المستثمر السري في "إيفنينغ ستاندرد" البريطانية... سعودي

المستثمر السري في "إيفنينغ ستاندرد" البريطانية... السعودي سلطان أبو الجدايل

25 فبراير 2019
بقي الاسم سرياً (ريتشارد بايكر/getty)
+ الخط -
يبدو أنّ الشخصية التي استثمرت سرياً في "إيفنينغ ستاندرد" هي مستثمر سعودي؛ إذ نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، اليوم الإثنين، عن مصدرين مطّلعين على القضية، قولهما إنّ المشتري الغامض لحصة كبيرة في المجموعة الأم لإيفنينغ ستاندرد الذي استخدم شركة جزر كايمان لإخفاء هويته، هو سلطان محمد أبو الجدايل.

وارتبط اسم أبو الجدايل بصفقات استثمارية سعودية في وسائل إعلام أجنبية، وكان أساسياً في محاولات ولي العهد محمد بن سلمان لإنشاء إمبراطورية إعلامية لشيطنة خصومه، وهو ما كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" سابقاً. 

وتمتلك معظم الحصص في صحيفة لندن المجانية، إيفنينغ ستاندرد، التي يرأس تحريرها المستشار السابق في المملكة المتحدة جورج أوزبورن، شركة ليبيديف القابضة، وهي التابعة لشركة يفغيني ليبيديف.

واشترى أبو الجدايل حصةً تبلغ حوالى 30 بالمائة بقيمة 25 مليون جنيه استرليني، وهو أكثر بحوالى الثلث مما تم الإفصاح عنه في البداية، خلال إيداعات الشركة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إثر الموافقة على الشريحة النهائية الأسبوع الماضي.

ولا يعرف عن أبو الجدايل الكثير، لكنّه الرجل الذي اشترى حصةً مشابهة قبل عامين في "إندبندنت". وأبو الجدايل مرتبطٌ بشركة "إن سي بي كابيتال"، وهي ذراعٌ مصرفية استثمارية للبنك الأهلي التجاري السعودي. وتمتلك الحكومة السعودية الذراع المصرفية عبر صندوق استثمارها العام، بحسب "فايننشال تايمز".

وأثار شراء أبو الجدايل للحصة في "إندبندنت" قبل عامين الكثير من الجدل حول استخدام السعودية للاستثمارات الإعلامية لأغراض القوة الناعمة.  لكنّ متحدثاً باسم الصحيفة قال سابقاً إنّ حريتها التحريرية ستكون محميةً. وقال أحد الأشخاص المطّلعين على الصفقة: "نطلب من أي شخص النظر إلى تغطية إندبندنت منذ العام 2017، لقد كانت قوية وتحاسب النظام السعودي".

ورفضت "إيفنينغ ستاندرد" وليبيديف التعليق، فيما لم يردّ أبو الجدايل على طلبات الصحيفة.

جرّ استخدام كيانٍ في كايمان، للاستحواذ على نسبة من حصة مالك "ستاندرد"، الانتقادات؛ إذ قال النائب بول فارليلي، وهو عضو لجنة الرقمنة والثقافة والإعلام والرياضة في البرلمان، إنّ موقف "ستاندرد الموثّر في لندن يعني أنّه من المهم أن تكون صادقة حول ملكيّتها". ومن غير الواضح لماذا استخدم أبو الجدايل حساب كيان في كايمن للاستثمار. يوفر الاستثمار الأخير تمويلاً مهماً لـ"ستاندرد". اشترى ليبيديف "ستاندرد" عام 2009 و"إندبندنت" عام 2010 مقابل جنيه استرليني واحد، وهو استثمر منذ ذلك الحين الملايين فيهما.

تمكنت "ستاندرد" من تحقيق ربح، لكنها سجّلت خسارة بقيمة 10 ملايين جنيه استرليني في السنة المالية المنتهية في سبتمبر/أيلول 2017. ومن المأمول أن تساعد الاستثمارات الجديدة في إعادتها إلى السوق، وفقاً لما ذكره الأشخاص الذين اطلعوا على الصفقة.

وتم إتمام الصفقة مع أبو الجدايل بعد أربعة أشهر من اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الكاتب في "واشنطن بوست"، وهي جريمة ارتكبها فريق اغتيال سعودي وتسبّبت بغضب محلي ودولي. تمّت مراجعة وإلغاء صفقات بين السعودية ومجموعات غربية بعد الجريمة.

ويعدّ شراء الحصة في "ليبيديف هولدينغز" آخر الاستثمارات السعودية في وسائل الإعلام الغربية. ففي عام 2015، قامت "إن سي بي كابيتال" بالاستحواذ على حصة وازنة في الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، والتي لها ارتباطات بعائلة الملك سلمان. ومنذ ذلك الحين، أعلنت المجموعة شراكاتٍ عدّة مع مجموعات إعلامية في الغرب.

ووسعت "المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق" فعلاً نطاق التأثير السعودي في الإعلام، بلغات عدة، بينها الفارسية؛ إذ تدير مشروعاً مشتركاً في البث مع شركة "بلومبيرغ"، ومشروعاً إخبارياً مع صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية التي تكتفي بنسختها الإلكترونية منذ عام 2016، لإنتاج محتوى بالعربية والفارسية والتركية والأردية. وقد أُطلق موقع "إندبندنت عربية"، في 24 يناير/كانون الثاني الماضي.

وكان رجل الأعمال السعودي، سلطان محمد أبو الجدايل الذي يشتهر بإدارة أموال الأسرة الحاكمة السعودية في الخارج تحت اسمه، قد اشترى 30 في المائة من أسهم "إندبندنت"، في مايو/أيار 2017، علماً أنه لم يظهر اهتماماً إزاء الاستثمار في الإعلام البريطاني قبل ذلك.

وكان مالك "ذي إندبندنت" و"إندبندنت أون صانداي" يفغيني ليبيديف قد أعلن في فبراير/شباط 2016، توقف صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية عن الصدور ورقياً في مارس/آذار 2016، بعد 30 عاماً، والاكتفاء بالصدور إلكترونياً.

ووسط الانتقادات التي تواجهها مؤسسات إعلامية أميركية وبريطانية لتعاونها مع السلطات السعودية، اتخذت بعضها خطوات لـ"الحفاظ على استقلاليتها التحريرية"، وفق ما زعمت. إذ عينت "إندبندنت" مستشارين لمراقبة المواقع الأجنبية المنتجة مع المجموعة السعودية، لضمان استيفاء المعايير التحريرية. وفرضت وكالة "بلومبيرغ" قواعد تحريرية، لضمان الاستقلالية في تعاونها مع المجموعة نفسها، عبر موقع "بلومبيرغ الشرق"، وفق ما أفادت به مصادر مطلعة لـ"وول ستريت جورنال".

"المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق" فرضت سيطرتها أيضاً على المؤسسات الإعلامية السعودية، إذ استثمرت، عام 2015، في الصحيفة الإنكليزية "عرب نيوز" وصحيفة "الشرق الأوسط". واستحوذت الحكومة السعودية على "مجموعة إم بي سي" وقناة "العربية" أخيراً.

يذكر أن منظمة "مراسلون بلا حدود" صنفت المملكة العربية السعودية في المرتبة 169 من بين 180 دولة على مؤشرها العالمي لحرية الصحافة. وأكدت أن المملكة ليس لديها "إعلام مستقل" و"مستوى الرقابة الذاتية فيها شديد الارتفاع".

دلالات

المساهمون