افتتاحية التكتيك في "البريمييرليغ"...غوارديولا يقص الشريط بخطة 2-3-4-1

افتتاحية التكتيك في "البريمييرليغ"...غوارديولا يقص الشريط بخطة 2-3-4-1

15 اغسطس 2016
غوارديولا والفلسفة الكروية (العربي الجديد)
+ الخط -
في إحدى المباريات، تحركت بشكل فردي دون الالتزام بتعليمات الخطة إلى الجانب الآخر، حصلت على الكرة وسجلت هدفاً، لكنني فوجئت بين الشوطين بغوارديولا يستبدلني، لماذا؟ لأنني ذهبت إلى ذلك المكان دون تخطيط مسبق"، يتحدث تييري هنري في حوار سابق عن مدربه في برشلونة، ويصف بإعجاب شديد فلسفته الهجومية في اللعب، التي تعتمد بشكل رئيسي على التمركز المثالي في كل أرجاء الملعب، فيما يعرف باللعب الموضعي.

التموضع في الكرة
يركز بيب في أسلوبه على 3 معطيات، اللعب، الاستحواذ، والتمركز، ويؤكد للصحافي المقرب منه مارتي بيرارنو أن كلمة "التيكي تاكا" إعلامية بحتة، لأن الفكرة ليست أبداً في التمرير، بل في كيفية خلق الفراغ اللازم للوصول إلى المرمى، بالتالي تحاول فرق الفيلسوف تحريك الخصم عن طريق تبادل الكرات، حتى وإذا لم يركض لاعبوك لمسافات طويلة خلال المباراة.

اللعب الموضعي أو الـ Juego de Posición في قاموس المدرب، فلسفة البحث الدائم عن التفوق، ومحاولة الحصول على كثافة عددية في مرحلة ما من الملعب، 1 ضد 1، 2 ضد 1، 3 ضد 2، وهكذا، من خلال دعوة الخصم للضغط بكثرة التمريرات من جانب إلى آخر، حتى ينتقل تركيزه إلى منطقة معينة من الهجمة، ومن ثم يبدأ الضرب من حيث لا يتوقع.


توم باين، أحد المحللين المختصين في النواحي التكتيكية، ربط بين التدريبات الأولى لبيب مع سيتي وبعض اللعبات التي يقوم بها الفريق في المباريات، من خلال تركيز الهجمة على جانب معين، لعب عدة تمريرات عرضية وخلفية وأمامية، ومن ثم قلب الملعب تماماً بلعبة قطرية إلى الجهة الأخرى، هنا حدث التفوق المنشود، وأصبحت هناك زيادة عددية يطمح من خلالها المدرب في الوصول إلى مبتغاه.

"كل لاعب يمرر إلى زميله في منطقة تبدو مغلقة وعديمة الفائدة، من أجل أن يكون أحدهم قادراً على لعب تمريرة لزميلهم الحر بعيداً عن الرقابة".



المرحلة الأولى
بدأ مان سيتي أولى مبارياته أمام سندرلاند في البريمييرليغ، وفاز الفريق بهدفين مقابل هدف واحد، مع أداء عادي ونتيجة متقاربة إلى حد كبير، ومع التأكيد على صعوبة الدوري الإنكليزي، وحاجة الطاقم التقني الجديد إلى فترة طويلة من أجل التكيف مع لاعبيه، ومحاولة إيصال أفكاره بوضوح إلى الجميع، فإن خطة السيتي أمام كتيبة مويس كانت محل دهشة أغلب المتابعين.

 

خطة 4-1-4-1 على الورق، تتحول إلى 2-3-4-1 أثناء الهجوم، بوضع ستونز وكولاروف أمام المرمى، رفقة ثلاثي متقدم قليلاً، فرناندينيو لاعب ارتكاز دفاعي وحيد بين كليشي وسانيا، ثنائي الأظهرة الذي يدخل إلى العمق ويتحول إلى منطقة الارتكاز، من أجل صناعة مثلث تمريري في كل جانب من الملعب، ألدينيو، ستونو وبكاري يميناً، مع نفس لاعب الارتكاز، كولاروف، كليشي يسارا.

رباعي آخر أمام هذا الخماسي، سيلفا ودي بروين في وبين الخطوط، مع ستيرلينغ ونوليتو على الخط تقريباً، كل هذا يعمل بالتعاون مع المهاجم الوحيد، كون أغويرو في قلب وحول منطقة الجزاء.

تواجد كليشي وسانيا باستمرار في قلب المنتصف، ويركض ستيرلينغ ونوليتو تجاه الأجنحة، حتى يصعد المدافع بالكرة مع خيارات عديدة للتمرير، إما العمق أو الأطراف، أو حتى خيار الصعود مباشرة للأمام.

 ​


لا يعتمد السيتي في لعبه على طريقة الصعود بالكرة من الخلف، لكن يعمل غوارديولا من أجل توفير أكبر مرونة ممكنة في الهجوم، عن طريق تحركات سيلفا ودي بروين، ثنائي يلعب كنصف صانع لعب ونصف لاعب جناح بالتبادل مع لاعبي الأطراف، ليكتمل المثلث رفقة المهاجم الأرجنتيني. 

 خط سير العملية
"أهم شيء بالنسبة لي هو خط سير العملية، ما فعلته حتى تفوز، لا بماذا فزت، لذلك أركز دائماً على كافة التفاصيل وكلمة خاسر بالنسبة لي تختلف عن غيري"، هكذا صرح بيب بعد مباراة بايرن ويوفنتوس في دوري أبطال الموسم الماضي، مؤكداً أن اليوفي خرج، لكنه ليس فريقاً خاسراً، وحتى إن خرج البايرن وقتها لن يكون نموذجاً سيئاً، لأن الفريق لعب وفق خطة معينة، وحاول الوصول إلى النتائج المتاحة.

لذلك ليس من المنطقي الحكم على تجربة السيتي من المباراة الأولى، لأن المشروع سيحتاج إلى وقت طويل، والمدراء في ملعب الاتحاد يدركون ذلك جيداً. أسلوب لعب غوارديولا نفسه صعب ومعقد، يحتاج إلى تدريبات متواصلة وعمل مستمر، بكل تأكيد كليشي وسانيا أقل بمراحل من لام، ألابا، داني ألفيش، حتى أغويرو لم يعد مثل السابق، وسيلفا إصاباته بالجملة، ولا يوجد لاعب ارتكاز دفاعي صريح، بالتالي عملية إيصال المعلومة الكروية ستطول.

بوجود مجموعة قوية أو ضعيفة من اللاعبين، يحاول الطاقم التقني إيجاد توليفة معينة، كما شرحنا تحركات اللاعبين وتمركزهم في السابق، لكن الموضوع يحتاج إلى صبر وهدوء، لأن جودة اللاعبين أقل من أفكار بيب، وتتطلب تحسيناً حقيقياً، إما عن طريق بعض التعاقدات أو تطوير قدرات اللاعبين المتاحين، مع الاستفادة من المواهب الصغيرة في أكاديمية الشبان.

فريق السيتي حالياً ليس ضمن الأفضل في أوروبا، هو خصم لم يسدد على الريال في 180 دقيقة كرة واحدة قوية، وأيضاً خسر الدوري بكل سهولة أمام ليستر وأرسنال وتوتنهام، حتى أنه وصل إلى دوري الأبطال بشق الأنفس بعد منافسة ضارية مع يونايتد فان جال، لذلك فإن النجاح مؤجل حتى ضبط بوصلة المجموعة خططياً ونفسياً وجماعياً.

يمكن تلخيص كل شيء في كلمات أسطورة ليفربول جيمي كاراغر، "يرى المسؤولون في مان سيتي بيب وكأنه يوهان كرويف، ينظرون إلى المشروع ككل وليس البطولات فقط، لذلك الأمر يحتاج إلى مزيد من العمل والانتظار"، لذلك لن يحقق غوارديولا لقب الدوري على الأغلب هذا الموسم، لكنه سيخوض تجربة ممتعة من أجل نتائج مبهرة في القادم.

المساهمون