إعلام النظام السوري: بلا أبجد هوز

إعلام النظام السوري: بلا أبجد هوز

11 يناير 2019
تعجز القنوات السورية عن تغطية الأحداث الرياضية(عبدالمنعم عيسى/فرانس برس)
+ الخط -
أن تتأخر في إدراج التقنية العالية HD إلى نظام بثّ قناة تلفزيونية، فأنت متخلّف، لكن أن لا تتقن قواعد صناعة المحتوى التلفزيوني في زمن بات فيه التلفزيون موضة قديمة، فبلا شك أنت خارج التاريخ. إذ لا يزال الإعلام السوري، بشقّيه العام والخاص، يثبت عاماً تلو آخر استمرار النكبة في صناعته من دون قدرة الصحافيين القدامى والشباب على تحديد موطن واحد للخلل أو إيجاد مَخرج يعيد ثقة الجمهور السوري بإعلامه المحلي ولو قليلاً. 

الأسوأ من الخطأ، أن تمارس ارتكابه. وهذا ما تفعله القنوات السورية المنطلِقة مؤخراً في الداخل، بتمويل أمراء الحرب وأبرزهم سامر الفوز الذي قرر إنشاء قناة "لنا" قبل أشهر. فلم يسعف موقع مكاتب القناة في وسط بيروت التجاري والأرقام الضخمة التي أُسندت لعدد من الفنانين السوريين والمذيعين اللبنانيين لتقديم البرامج، في إبعاد القناة عن الصورة النمطية السائدة للإعلام السوري، بحيث قابل الهوية البصرية الضعيفة في "لنا" لوغو غير متقن وجودة بث ضعيفة وإعلانات لا قيمة لها، في حين تعرضّ الشعار الذي طرحته القناة لصفعة كبيرة من الجمهور بعدما قررت وبشكل مفاجئ عدم عرض الجزء الثالث من مسلسل "الولادة من الخاصرة" بعد بث أول جزئين. سيل التعليقات السلبية الذي رافق القناة دعا البعض لنسب أوامر بثها لفرع فلسطين الأمني سيئ السمعة في دمشق، خصوصاً أن الجزء الثالث من المسلسل يتعرض للحديث عن رموز النظام السوري في بداية أحداث الثورة.


وقبيل انطلاق العام الجاري، أعلنت قناة "لنا" عن التحضير لقناة رديفة تحمل شعار "لنا بلس" وتقدّم وجبة من البرامج السياسية والمنوعة، كما عملت عدة مواقع موالية على الترويج لهذه القناة قبل بداية بثها. وفي ظل غياب نضج بث ما تقدمه "لنا" عبر مذيعين لا يجيدون نطق اللهجة السورية ولا يمتلكون من مهارات التقديم أدناها، صعد للإعلام اسم المذيعة اللبنانية رابعة الزيات كواجهة للمحطة التلفزيونية. فما إن انتهى عرض برنامجها "لنا مع رابعة" حتى أسرعت الزيات لتقديم برنامج أسبوعي ثان يحمل اسم "قصة حلم" مستعينة بطاقم برامجها السابقة في قناة "الجديد" اللبنانية مع شيوع أنباء عن رقم خيالي تقاضته مقابل عدة مواسم متتالية من البرنامج قد لا يفصل بينها سوى شهر رمضان المبارك.

حال قناة "سما" الموالية لا يختلف كثيراً، فمع توقف شركة "سما الفن" عن إنتاج الأعمال الدرامية لهذا الموسم، تبدو القناة مرتبكة حول إمكانية ما تقدّمه في ظل الميزانية المحدودة وعدم القدرة على الابتكار. وكأنها تظهر كبطاقة منتهية الصلاحية رفع النظام السوري الدعم عنها، حالها حال قناة "أورينت" المعارضة التي ظهر في الأشهر الأخيرة انخفاض دعم رجل الأعمال السوري غسان عبود لها، ما انعكس سلباً على الهوية البصرية وسوية البرامج المقدمة.

هذا ويظلَ التلفزيون الحكومي السوري اللاعب الأبطأ في أي تغيير كان، وإن أفسح المجال خلال العام الفائت لبيع مساحات بث على الفضائية السورية لشركات خاصة، فبات الجمهور أمام برامج مرتفعة التكلفة قائمة على جوائز مالية كبرى، تقابلها برامج ذات تكلفة شبه معدومة وأجور مزرية للعاملين فيها. هذا وبات وزير الإعلام في النظام السوري يتدخل بشكل مباشر في فرض أسماء معينة ورقابة المضمون الذي تقدمه من قبل مكتب الوزير حصراً.

ومع انطلاق كأس آسيا، يبدو الإعلام السوري قاصراً عن اللحاق بركب البطولة وتغطية مباريات المنتخب، فما زال يلجأ لسرقة حقوق البث الرقمية وعرض المباريات أرضياً، أما ما يظهر للبث الفضائي فيمكن اختصاره بإعلان مخجل للسمنة، أعاد الجمهور لزمن الإعلانات التي لا تسمن ولا تغني عن جوع.

المساهمون