تغطية تظاهرات "#لا_للعهدة_الخامسة"... صحافيو الجزائر يحاكمون أنفسهم

تغطية تظاهرات "#لا_للعهدة_الخامسة"... صحافيو الجزائر يحاكمون أنفسهم

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
25 فبراير 2019
+ الخط -
أفرزت تداعيات الحراك الاجتماعي والمظاهرات السلمية التي شارك فيها الآلاف من الجزائريين في العاصمة ومختلف المدن الجزائرية، يوم الجمعة الماضي، جدلاً إعلامياً لافتاً داخل الجسم الصحافي في البلاد، على خلفية تجاهل القنوات الحكومية والمستقلة للتظاهرات، ثم تغطيتها بشكل متأخر، وتحويل المطالب المركزية للمظاهرات برفض ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، إلى مطالب بإصلاحات سياسية.

وأعلنت رئيسة التحرير في القناة الإذاعية الثالثة الحكومية في الجزائر، مريم عبدو، استقالتها من منصبها، على خلفية رفض الإذاعة تقديم خدمة عمومية تخص تغطية مسيرات الجمعة. ونشرت مريم عبدو على صفحتها على "فيسبوك" قرار الاستقالة، قائلةً "لقد نشر زميلي كمال منصاري هذا اليوم: (عندما نقول صحافي أو مسؤول في هيئة تحرير، فإن المبدأ الأساسي هو إعطاء المعلومات، في وقتها وبموضوعية، وعندما لا نستطيع ذلك بقصارى جهدنا، فعلى الأقل لا نتجاهل، وبالتأكيد لا نتجاهل حدثًا واضحًا وصارخاً كمسيرات 22 فبراير).... ومن أجل هذا قررت أنا مريم عبدو، تقديم استقالتي من منصبي كرئيسة تحرير في إدارة القناة (الإذاعية) الثالثة، وأن أكرس نفسي فقط لبرنامجي (التاريخ يسير)، وأرفض بشكل قاطع إقرار السلوك الذي يخلّ بالقواعد الأساسية لمهنتنا النبيلة".

ونقل صحافيون يعملون في قنوات ووسائل إعلام مستقلة وحكومية بالغ استيائهم من منعهم من تغطية المظاهرات وتحويل مطالبها بشكل مضلل. وقالت الصحافية في قناة "نوميديا" الخاصة، آسيا سلابي، إنه من "المفروض إعلان يوم 22 فيفري يوم حداد وطني على الصحافة والإعلام في الجزائر، عظم الله أجرنا". وأضافت أنّ "التعددية الإعلامية في الجزائر... على
شاكلة التعددية الحزبية، لنمثل معاً في مسرح النظام".
وعبّر مقدم الأخبار في قناة "الشروق نيوز" مهدي مخلوفي عن استيائه من السقطة المهنية التي وقعت فيها القنوات. وقال إنّه يشعر بالخجل، وكتب "درسونا في الجامعة أنّ (الخبر مقدّس والتعليق حر) مفاهيم كثيرة تعلمتها ولا أستطيع تطبيقها، لأول مرة أشعر بالخجل من كوني صحافياً".

وعلّق أحمد حفصي، مقدم البرامج السياسية في قناة "النهار" التي أعلن مديرها العام محمد مقدم مسبقاً التزام القناة بموالاة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بأنّه "لا يجب الحكم بالإعدام على الصحافيين في الجزائر". وكتب على صفحته على "فيسبوك": "أتفهم وأحترم موقف الشعب الجزائري الناقم على أداء وسائل الإعلام الخاصة في تغطيتها للمظاهرات الشعبية الرافضة لولاية رئاسية جديدة لبوتفليقة"، منتقداً في الوقت نفسه المحاكمات الذاتية بين الصحافيين بشأن ذلك "الشيء الغريب هو حجم نفاق بعض الزملاء الصحافيين الذين دخلوا في رحلة البحث عن البطولات فيسبوكياً في الوقت بدل الضائع. من لا يستطيع تحرير خبر أو صياغة تقرير في مؤسسته الإعلامية تحت مبرر الخط الافتتاحي عليه الاستقالة بدل ذبح زملائه في فيسبوك تحت مسميات عدة".
وأظهر صحافيون موقفاً غاضباً من مدراء ومالكي القنوات المستقلة بسبب رفضهم السماح بتغطية المظاهرات بمهنية. وكتب الإعلامي ومقدم برنامج سياسي في قناة "الشروق نيوز"، قادة بن عمار، "نحن لم ندرس الصحافة للتعتيم على الناس، ما حدث اليوم ليس جريمة في حق المهنية، لكنه جريمة في حق الوطن".

وتمرد بعض الصحافيين على مقررات نشرات الأخبار وخرجوا على النص المقرر للنشرة. وقال الصحافي ومقدم نشرة الأخبار في قناة "الشروق" محمد الفاتح خوخي الذي كان قد شارك وقاد إحدى المسيرات المناوئة لترشح بوتفليقة: "بالأمس فقط نمت وضميري مرتاح أمام الله والوطن والسادة المشاهدين، لم أقرأ النشرة من الأوتوكيو (الجهاز) كالعادة لكن قرأتها من
وجوه المتظاهرين وأصواتهم التي كانت تصدح، لا أدري ما سيحصل لكن الذي أدركه جيداً أنه مهما كانت العواقب أنا راض عن نفسي".
وانتقد الصحافي ومقدم برنامج في الإذاعة الحكومية مروان لوناس، محاولة القنوات الجزائرية تضليل وتحويل المطلب المركزي واتهمها بالكذب قائلاً "كذب، المظاهرات لم تطالب بالإصلاحات بل بإلغاء العهدة الخامسة، الإعلام الجزائري يكذب".
وأقرت مقدمة برنامج "نقاط على الحروق" في قناة "الشروق نيوز"، ليلى بوزيدي، بأن "تجاهل مسيرات اليوم من طرف القنوات المحلية خاصة وعامة خطأ فادح، سيناريو العشرية السوداء يعيد نفسه.. قنوات أجنبية ساهمت في نشر الفتنة وزعزعة استقرار الجزائر حينها.. وجدت اليوم الساحة فارغة لتعالج الحراك الشعبي بطريقتها الخاصة، التعتيم ليس حلاً".

أما الكاتب الصحافي عبد العزيز بوباكير فقال إنّه "حزين لما آلت إليه الصحافة اليوم"، لكنه استعاد في السياق لحظة مماثلة تعود إلى أحداث أكتوبر/تشرين الأول 1988، أخطأت فيها المؤسسة الصحافية بفعل ضغوط السلطة بتجاهل أحداث، وكتب: "في 10 أكتوبر 1988 بادر الصحافيون بإعلان موقف شجاع وصريح وقالوا إن الأمور من الآن فصاعدًا لا يمكن أن تسير كما في السابق. واليوم، وبعد المسيرات المناهضة للغدرة (يقصد الولاية) الخامسة وموقف إعلام العار منها، على الصحافيين أن يقفوا وقفة تأمل في متاعب مهنتهم وأخلاقياتها وهيمنة أخطبوط المال والسياسة عليها".
وعلّقت الإعلامية حسينة بوالشيخ على السقوط المهني للقنوات، واعتبرت أنّ همها الوحيد الإشهار (الإعلانات) وليس الحرفية والمهنية "عندما تتابع الآن كل قنواتنا التلفزيونية الخاصة وتجدها مغردة خارج السرب، بين متجاهل تماما لما يحدث، ومُتتبع لاهث وراء خرجات سلال وباقي الوزراء فقط.. تتأكد أنّ البلد ليس بخير، كل مكتسباتنا الديمقراطية المكرّسة في الدستور، أضحت مجرد شعارات لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به، الديمقراطية العرجاء".
وقدم عدد من الصحافيين في القنوات والمؤسسات الإعلامية الاعتذار للجمهور على صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي، وكتب بعضهم "ما ذنب المسمار يا خشبة".

ذات صلة

الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.
الصورة
كيف غيّر القائمون على فيلم "باربي" قواعد التسويق بتكلفة 150 مليون؟

منوعات

قرّرت وزارة الثقافة الجزائرية سحب ترخيص عرض فيلم "باربي" من صالات السينما في البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية. 
الصورة
عشرات الحرائق المستعرة في شرق الجزائر (فضيل عبد الرحيم/ الأناضول)

مجتمع

تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي لعشرات الحرائق المستعرة، في حين يتواصل النقاش حول غياب خطط استباقية للوقاية، وقدرات السيطرة المبكرة على الحرائق، خاصة أنها تتكرر منذ عام 2018.
الصورة
استشهد عسكريون خلال مهمات إخماد حرائق الجزائر (العربي الجديد)

مجتمع

أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية أنّ 34 شخصاً لقيوا مصرعهم في حرائق ضخمة نشبت في غابات بمناطق متفرقة شرقي الجزائر، من بينهم 10 عسكريين، فيما أُجليت مئات العائلات من مجمعات سكنية وصلت إليها النيران.

المساهمون