى الوسط لمراقبة بوسكيتس، في الغالب يكون أوريازابال أو ويليام خوسي، المهاجم الذي يتحرك كثيراً بعيداً عن منطقة الجزاء، لقلب الخطة إلى 4-4-2 والحصول على تفوق عددي في المنتصف.


يترك أوزيبيو الطرف مفتوحاً أمام حامل الكرة، حتى يجبره على التمرير باتجاه الخط الجانبي، وبمجرد وصول الكرة إلى ألبا أو روبرتو، ينقض سريعاً لاعب وسط سوسيداد المائل ليقطع الكرة من الظهير وينفذ المرتدة القاتلة، كل ذلك يتم بحماية أياراميندي في قلب الارتكاز الدفاعي، ليعطي الثنائي الآخر أمامه قيمة أكبر على مستوى الإضافة الهجومية.


الحصول على نقطة أمام برشلونة دائما ما يعتبر أمرا جيدا، لأنه فريق كبير ويمكنه تحقيق الفوز في أي وقت، "لكننا كنا أحق بالفوز"، هكذا كانت تصريحات مدرب ممثل الباسك، الذي جمع بين الضغط القوي واللعب المنظم في كافة خطوط الملعب، لقد كانت مباراة من جانب واحد.


دلالات

المساهمون