كيف أصبح بيل غيتس هدفاً لمؤامرات كورونا؟

كيف أصبح بيل غيتس هدفاً لمؤامرات كورونا؟

23 ابريل 2020
حذر غيتس من جائحة بعد إيبولا (مايك لورانس/Getty)
+ الخط -
رفض الملياردير بيل غيتس إجراء مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، حول تقريرها عن نظريات تتهمه بلعب دور في خلق فيروس كورونا. وبدا ردّه نادراً، لكونه معروفا ببذل الجهود للوقاية من فيروس كورونا وظهر في العديد من وسائل الإعلام مؤخرًا لتحقيق هذا الهدف. لكنّه في المقابل، أجاب عن سؤال حول نظريات المؤامرة هذه، في مقابلة تلفزيونية مع قناة البث الصينية "جي سي تي أن"، يستهجن فيها هذه النظريات ويعتبرها مثيرة للسخرية، خاصّة أنّها تتهم شخصًا مثله بالتسبّب بمثل هذه الأوبئة. وأردف: "لكننا في وضع جنوني، لذلك ستكون هناك شائعات مجنونة".

ومن بين ما شكّل أرضاً خصبة لبدء انتشار نظريات المؤامرة هذه، فيديو يعود إلى عام 2015، على "تيد" وهي منظمة إعلامية أميركية تنشر عبر الإنترنت محادثات تحت شعار "أفكار تستحق النشر"، يدعو فيه غيتس إلى التأهب لمواجهة الأوبئة، ويحذّر من الخسائر الفادحة المحتملة التي يمكن أن تسببها جائحة عالمية مستقبلية. ومع انتشار جائحة فيروس كورونا، في جميع أنحاء العالم، تعهّد غيتس بدفع مبلغ 250 مليون دولار أميركي، لمكافحة المرض وتوفير اللقاح، علماً أنه من بين أكبر المتبرعين لمنظمة الصحة العالمية، وهو عرض تعويض حصة أميركا من التمويل الذي قرر الرئيس دونالد ترامب إيقافه عن أكبر هيئة صحية عالمية. وكانت هذه اللفتة هي العامل الآخر الأساسي لانتشار نظريات المؤامرة التي انتقلت بسرعة من الإنترنت إلى النقاد المحافظين الذين راحوا يروّجون لها، بحسب ما يؤكد موقع "بيزنس إنسايدر".

وممّا قاله غيتس في عام 2015 في أحد نقاشات "تيد"، هو أنّ تفشي فيروس إيبولا أودى بحياة الآلاف من الأشخاص في غينيا وليبيريا وسيراليون، كذلك سلّط الضوء على العوامل التي حالت دون انتشار المرض في جميع أنحاء العالم، وحذّر من احتمال انتشار جائحة عالمية أكثر عدوى.
وربما تكون معرفة غيتس بما سيصيب العالم، فضلاً عن استخدامه لعبارات تصف بدقة مخاطر فيروس كورونا، قبل اجتياحه العالم بسنوات، قد دفعت الكثيرين إلى النظر إليه بارتياب. فمثلاً قال: "الفشل في الاستعداد، يمكن أن يسمح للوباء التالي بأن يكون أكثر تدميرا بشكل كبير من إيبولا"، بالإضافة إلى تأكيده أنّ البشر قد يحملون الفيروس من دون الشعور بأي أعراض، ونقل العدوى بينما يسافرون على متن الطائرة أو يتسوقون.

لكنّ هذه معلومات علمية، ترتبط بمفهوم الجائحة عموماً لا بكورونا فقط. وقد بدأت نظريات المؤامرة التي تربط غيتس بفيروس كورونا تنتشر في أواخر يناير/كانون الثاني، بحسب تحقيقات أجرتها صحيفة "نيويورك تايمز"، أخيراً، مع شخصية على يوتيوب، تزعم أن غيتس كان على علم مسبق بوباء كورونا. بعد أيام، نشر موقع يديره منظّر المؤامرة، أليكس جونز، مقالًا يتّهم مؤسسة غيتس بمشاركتها في استضافة تمرين وبائي في أواخر عام 2019 يحاكي عالميًا تفشي فيروس كورونا، وربط الاستثمارات المستمرّة لمؤسسة غيتس في مكافحة الأوبئة العالمية، بالمعرفة المسبقة بالوباء، حسبما نقل "بزنس إنسايدر".

وبعد متابعة موقع FactCheck.org لهذه القضية، تبيّن أنّه كان هناك في الواقع تمرين في أكتوبر/تشرين الأول، استضافه مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي، وشاركت فيه مؤسسة غيتس، ركّز على كيفية الاستعداد للحالات الطارئة في حال مواجهة العالم لجائحة شديدة. لكن التمرين لم يتطرّق إلى فيروس كورونا، ولم يقدم تنبؤات واقعية حول عدد الوفيات.

وتكاثرت نظريات المؤامرة حول بيل غيتس المتعلقة بفيروس كورونا على وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون حتى ذكرت حوالي 1.2 مليون مرة في الشهرين الماضيين، وفقًا للبيانات التي نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز". وساهم في نشر نظريات المؤامرة هذه، منظّرو مؤامرة يمينيون، مثل أليكس جونز، ونقاد محافظون مثل مذيعة "فوكس نيوز"، لورا إنغراهام. وغرّدت إنغراهام على تويتر في أوائل إبريل/نيسان، في ما بدا كرسالة تحذّر الناس من تناول اللقاح في حال جهوزيته. وزعمت أنّ "التّتبع الرقمي لكل خطوة للأميركيين كان حلم العولمة منذ سنوات... وهذه الأزمة الصحية هي الوسيلة المثالية لهم لحصول هذا الأمر". وأرفقت هذه التغريدة بأخرى حول مقال عن بيل غيتس، يستشهد بإجابة قدّمها الأخير في وقت سابق من هذا العام، حيث تحدث عن "شهادة رقمية" افتراضية، تثبت تطعيم الناس من الفيروسات التاجية.

وبحسب ادعاء المقال، فإنّ حملة التطعيم الجماعي الحتمية للقضاء على "كوفيد-19"، ستكون فرصة مثالية لإدخال هويّة رقمية عالمية. وسيخزن هذا النظام ثروة من المعلومات عن كل فرد، بما في ذلك تاريخ التطعيم، وسينبغي استخدامه للحصول على الحقوق والخدمات. وبالاستناد إلى هذه النقاط، يزعم المقال أنّ غيتس والأغنياء والأقوياء الآخرين من أصحاب المراكز، يستخدمون جائحة كورونا كوسيلة لغرس نظام طبقي عالمي يعتمد على هويّة رقمية.