مصر: حرب على التغطية الإعلامية لاعتداء الواحات

مصر: حرب على التغطية الإعلامية لاعتداء الواحات

22 أكتوبر 2017
هاجم النظام المصري الإعلامين المحلي والدولي (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
ساعات طويلة مضت على بدء تسرّب الأخبار الأوّليّة لحادث استهداف قوات الشرطة المصرية في طريق الواحات البحرية، غرب محافظة 6 أكتوبر، الجمعة، ولم تعلن جهة رسمية واحدة عن أي معلومات بشأن الحادث، واستمر تداول الأنباء عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الأجنبية، ونقلت عنها وسائل إعلام مصرية.

وبعد انتهاء الحادثة، هاجم النظام المصري، وسائل الإعلام المحلية والدولية. وقررت نقابة الإعلاميين، في اجتماعها الطارئ، أمس الأحد، وقف برنامج أحمد موسى إلى حين انتهاء التحقيق معه على خلفية نشر التسريب الصوتي، مع متابعة التصرف الجنائي في الواقعة أمام النيابة.

وكان موسى قد أذاع تسجيلًا صوتيًا منسوبًا لأحد الناجين من الحادث، يروي فيه تفاصيل الهجوم. اللافت في الأمر أن موسى عضو بنقابة الصحافيين، وبالتالي الجهة المسؤولة عن التحقيق معه هي نقابته. كما أن نقابة الإعلاميين، وهي تحت التأسيس، ليست الجهة المخوّلة بإصدار مثل تلك القرارات، بل المجلس الأعلى للإعلام الذي يرأسه مكرم محمد أحمد، والذي لم يعلن، إلى الآن، ورود أي شكاوى له أو بلاغات لبدء التحقيق مع موسى، معتبرًا أن كل ما يدور على مواقع التواصل الاجتماعي وداخل نقابة الإعلاميين "كلام فاض".

أما نقابة الصحافيين المصرية، فقد أصدرت بيانًا "محرّضًا" على الإبلاغ عن أي تجمّعات أو مظاهر "تثير الريبة"، إذ دانت "مواصلة الجماعات الإرهابية استهداف تراب مصر العزيزة، والاعتداء بصورة سافرة وغادرة على حماة الوطن، من رجال الشرطة والقوات المسلحة". وأهابت النقابة بكل المواطنين "الإبلاغ عن أي تجمعات أو مظاهر لأي تحركات تثير الريبة، وذلك للجهات الأمنية المسؤولة، أو لأقرب نقطة شرطية أو عسكرية".

وعلّق عضو مجلس نقابة الصحافيين، محمد سعد عبدالحفيظ، على البيان، بالقول "صياغة مسيئة للنقابة وللدولة معًا، ولم يعلم بها معظم أعضاء المجلس. كان أولى بنا أن نكتفي بإدانة العملية الإرهابية ودعم الدولة وأجهزتها في تلك المواجهات، ولم أكن أتخيل أن تتحول النقابة إلى محرّض في بيان رسمي. الأجهزة الأمنية لم ترتكب تلك المزايدة ولم تطلب من المواطنين أن يبلّغوا عن بعضهم البعض".

أما الإعلام الدولي الذي اعتمدت عليه وسائل الإعلام المصرية في نشر الأخبار، خلال الساعات الأولى من الحادث، فمكاتبه في مصر معرّضة للغلق. وأصدرت الهيئة العامة للاستعلامات، بيانًا دانت فيه تغطية "رويترز" و"بي بي سي"، ووجهت من خلاله احتجاجًا شديد اللهجة إلى كليهما، وأبدت ملاحظات على ما قامت بنشره كل منهما حول واقعة "الواحات البحرية".

وجاء في البيان "في ظل الحرب التي تخوضها مصر دفاعًا عن شعبها وشعوب العالم ضد الإرهاب الدموي الذي يضرب في كل مكان، نشرت كل منهما أن عدد الشهداء من قوات الشرطة بلغ 52 شهيداً منهم 23 ضابطاً، بحسب رويترز، و18 بحسب BBC، وذلك استنادًا إلى ما أسمته بمصادر أمنية لم تحددها... الحقيقة لا يليق من الناحية المهنية باثنتين من أكبر وسائل الإعلام في العالم أن تقعا في أخطاء مهنية فادحة أبرزها: الاستناد إلى ما أسمتاه بمصادر أمنية لم تحدداها، بينما لم تنتظر أي منهما أو تلجأ إلى السلطات الأمنية الرسمية لكي تحصل منها على المعلومات الحقيقية. ويخالف هذا القواعد المهنية المتعارف عليها دولياً في تغطية العمليات الإرهابية، التي قد تستلزم مواجهتها الأمنية الانتظار لبعض الوقت حتى إعلان المعلومات الرسمية عن نتائجها".

وأضاف "تعمُّد التلاعب في نص البيان الرسمي الأول لوزارة الداخلية والذي يصف العناصر التي قتلت وأصابت رجال الشرطة بالعناصر الإرهابية. فقد أضافت الـ BBC العربية بداخل النص المفترض أنه منقول حرفياً، جملة: (العناصر التي وصفتها بالإرهابية)، أي وزارة الداخلية، وهو ما يعد تلاعبًا بنص منقول يتحمل قائله مسؤوليته. كما يوحي هذا من ناحية أخرى بأن الـ BBC العربية لا توافق على وصف هذه العناصر الإجرامية بالإرهابية. وقد قامت الـ BBC الإنجليزية ووكالة رويترز باللغة الإنجليزية باستبدال مصطلح (الإرهابيين)، الذي لا يوجد غيره من حيث الدقة والواقعية لوصف تلك العناصر، بمصطلح (المقاتلين) الذي يمكن أن يعطي باللغة الإنجليزية إيحاءات إيجابية للقارئ".

وختم "الهيئة العامة للاستعلامات تطالب الـ BBC ووكالة رويترز وغيرهما من وسائل الإعلام التي اعتمدت على ما أسمته (مصادرها الخاصة)، أحد أمرين، إما نفي صحة ما سبق لها نشره من أرقام للضحايا وتأكيد الأرقام الرسمية، والاعتذار عن عدم دقة هذه المعلومات ومصادرها، أو لو كانت تستطيع أن تؤكد أرقامها، التي نؤكد عدم صحتها، أن تقوم بنشر أسماء هذا العدد الكبير من الضحايا المزعومين".


المساهمون