عامٌ على مسيرات العودة: الصحافيون يتحدّون الاحتلال

عامٌ على مسيرات العودة: الصحافيون يتحدّون الاحتلال

30 مارس 2019
استهدف الاحتلال الإسرائيلي الصحافيين عشوائياً (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
لم تثنِ الممارسات الإسرائيلية الممنهجة الصحافيين الفلسطينيين عن الاستمرار في تغطيتهم لفعاليات "مسيرات العودة وكسر الحصار" التي انطلقت قبل عام على حدود قطاع غزة الشرقية مع الأراضي الفلسطينية، برغم سقوط شهيدين منهم وعشرات الجرحى.

ولا تزال التغطية الإعلامية الميدانية الفلسطينية متواصلة لمختلف فعاليات "مسيرات العودة وكسر الحصار" التي انطلقت في ذكرى "يوم الأرض"، في الثلاثين من مارس/ آذار عام 2018، وتطالب بإنهاء الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم وأراضيهم التي هجروا منها قسراً على أيدي العصابات الصهيونية عام 1948.

وعلى الرغم من استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي المدججة بمختلف أنواع الأسلحة الصحافيين بالرصاص الحي والمتفجّر والمطاطي وقنابل الأعصاب وقنابل الغاز المسيلة للدموع واستشهاد الصحافيين ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين وإصابة أكثر من ثلاثين منهم بإصابات متنوعة، إلا أن القطاع الإعلامي الفلسطيني يزداد ثباتاً وإصراراً على نقل الأحداث، متحدّياً العوائق الإسرائيلية.

ويواصل الصحافيون الفلسطينيون والناشطون الإعلاميون التغطية، ونقل صوت المتظاهرين السلميين، سعياً إلى فضح الممارسات الإسرائيلية واستخدامها القوة المفرطة لقمع المتظاهرين على طول الشريط الحدودي لقطاع غزة من شماله حتى جنوبه.

وتحاول التقارير الصادرة من قطاع غزة، عبر الصحافة المحلية والعربية والدولية، تكذيب الرواية الإسرائيلية التي تحاول "شيطنة" المتظاهرين السلميين عبر الرواية الفلسطينية التي تظهر مظلومية الفلسطينيين، وتسلط الضوء على حقيقة المطالب والشعارات التي يرفعها المشاركون في المسيرات التي تؤكد على حقهم في حياة كريمة في مدنهم وقراهم المسلوبة.



تحدّ جديد
يقول مدير مكتب "قناة الجزيرة" في غزة، الصحافي وائل الدحدوح، لـ "العربي الجديد"، إن "الصحافي الفلسطيني يحاول مواكبة الحدث على مدار الوقت"، معتبراً أن "مسيرات العودة وكسر الحصار" التي تحمل طابعاً مختلفاً عن باقي التحركات الفلسطينية فرضت تحدياً جديداً أمام الصحافي الفلسطيني ومنحته تجربة جديدة.

ويبيّن الدحدوح أن الصحافيين الفلسطينيين تمكنوا من التعامل مع المسيرات مستفيدين من تجربتهم في تغطية الحروب والعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة. ويرى أن الصحافي الفلسطيني كان على مستوى الحدث، ونقله بكل مهنية ووضوح.

ويوضح أنّ التغطية الإعلامية تُربك المنظومة الإسرائيلية التي تستخدم الوسائل الخشنة والمفرطة في القوة ضد المدنيين السلميين، ما يدفع جنود الاحتلال إلى رد فعل قاسٍ بالانتقام من الصحافيين واستهدافهم مباشرة.

و"ميدان الأحداث لا يزال شاهداً على عمل وتفاني الصحافيين الذين باتوا يدركون ثمن نقل الصورة والحقيقة، وأن استمرار التغطية قد يودي بحياتهم ما لم يتوقفوا عن أداء رسالتهم"، وفق الدحدوح الذي يؤكد أنه "طالما هناك حدث، يجب أن تقابله تغطية".



ترقب العودة
مصور "الوكالة الفرنسية للأنباء" (فرانس برس) محمد البابا أصيب خلال تغطيته الإعلامية لـ "مسيرات العودة" سابقاً بقدمه. ويقول البابا لـ "العربي الجديد": "تعافيت من إصابتي، وتمت إزالة جهاز البلاتين الخارجي، وأمارس منذ شهرين العلاج الطبيعي، لكن قدمي لا تزال تخونني بسبب وجود التهابات، وفرق حوالي نصف سنتيمتر بين القدمين، ما يسبب لي العرج وعدم التوازن".

ويتمنّى المصور الصحافي الفلسطيني أنّ يعود قريباً للعمل وتغطية "مليونية العودة" التي ستنظم اليوم بمناسبة مرور عام على انطلاق "مسيرات العودة وكسر الحصار".
ويشير إلى أن الصحافيين الفلسطينيين "استطاعوا تغطية المسيرات بطريقة محترفة تستحق التقدير، وتستحق الجوائز الدولية التي حصدها عدد منهم"، موضحاً أن الاعتداءات الإسرائيلية على الصحافيين خلّفت شهيدين، وإصابة عدد آخر، منهم من أصيب أكثر من مرة، بينما لا يزال البعض منهم يتلقّى العلاج حتى اللحظة.

ويؤكد البابا أن الصحافيين يقفون على مستويات واضحة من قوات الاحتلال، ويلتزمون بالمعايير كافة، إلا أنهم يتعرضون للاستهداف، مشدداً على أن التغطية لا تزال متواصلة على الرغم من خسارة الصحافيين لمعداتهم من دون أي تعويض.



مهمة وطنية وإنسانية
على مدار عام كامل، كانت مراسلة "تلفزيون فلسطين" الرسمي، صفاء الهبيل، موجودة في مخيمات العودة على الحدود مع الأراضي المحتلة. وتقول الهبيل لـ "العربي الجديد": "لم نحصل على إجازات، ولم يكن الوقت كافياً سوى لتغطية الانتهاكات التي يتعرض لها المشاركون السلميون في التظاهرات على مدار الساعة".

وتشير إلى أن الصحافيين قاموا بتغطية 52 جمعة على مدار عام انطلقت خلاله "مسيرات العودة وكسر الحصار" وبدأت معها "مهمة مهنية وطنية وإنسانية" لكل صحافي وصحافية، موضحةً أن طواقم "تلفزيون فلسطين" حضرت في النقاط الخمس لتجمعات المتظاهرين من شمال القطاع حتى جنوبه.

وتضيف: "تعرضنا خلال التغطية لمصاعب، إلا أننا استطعنا تجاوزها لننقل الصورة للعالم أجمع، وتوثيق الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الأبرياء العزل"، مبينة أن تجربة التغطية الميدانية ليست جديدة، لكنها كانت الأخطر، إذ إن "رصاص الاحتلال وقنابل الغاز وُجهت بشكل عشوائي ومُركز لإيقاع إصابات، وهذا ما حدث لنا وتعرضنا له أكثر من مرة"، وفق قولها.

وتشدد الهبيل على مواصلة التغطية بمختلف الوسائل وتوثيق الانتهاكات، لتكون دليلاً دامغاً أمام المؤسسات والمحافل الدولية لإدانة الاحتلال، وقالت "نحن منظومة إعلامية متكاملة، ونعمل وفق خطة تقترب في أهدافها من المواطنين وقصص نجاحاتهم وأحلامهم بالعودة وقصص المصابين وتحدياتهم".

أصحاب قضية
يؤكد المصور الصحافي عبد الرحمن الكحلوت الذي أصيب مرات عدة خلال تغطيته الإعلامية للمسيرات أنّ الصحافيين الفلسطينيين تعرضوا خلال عام من المسيرات المتواصلة إلى جملة من الانتهاكات الإسرائيلية بحقهم.

ويفصّل الكحلوت الحديث مع "العربي الجديد" عن إصاباته بالقول: "استهدفت في المرة الأولى في 27 إبريل/ نيسان الماضي بطلق متفجر أسفل القدم، على الرغم من ارتدائي بزة الصحافة الزرقاء. وبعد عودتي للميدان، استهدفت بقنبلة غاز في يدي، وأخرى في كتفي"، موضحاً أن عدداً من الصحافيين أصيبوا بطرق مختلفة، لتغييبهم عن المشهد.

والصحافي الفلسطيني، وفق الكحلوت، صاحب قضية، ومن واجبه مواصلة التغطية بهدف تعرية الإجراءات الإسرائيلية المتواصلة ضد كل ما هو فلسطيني، موضحاً أنّ "الاحتلال يرغب في أن يُظهر غزة وكأنها سجن للإرهابيين، ودورنا أن نفنّد هذه الرواية، وأن نظهر مختلف الجوانب التي تدلل على سعي الفلسطينيين نحو الحرية والسلام".

المساهمون