جزاءات "الأعلى للإعلام"... خطوة أخيرة

جزاءات "الأعلى للإعلام"... خطوة أخيرة

05 يناير 2019
أعدت اللائحة بدون أخذ رأي نقابة الصحافيين (شيماء أحمد/الأناضول)
+ الخط -
يوم 30 ديسمبر/ كانون الأول 2018 الماضي، وافقت هيئة مكتب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة مكرم محمد أحمد، على مشروع لائحة الجزاءات التي سبق إصدارها وسط اعتراضات عدة من صحافيين وحقوقيين.

وعقب اجتماعه، مساء الأربعاء الماضي، أعلن المجلس أنه سيتلقى ملاحظات الجهات والهيئات الإعلامية والصحافية المعنية بشأن مشروع لائحة الجزاءات المقترحة من قِبل المجلس خلال أسبوع، على أن يعاود الانعقاد لمناقشة هذه المقترحات قبل رفع المشروع إلى مجلس الدولة لإبداء الرأي.

ووفقاً لبيان صادر عن الاجتماع، فقد واصل المجلس تصريحاته، التي يكذبها واقع مأزوم يعاني منه الإعلام المصري، إذ ادعى التزامه بضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام في إطار المنافسة الحرة، وحماية حق المواطن في التمتع بإعلام وصحافة حرة ونزيهة وعلى قدر رفيع من المهنية وفق معايير الجودة الدولية وبما يتوافق مع الهوية الثقافية المصرية، وكذلك ضمان استقلال المؤسسات الصحافية والإعلامية وحيادها وتنوعها، وضمان التزام هذه المؤسسات بمعايير وأصول المهنة وأخلاقياتها، ومقتضيات الأمن القومي.

كما أكد المجلس التزامه بحماية حقوق الملكية الفكرية في الصحافة والإعلام، والعمل على وصول الخدمات الصحافية والإعلامية إلى جميع مناطق الجمهورية بشكل عادل، وضمان ممارسة النشاط الاقتصادي في مجالي الصحافة والإعلام على نحو لا يؤدي إلى منع حرية المنافسة أو تقييدها أو الإضرار بها، ومنع المنافسات الاحتكارية وضمان سلامة مصادر التمويل وإنفاذ المعايير البيئية والفنية في مجال البث المسموع والمرئي والرقمي والصحافة الرقمية وغيرها، والعمل على حماية العاملين بالمهنة والحفاظ على حقوقهم.

وكان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وهو مؤسسة حكومية محل وزارة الإعلام، برئاسة مكرم محمد أحمد، الكاتب الصحافي الموالي للنظام الحالي، ونظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، قد انتهى في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، من إعداد المسودة النهائية للائحة الجزاءات الخاصة بالمخالفات الإعلامية لوسائل الإعلام المختلفة والتي جاءت في 30 مادة، وتشمل المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، على أن يتم إرسالها لمجلس الدولة لمراجعتها، تمهيدًا لإقرارها بشكل رسمي.

وفي واحدة من مواد اللائحة، على سبيل المثال لا الحصر، "يعاقَب كل من نشر أو بث شائعات، أو أخبارًا مجهولة المصدر، أو نقل عن مصادر إعلامية أخرى، أو استخدام السوشيال ميديا كمصدر للمعلومات من دون التحقق من صحتها من مصادرها الأصلية، أو حال عدم احترام الرأي الآخر من حيث التوازن، بأحد الجزاءات الآتية أو أكثر حسب الأحوال، وتشمل لفت النظر (التنبيه)، والإنذار، وتوقيع غرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة وعشرين ألف جنيه، كما يجوز مضاعفة العقوبة واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة حال استخدام عبارات تشمل التخوين من دون سند، ويجوز أيضًا، وقف بث البرامج أو الباب أو الصفحة أو الموقع الإلكتروني لفترة مؤقتة، مع توقيع غرامة لا تقل عن مائتين وخمسين ألف جنيه ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين، عندما يتسبب ما تم نشره في حدوث أضرار اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية، وإلزام الوسيلة بنشر أو بث تكذيب بذات طريقة الإبراز التي وقعت بها المخالفة".



وعلى أثر الإصدار التمهيدي للائحة قبل شهرية، وقّع أكثر من 600 صحافي وباحث وسياسي وشخصية عامة على بيان أعلنوا من خلاله رفضهم الكامل لما سُمِّى بـ"لائحة جزاءات المجلس الأعلى للإعلام" جملة وتفصيلاً.

وأكد الموقعون أن فلسفة اللائحة هي امتداد طبيعي لقوانين إعدام الصحافة التي أقرّها البرلمان أخيرًا، والمسماة على خلاف الحقيقة بتنظيم الصحافة والإعلام، وذلك باعتبارها الحلقة الأخيرة في المسلسل الذى يستهدف مصادرة حرية الرأي والتعبير وكل مساحة متاحة للكلام.

وبمجرد إعلان إقرار لائحة الجزاءات قبل يومين، طفت الاعتراضات على السطح مجددًا، وسط دعوات تطالب نقيب الصحافيين المصريين عبد المحسن سلامة، برفض تلبية دعوة لمناقشة اللائحة، ورفضها جملة وتفصيلًا.

وقال عضو مجلس نقابة الصحافيين المصرية محمود كامل، إن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام "يواصل الإجهاز على ما تبقّى من مهنة الصحافة بعد موافقة هيئة مكتب المجلس على مشروع لائحة الجزاءات الكارثية". وناشد كامل، عبر حسابه الخاص على "فيسبوك"، عبدالمحسن سلامة، بـ"الانتصار للمهنة بعدم الاستجابة لدعوة المجلس الأعلى للإعلام لحضور اجتماع مناقشة وإقرار اللائحة ممثلاً عن النقابة يوم الأربعاء المقبل". وقال "أثق في أنه رغم أية اختلافات في الرؤى لن يبقى لنا جميعا في مجلس النقابة سوى الانتصار للمهنة والحفاظ على ما تبقى منها".

كما قال عضو مجلس نقابة الصحافيين المصرية، جمال عبد الرحيم: "فوجئت الجماعة الصحافية والإعلامية في الساعات القليلة الماضية بإعلان صادر عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة الأستاذ مكرم محمد أحمد، بموافقة هيئة مكتب المجلس علي مشروع لائحة الجزاءات، وإحالتها إلى المجلس في اجتماعه الأربعاء المقبل لإقرارها تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإصدارها، ودعوة نقيب الصحافيين وممثل عن اللجنة التأسيسية لنقابة الإعلاميين للحضور".

وقال عبر حسابه على "فيسبوك" إنه "لا شك أن هذا الكلام غريب وغير مقبول بالمرة، ويؤكد أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يعمل في جزر منعزلة بعيدا عن الجماعة الصحافية والإعلامية؛ لأنه أعد لائحة دون أخذ رأي نقابة الصحافيين واللجنة التأسيسية لنقابة الإعلاميين، وخاصة أن نقيب الصحافيين الذي تمت دعوته لحضور الاجتماع لأخذ رأيه في مشروع اللائحة لم يناقشها في اجتماع مجلس النقابة، وربما هو نفسه لم يطّلع عليها، والأمر نفسه ينطبق على اللجنة التأسيسية لنقابة الإعلاميين".

وأضاف "أعتقد أن مناقشة مشروع لائحة الجزاءات داخل أروقة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بعيدا عن نقابة الصحافيين واللجنة التأسيسية لنقابة الإعلاميين أمر غريب، بل ومخالف لنص المادة 77 من الدستور التي تشترط أخذ رأي النقابات المهنية في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بها".

وعلّق الكاتب حازم حسني بالكتابة عبر وسم "لا للائحة جزاءات مكرم"، بكتابة "لم يستجب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لـ601 صحافي وغيرهم رفضوا لائحة جزاءات المجلس، والأدهى والأمرّ من ذلك أن المجلس دعا نقيب الصحافيين لحضور لحظات إقرار اللائحة... وأعتقد أن الصحافيين الموقعين على مذكرة رفض لائحة الجزاءات مطالبون باستمرار الضغط لعدم تمرير هذه اللائحة في ظل عدم توافر عنصر الثقة في نقيب الصحافيين الحالي عبدالمحسن سلامة".

واقترح حسني "إعداد مشروع بلائحة بديلة للائحة مكرم ومجلسه، أو إعداد تعديلات على اللائحة المقرر إقرارها الأربعاء المقبل، مع إرسالها إلى المجلس يوم الثلاثاء على الأكثر. والتواصل مع مكرم لحضور ممثلين عن الصحافيين الموقعين على مذكرة الرفض اجتماع مناقشة اللائحة لعرض اللائحة البديلة أو التعديلات المطلوبة. ودعوة الزملاء الموقعين على مذكرة الرفض للاعتصام في النقابة وقت اجتماع مكرم ومجلسه وعبدالمحسن، للضغط على مكرم من جهة، ولإجبار عبدالمحسن على تبنّي مطالب الجماعة الصحافية من جهة أخرى".

المساهمون