كيف تجسس موظفان في "تويتر" على ناشطين لصالح السعودية؟

كيف تجسس موظفان في "تويتر" على ناشطين لصالح السعودية؟

07 نوفمبر 2019
تقاضى أبو عمو 300ألف دولار على الأقل(غلين تشابمان/فرانس برس)
+ الخط -
اتهم القضاء الأميركي، السعودي علي آل زبارة (35 عاماً) والأميركي (من أصل لبناني) أحمد أبو عمو (41 عاماً)، باستخدام صفتهما كموظفين في "تويتر" للحصول على عناوين بروتوكول الإنترنت والبريد الإلكتروني وتواريخ الولادة من حسابات على "تويتر"، ونقل هذه المعلومات بعد ذلك إلى الرياض.

وأعلن القضاء الأميركي، الأربعاء، أن محكمة فدرالية في سان فرانسيسكو وجّهت الاتّهام إلى ثلاثة أشخاص هم سعوديان أحدهما موظف سابق في "تويتر" وأميركي كان يعمل في الشركة نفسها، بالتجسّس على مستخدمين لمنصّة التواصل الاجتماعي وجّهوا انتقادات للعائلة المالكة في السعودية. فكيف حصل ذلك؟

بحسب محضر الاتهام وما نقلته "واشنطن بوست"، قدّم آل زبارة في 2015 معطيات عن ستة آلاف حساب على الأقل، وخصوصاً حول الناشط السعودي عمر بن عبد العزيز الذي لجأت عائلته إلى كندا.

بينما تجسّس أبو عمو على العديد من الحسابات بين نهاية 2014 وبداية 2015 مقابل ساعة فاخرة بقيمة 35 ألف دولار، بحسب ما قاله في اتصالات مع مشترين محتملين على موقع "كريغزليست دوت أورغ"، ومبلغ 300 ألف دولار على الأقل.

وقالت الشكوى إن أبو عمو دخل مراراً إلى حساب أحد أبرز المنتقدين للعائلة المالكة السعودية، في أوائل عام 2015. وفي إحدى المرات استطاع الاطلاع على البريد الإلكتروني ورقم الهاتف المرتبط بالحساب. ودخل أبو عمو أيضاً على حساب منتقد سعودي ثان للحصول على معلومات تسهل عملية التعرف عليه شخصياً. ورجّح متابعون أن يكون أحد الحسابات هو "مجتهد".

وقالت وزارة العدل في بيان: "كان بالإمكان استخدام هذه المعلومات للتعرف على مستخدمي تويتر الذين نشروا هذه المنشورات وتحديد موقعهم".

ويبدو أنّ الذي جند الاثنين مسؤول سعودي كبير، قالت "واشنطن بوست" إنه بدر العساكر، المستشار المقرب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والذي يدير الآن مكتبه الخاص ومؤسسته الخيرية "مسك".

أما السعودي أحمد المطيري (30 عاماً) فهو متهم بأنه قام بدور وساطة بين الرجلين وحكومة بلده. كما يشتبه بأنه ساعد آل زبارة على الفرار من الولايات المتحدة في نهاية 2015، بعدما طرحت عليه إدارة "تويتر" أسئلة للمرة الأولى، وأعطته عطلة إدارية.

وأشارت الشكوى الأميركية إلى أن معظم الاتصالات جرت في 2014 و2015، أثناء توسع سلطات ولي العهد. وجاء بشكوى وزارة العدل أن أحدهما نشر صورته مع ولي العهد أثناء زيارته واشنطن في مايو/أيار 2015، بينما سافر الآخر من سان فرانسيسكو إلى واشنطن أثناء الفترة ذاتها.

وقالت وزارة العدل الأميركية أن المطيري وآل زبارة يقيمان في السعودية على الأرجح، موضحةً أنها أصدرت مذكرتي توقيف بحقهما. أما أبو عمو الذي كذب على محققين لمكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) جاؤوا لاستجوابه في تشرين الأول/أكتوبر 2018، فقد أوقف الثلاثاء في سياتل بشمال غربي الولايات المتحدة، وصدر أمر ببقاء أبو عمو في الحجز إلى حين انعقاد جلسة للنظر في الأمر غدا الجمعة.


ويفيد محضر الاتّهام بأن الأشخاص الثلاثة كانوا ينفّذون توجيهات مسؤول سعودي، لم تكشف هويته، يعمل لصالح شخص أطلق عليه المحققون تسمية "عضو العائلة المالكة-1". وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

واتهم الأشخاص الثلاثة بالعمل كوسطاء. وقال النائب العام الأميركي ديفيد أندرسون في بيان، إن "الشكوى الجنائية التي كشف عنها اليوم تتّهم عناصر سعوديين بالبحث في الأنظمة الداخلية لتويتر من أجل الحصول على معلومات شخصية عن معارضين سعوديين والآلاف من مستخدمي تويتر". وأضاف أن "قوانين الولايات المتحدة تحمي الشركات الأميركية من اختراق خارجي غير شرعي كهذا، ولن نسمح باستخدام الشركات الأميركية أو التكنولوجيا الأميركية أداة للقمع الخارجي وانتهاك قوانين الولايات المتحدة".

وتثير هذه الملاحقات من جديد تساؤلات عن قدرة المجموعة العملاقة المتمركزة في كاليفورنيا على حماية البيانات السرية لمستخدميها، خصوصاً في مواجهة الأنظمة القمعية.

وتشير الاتهامات إلى غضب علني غير مألوف تجاه السعودية، حليفة الولايات المتحدة التي تربطها علاقات طيبة بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، رغم ما يثار حول سجلها في مجال حقوق الإنسان.

وينتقد مشرعون كثيرون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بالولايات المتحدة سلوك السعودية في حرب اليمن، وفي ما يتصل بقتل الصحافي جمال خاشقجي عام 2018 بالقنصلية السعودية في إسطنبول.

وكان خاشقجي الذي قتل في 02 تشرين الأول/أكتوبر 2018 في قنصلية بلده، يكتب في صحيفة واشنطن بوست وغيرها. وحمّلت خبيرة في الأمم المتحدة ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) ولي العهد السعودي مسؤولية مقتله.

وعبّرت شركة "تويتر" عن امتنانها لمكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) ووزارة العدل. وقالت في بيان: "ندرك إلى أي مدى قد تذهب العناصر الخبيثة في محاولة تقويض خدمتنا". وأضافت: "إن شركتنا تقصر الاطلاع على معلومات الحسابات الحساسة على مجموعة محدودة من الموظفين المدربين الذين خضعوا لتدقيق، ونتفهم المخاطر الجمة التي تواجه كثيرين ممن يستخدمون تويتر لمشاركة وجهات نظرهم مع العالم ومحاسبة من يتولون السلطة".
ولم تعلق تويتر على كيفية اكتشافها نشاط الاثنين أو إذا كانت قد أبلغت أجهزة إنفاذ القانون.

كما تشكل هذه القضية فصلاً مربكاً جديداً لتويتر، بعد قرصنة حساب رئيسها جاك دورسي في أيلول/سبتمبر الماضي. وقال أحد الناطقين باسم دورسي: "نحن واعون للجهود التي يبذلها أطراف سيئون لمهاجمة خدمتنا".

وأضاف: "نحن نحصر إمكانية الوصول إلى المعلومات الحساسة بعدد قليل من الموظفين". وتابع: "ندرك المجازفة الكبيرة التي يقوم بها الذين يستخدمون تويتر لتقاسم آرائهم ومطالبة الذين يجلسون في السلطة بالمحاسبة"، مؤكدا أن تويتر تملك أدوات لحمايتهم.


(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس)