مصر: دعوة إلى الطعن في دستورية "جزاءات الأعلى للإعلام"

مصر: دعوة إلى الطعن في دستورية "جزاءات الأعلى للإعلام"

24 نوفمبر 2018
مكرم محمد أحمد من أبرز داعمي السيسي (إبراهيم عزّت/نورفوتو)
+ الخط -

وجّه المحامي الحقوقي المصري نجاد البرعي، عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، دعوة إلى الصحافيين المصريين، لتوكيله برفع دعوى قضائية ضد لائحة الجزاءات الصادرة عن "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام"، قبل أيام، وتشمل عقوبات تبدأ بالغرامات والمخالفات والإنذار، وتصل إلى الحجب ووقف البث وسحب التراخيص.

وكتب البرعي "لو فيه صحافيين أو إعلاميين عايزين يرفعوا دعوى بإلغاء قرار المجلس الأعلى للإعلام الخاص بإصدار لائحته التي تتضمن عقوبات وجزاءات عبيطة ومجنونة وتتضمن ألفاظ عامه غير محددة؛ أنا ممكن أشكل مع عدد من المحامين لجنة ونطعن لهم عليهم محبة في الأستاذ مكرم محمد أحمد مش أكثر، ولو نقابة الصحافيين طبعا عايزة تطعن في لائحة الأستاذ مكرم أنا برضه متطوع".

وأضاف أن "ما يفعله المجلس الأعلى للإعلام برئاسة مكرم محمد أحمد يضع قيودًا على حرية الصحافة والإعلام في التعبير، لم يكن أحد يتصور أن هناك من يجرؤ على وضعها في القرن الواحد والعشرين".

وكان "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام"، وهو مؤسسة حكومية محل وزارة الإعلام، برئاسة مكرم محمد أحمد، الكاتب الصحافي الموالي للنظام الحالي ونظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، قد انتهى، في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، من إعداد المسودة النهائية للائحة الجزاءات الخاصة بالمخالفات الإعلامية لوسائل الإعلام المختلفة التي جاءت في 30 مادة، وتشمل المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، على أن يتم إرسالها إلى مجلس الدولة لمراجعتها، تمهيدًا لإقرارها رسمياً. 



وفي واحدة من مواد اللائحة، على سبيل المثال لا الحصر، "يعاقب كل من نشر أو بث شائعات، أو أخبارا مجهولة المصدر، أو نقل عن مصادر إعلامية أخرى، أو استخدم السوشيال ميديا كمصدر للمعلومات من دون التحقق من صحتها من مصادرها الأصلية، أو حال عدم احترام الرأي الآخر من حيث التوازن، بأحد الجزاءات الآتية أو أكثر، حسب الأحوال، وتشمل لفت النظر (التنبيه)، والإنذار، وتوقيع غرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد عن خمسة وعشرين ألف جنيه. كما يجوز مضاعفة العقوبة واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة حال استخدام عبارات تشمل التخوين من دون سند، ويجوز أيضًا وقف بث البرامج أو الباب أو الصفحة أو الموقع الإلكتروني لفترة مؤقتة، مع توقيع غرامة لا تقل عن مائتين وخمسين ألف جنيه ولا تزيد عن خمسمائة ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين، عندما يتسبب ما تم نشره في حدوث أضرار اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية، وإلزام الوسيلة بنشر أو بث تكذيب بذات طريقة الإبراز التي وقعت بها المخالفة".

وترى منظمات حقوقية معنية بالحريات والتعبير، أن هذه القوانين "خطوة تهدف إلى تأميم الصحف ووسائل الإعلام المعارضة، كما تستهدف مد حالة الرقابة والتضييق على الصحف ومنصات الإعلام المختلفة"، معربين عن تخوفهم من السياق الزمني الذي خرجت فيه تلك القوانين قبل انتخابات نقابة الصحافيين، المقررة في مارس/آذار 2019، ما يوحي باتجاه ممنهج لفرض حالة من الهدوء والاستقرار السياسي المتعمد.

دعوة البرعي لاقت ترحيبًا من عشرات الصحافيين والمحاميين المصريين، فور نشر الرسالة على "فيسبوك". هؤلاء ليسوا وحدهم من يعارضون اللائحة التي تطاول جزاءاتها أي شيء وكل شيء، فنقيب الصحافيين السابق، يحيى قلاش، وصف اللائحة بـ "اغتصاب تشريعي وجريمة دستورية متكاملة الأركان"، وقال "إذا كان الموضوع كله جد؛ هل المهنة التي تم إعدامها بالتشريع يمكن أن تخشي عليها من الموت باللوائح؟".

كما علق عضو مجلس نقابة الصحافيين المصرية، عمرو بدر، على اللائحة بـ "أنها جزء من الحملة ضد الصحافة وحريتها، لائحة غبية ومكتوبة بروح عدائية ضد الصحافة والإعلام، تزيد من اختناق المهنة والعاملين فيها. مواجهتها ضرورة وإسقاطها مهمة كل الصحافيين والإعلاميين".



لكن آخرين يعارضون "بعض" المواد التي تتعارض مع اختصاصاتهم أو صلاحياتهم وحسب.
فنقيب الإعلاميين المصريين، حمدي الكنيسي، أصدر بيانًا رفض فيه "بعض" مواد لائحة الجزاءات "لما فيها من تناقض وتعارض كبيرين مع اختصاصات النقابة ودورها المنصوص عليه في القانون 93 لسنة 2016 والقانون 180 لسنة 2018 لتنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام".

وفي ختام بيانه، أعرب الكنيسي عن "ثقته الكاملة في إمكانية المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تدارك هذا التعارض والتناقض في هذه اللائحة، خاصة أن العلاقة بين النقابة والمجلس تكاملية".

وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي أصدر، في 11 إبريل/نيسان عام 2017، ثلاثة قرارات جمهورية حملت أرقام 158 و159 و160 لعام 2017، بتشكيل الهيئات الإعلامية الثلاث الممثلة في "المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام"، و"الهيئة الوطنية للصحافة"، و"الهيئة الوطنية للإعلام".

وتولى مكرم محمد أحمد منصب رئيس "المجلس الأعلى للصحافة والإعلام"، كما تولى الكاتب الصحافي كرم جبر رئاسة "الهيئة الوطنية للصحافة"، فيما تولى حسين زين رئاسة "الهيئة الوطنية للإعلام".

ومنذ تقلّد مكرم محمد أحمد منصب رئيس "المجلس الأعلى للصحافة والإعلام"، في منتصف إبريل/نيسان عام 2017، وهو يصدر القرارات بالمنع والحظر والتأديب.

مكرم محمد أحمد (81 عاماً) كان نقيب الصحافيين الذي اشتهر بكتابة خطابات الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، هو أحد الداعمين بشدة للنظام المصري الحالي.

انتُخب نقيباً للصحافيين عام 1989، واستمر لدورتين متتابعتين حتى عام 1993. وعام 2007 خاض المعركة الانتخابية في منافسة نائب رئيس تحرير "وكالة أنباء الشرق الأوسط"، رجائي الميرغني، وحصل فيها على 70 في المائة من أصوات الناخبين البالغ عددهم 3582 صحافياً مصرياً آنذاك، وظل نقيباً للصحافيين حتى طُرد من مبنى النقابة إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011.

وبعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011، عندما توجّه إلى نقابة الصحافيين المصرية، لتقديم واجب العزاء لزوجة الصحافي في "الأهرام"، أحمد محمود، وأخبرها بأن النقابة ستصرف لها معاشاً استثنائياً، تفجّر غضب الصحافيين، وهتفوا "برة... برة"، وخرج مطروداً من النقابة للمرة الثانية.

ثم ظهر مجددًا لشق وحدة الصف النقابي، أثناء انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين الأخيرة، حيث تشكلت ما تسمى بـ "جبهة تصحيح المسار" من مجموعة من الصحافيين المصريين برئاسته، في أعقاب واقعة اقتحام وزارة الداخلية النقابة، في الأول من مايو/أيار عام 2016، للقبض على الصحافيَين عمرو بدر ومحمود السقا. عقدت تلك الجبهة اجتماعات في مقر صحيفة "الأهرام" القومية، لإجهاض قرارات اجتماع الجمعية العمومية التي عقدها آلاف الصحافيين في النقابة رداً على اقتحامها.

وتولت تلك الجبهة الدفاع عن النظام المصري ووزارة الداخلية المصرية، ضد قرارات نقابة الصحافيين آنذاك بقيادة النقيب السابق، يحيى قلاش، كما ساهمت تلك الجبهة في صدور القوانين المنظمة للصحافة والإعلام على النحو المعمول به حاليًا من فرض الرقابة والوصاية والتحكم والقبضة الأمنية على المنابر الإعلامية.

وبعدها مباشرة صدر قرار تشكيل مجالس الإعلام الثلاثة، ليرأس مكرم محمد أحمد "المجلس الأعلى للصحافة والإعلام".

المساهمون